الحكمة أساس الملك
علي حسين الخفاجي
«سوفيا» أو «صوفيا» هي لفظة يونانية قديمة أستخدمها الأغريقيين للدلالة على الحكمة، والتي أشتُقَ منها لفظة «سفسطائي» والتي تعني رجل الحكمة..مُكونةً بذلك المفهوم الفكري للنظام السياسي بقيادة الحكماء كما في جمهورية «أفلاطون». مروراً بفضيلة «سقراط» الذي يراها تلازم المعرفة العليا المُلخصة بقيم ومعاني أخلاقية ثابتة يجب ان يتحلى بها صناع القرار، حيث يؤكد سقراط عن لسان أفلاطون أن السياسي الصالح هو الحكيم العاقل الذي يشع نور حكمته عدلاً على مواطنيه، وليس ذلك الشخص الذي يفوز في الإنتخابات. وأن الحكم هو فن خاص يجب أن يفضي الى من يتحلون بالحكمة، فهم يضعون القوانين والخطط المناسبة لتطبيقها محققين العدل والإستقرار في دولهم.
فالحكمة إذن ركيزة أساسية لبناء قيادة قادرة على تحليل الظروف، تقييم الإنعكاسات، وأختيار الحلول المناسبة التي تخدم المصلحة العامة. وعند التحلي بها يتحول الفكر السياسي الى وسيلة فاعلة بتطوير السياسيات العامة للبلد، مرتكزة على مبادئ الشفافية، العدالة، وضمان الحقوق في توزيع الموارد والفرص على المجتمع. إن القيادة الحكيمة تترفع عن إستخدام القضايا السياسية، الإجتماعية، والدينية كمادة إنتخابية لها، وتتحلى بروح وطنية عالية بسبب وضع المصلحة العامة نصب أعينهم مُبعدين المحاصصة وتقسيم المناصب عن أهدافهم الخاصة كانت أم العامة.
يواجه صناع القرار في العراق تحديات عديدة أهمها التحديات الإقتصادية، الصراعات السياسية، والتشتت الإجتماعي فضلاً عن التدخلات الخارجية التي ساهمت بتعزيز الأزمات المختلفة في البلد. وبمثل هذهِ الظروف يتجلى دور الحكمة في تعزيز خطاب الدولة وتحقيق تماسك بالموقف السياسي، لإنجاز تحرك نوعي يضمن تحقيق الطموحات الإجتماعية والسياسية بوجود إقتصاد قوي، مكانة دولية، وإستقرار داخلي نسبي على المدى المتوسط. ولا يمكن تطبيق ما ذُكر إلا بوجود أرادة وطنية حقيقية، تتبني أساليب مبتكرة في الإدارة على أساس رؤية عميقة ومعرفة كبيرة بجذور المشاكل وطرق حلها وكيفية ضمان إيجابية الإنعكاسات بعد التنفيذ.