الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قسيم الجنة والنار

بواسطة azzaman

قسيم الجنة والنار

علي حسين الخفاجي

 

في عمق التراث الإسلامي تنسج معاني الجنة والنار لوحة أخلاقية تجمع بين النقاء الروحي ومطالب الحياة الدنيوية، ومن أبرز نماذج هذا المنهج الذي يجمع بين الروحانيات والعمل الصالح، هو شخصية الإمام علي بن أبي طالب (ع)، حيث جسد في سيرته أسمى معاني العدالة والإخلاص والتضحية في سبيل نصرة الحق. إن التعمق في حياتهِ يُظهر لنا بأن الجنة ليست مجرد حياة ما بعد الموت، بل هي حالة من الإرتقاء الأخلاقي والروحي تتحقق بعد إلتزامات عدة ترسم منهج حياة الإنسان.  والنار ليست مجرد عقوبة آلهية على الفرد، بل هي تراكمات من الأعمال الناتجة عن الإنحراف عن مبادئ الحق والعدل.

يعتبر علي أبن أبي طالب أن الإنسان يُبنى على أساس الضمير الحي والأخلاق السامية، اللذان يوجهان الإنسان الى إصلاح النفس بتعزيز قيمة الفرد لذاته، وتعظيم قيمة الإنسان بشكل عام كما قال بنفسه في نهج البلاغة : قيمة كل أمرىءٍ ما يُحسنه. وهنا تتضح لنا معايير حقيقية تتجسد الجنة من خلالها في ملامح الإنسان الذي يسعى لتطوير ذاته خدمةً لنفسهِ وللآخرين، وتقضي هذهِ المعايير بأن النار ليست قضاءً محتوماً بل يمكن أن يتغير مصير الإنسان إذا ما نجح في تحقيق التوازن بين متطلبات الروح والجسد.علي لم يكن مجرد رجل صالح، إمام، أو وصي، بل كان منهجاً تجسدت قيم الحياة الحسنة فيه.

مبادئ الصدق

تبلورت صورة الجنة والنار من حياتهِ المحددة بمبادئ الصدق والعدل والتسامح، وكانت مسيرته مثالاً حياً ونموذجاً ملهماً لكل من يسعى الى الإرتقاء بالإخلاق وتحقيق الذات خدمةً للإنسانية. إذ أن من أروع ملامح شخصيته هو حرصه الدائم على نصرة المظلوم وتقديم العون للمحتاجين، بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم متجاوزاً بذلك كل الإنقسامات لما فيه مصلحة للمجتمع ككل. بالإضافة الى إتسامه بالحكمة التي جعلته متمسكاً بمنهجه الإصلاحي التقويمي، إذ رفض الحكم قائلاً : أنا لكم وزيراً خيرٌ لكم مني أميراً. طالباً البيعة على المنهج والخط الإسلامي، وليس على الخلافة السياسية. ولكن لم يملك قرار أخر سوى القبول بالخلافة ليستمر بمنهجه في تنمية المجتمع وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية، رغم الفوضى السياسية التي جعلته يتخذ مبدأ القوة للتعامل معها في سبيل تعزيز العدالة وتقوية أركان الدولة لبناء تجربة إسلامية صحيحة. مضحياً بنفسهِ وبما يملك من أجل المبادئ التي جعلته رمزاً خالداً ومنارة تضيء دروب الحياة لإرشادنا الى كيفية التصرف مع قيم الحق والإيمان في حياتنا. ليصبح الخط الفاصل بين الجنة والنار بإتباع مبادئه الإسلامية الصحيحة أو تركها والغرق في مستنقع الحاجات الدنيوية.

 

 


مشاهدات 136
الكاتب علي حسين الخفاجي
أضيف 2025/03/23 - 2:41 PM
آخر تحديث 2025/04/19 - 12:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 941 الشهر 19598 الكلي 10900245
الوقت الآن
السبت 2025/4/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير