بيوت كبيت العنكبوت
اميمة ابراهيم
تجلس الطفلة حائرة في نظراتها تحاول استيعاب ما يجري حولها , تارة تشعر بالخوف عندما تعلو وتيرة الاصوات من حولها , او تشعر بالقلق والاضطراب عندما يعم الصمت تارة اخرى , الامر الوحيد الذي ادركته ان والدتها قد رحلت ووالدها لا يريدها , وهناك شخص غريب سيأخذها لمكان جديد ..مجهول . ان ظاهرة تخلي الابوين عن اطفالهم هي ظاهرة فرضت نفسها على واقع المجتمع العراقي مؤخرا . حقيقة مؤلمة ما آل اليه حال الاسرة العراقية التي طالما عرفت بتماسكها وتآزر افرادها امام شتى الرياح التي عصفت بها من حروب وظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية صعبة. لم تعد المشكلة كما في قصة سندريلا عن اب وام ماتوا وتركوا طفلتهما بيد زوجة الاب الظالمة , بل تعداها الى واقع مرير بقرار تخلي الابوين احدهما او كليهما عن اطفالهما عن اصرار وترصد تحت اسباب واهية (ان لم نقل تافهة وسطحية) كالطلاق وزواج الام والاب, وضغوطات مالية, او ضغوطات نفسية !!!!! هل وصلت العلاقات الاسرية الحديثة الى التدني والوهن كبيت العنكبوت؟! بيت تعشعش فيه علاقات مريضة متشابكة وهشة لم تبنى على اساس متين من المودة والرحمة , واصبح فيه عمود البيت كصرح فارغ يركض خلف ملذات الحياة , وجف نبع الحنان الدافئ , فعلى من يقع اللوم؟؟ ينشأ الاولاد وهم يرون تلك العلاقة الهشة بين الام والاب كصورة واهية طبعت في اذهانهم عن معنى العلاقة الزوجية وتربية تفتقر الى التوجيه بتحمل المسؤولية فظهر جيل لا يحسن اختيار شريك حياته وغير مدرك لمعنى وقيمة تلك العلاقة. ما نحتاجه فعلا هو تفعيل قانون يحاسب الابوين وبشدة ليس فقط بسبب التخلي عن اولادهما بل عن انشاء جيل جديد مسؤول عن تحطم مجتمع وهدم وطن.