الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المدينة الفاضلة في منظور التصوف

بواسطة azzaman

المدينة الفاضلة في منظور التصوف

نوري جاسم

 

المدينة الفاضلة هي حلم يراود الإنسانية منذ القدم، وتنوعت الرؤى والتصورات حول هذا المجتمع المثالي في مختلف الثقافات والأديان والفلسفات، وفي منظور التصوف والعرفان الكسنزاني، تحمل المدينة الفاضلة دلالات روحية عميقة تستند إلى مبادئ السمو الروحي والتكامل النفسي والانسجام المجتمعي، والتصوف والعرفان الكسنزاني يعتبر المدينة الفاضلة ليست مجرد مكان جغرافي أو نظام اجتماعي مثالي بل هي حالة روحية ونفسية يبلغها الفرد من خلال السعي إلى معرفة الذات والحقيقة المحمدية للوصول الى حالة الحب والعشق الإلهي، وفي الأدبيات الكسنزانية المدينة الفاضلة تُرى كمرآة لعالم الروح، حيث يتمكن الإنسان من تحقيق ذاته وإصلاح وتزكية نفسه، بالذكر الدائم للحق جل جلاله، وبهذا يسود السلام الداخلي والخارجي.

 ويشدد التصوف والعرفان الكسنزاني على أن الطريق إلى المدينة الفاضلة يبدأ بالتحلي بمكارم الأخلاق والسير على نهج المحبة والتسامح والإحسان برفقة الولي المرشد، والفضل في الوصول إلى هذا المقام الروحي يعتمد على الإخلاص في العبودية والتفاني في خدمة الخلق، حيث يعتبر العارف الكسنزاني أن العبودية الحقة تقود إلى الحرية الحقيقية، والأدبيات الكسنزانية تزخر بالرموز والإشارات التي ترسم صورة للمدينة الفاضلة، والكسنزانية ترى أن المدينة الفاضلة ليست مجرد تصور نظري بل هي واقع يمكن تحقيقه من خلال تفعيل القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية في الحياة اليومية،  ويشدد الكسنزانيون على أهمية الذكر والتأمل كوسيلتين لتحقيق الصفاء الروحي والانسجام مع الكون، مما يعزز فرص تحقق المدينة الفاضلة على أرض الواقع، ومن منظور الكسنزانية فأن المدينة الفاضلة هي مكان يتجلى فيه نور الحقيقة المحمدية والإلهية وتختفي فيه الظلمات.

ضل الخالق

وفي حقيقة الامر إنها المجتمع الذي يسود فيه العدل والمحبة والتعاون، ويعيش فيه الناس في تناغم مع أنفسهم ومع بعضهم البعض وتحت ظل الخالق يوم لا ظل إلا ظله، وفي هذا المجتمع المثالي لا وجود للظلم أو الفقر أو النزاعات، بل تسود فيه قيم الخير والجمال والحكمة، والتصوف والعرفان الكسنزاني يعتبر أن الطريق إلى المدينة الفاضلة يمر عبر تجربة الفناء والبقاء، حيث يفنى المريد في استاذه ومن ثم في نور العين سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم،  ومن ثم في حب الله ويتبقى به، مما يمكنه من رؤية العالم بنور البصيرة والحق.

 والمدينة الفاضلة ليست فقط مكانًا للسكن بل هي حالة من الوجود حيث يصبح كل فرد كائنًا نورانيًا يعيش في حضرة الله، ومن رؤى السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان القادري الحسيني قدس سره الفكرية والروحية ( ان المدينة الفاضلة هي المجتمع الذي يسوده نور المحبة والتسامح، حيث يتجاوز الإنسان ذاته ليصل إلى حالة الفناء في الحقيقة المحمدية النورانية المباركة) وفي المدينة الفاضلة، نعيش جميعًا في سلام وانسجام، نحب بعضنا ونتعاون في سبيل الخير والعدل، والمدينة الفاضلة ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي حالة روحية يمكننا تحقيقها بالسعي إلى المعرفة والمحبة والخدمة الصادقة، وفي المدينة الفاضلة، تختفي الفوارق ويتساوى الجميع في نور الحق، محققين العدل والرفاهية للجميع.

 والأدبيات الكسنزانية تؤكد أن المدينة الفاضلة تتحقق عندما يتمكن الإنسان من تجاوز ذاته المادية، مما يجعله يعيش في حالة دائمة من التوازن بين الروح والمادة والمحبة والنور في مجتمع الروح حيث يسود الصفاء والصدق والتواضع.

 ويكون الهدف الأسمى هو رضا الله وخدمة الإنسانية، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  ...

 

 

 

 


مشاهدات 502
أضيف 2025/02/07 - 11:21 PM
آخر تحديث 2025/02/19 - 9:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 230 الشهر 10292 الكلي 10405663
الوقت الآن
الأربعاء 2025/2/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير