ميزان الصحة والمال

اياد السعيد

في واحد من أغرب المواقف التي شهدتها عند الطبيب المعالج للأورام السرطانية دخلت إحدى المريضات وهي تعاني من ورم سرطاني منذ سنتين ومستمرة بعلاجها ومتابعة تطور الورم حيث لم تتعافَ منه أو تكتسب الشفاء التام .. كشف الطبيب عن حالتها حسب آخر التحاليل المختبرية فكتب تقريره بأنها مازالت تحت المتابعة والفحص المستمر لأنه وكل الأطباء يعرفون خبث هذا المرض وملازمته للمصاب حتى مع علاجه فهو يداهم المصاب بغتة ومن أجزاء وأعضاء غير متوقعة عديدة في الجسم .. إعترضت السيدة على تقرير الطبيب وخرجت غاضبة لتنتظر عند باب غرفة الفحص لعلها تجد من تشكو له وتستعطفه كي يكون وسيطا فيغير الطبيب تقريره فيكتب بدل ذلك أنها شفيت !! كانت حائرة تنظر بوجوه المراجعين متأملة بعدول الطبيب الفاحص عن قراره ، دنوت منها فسألتها مستغربا : سيدتي المحترمة ما كتبه طبيبنا هو في صالحك لكي تكوني بمأمن من المرض وأنت تعلمين أن هذه الآفة تباغتنا فجأة ويجب أن نكون حذرين منها بالفحص والمتابعة المستمرة والدورية . ردت السيدة قائلة : أبدا هذا ليس بصالحي فأنا موظفة وإن تقرير الطبيب سأسلمه للجنة الطبية التي ستقرر على أساسه ربما إحالتي على التقاعد بينما أنا أريد الإستمرار في وظيفتي أما التقاعد فيعني فقدان نصف راتبي الشهري !!  لم أستطع مجاراتها وتكملة حواري معها أو إقناعها بأن الصحة كنز يعادل كل أملاكها ورواتبها فهي حياتها وأعرف بوضعها ومالها وما عليها . لكني إستنتجت أن ثمة أطباء نزيهين ومخلصين في واجبهم وأن هناك أناسا لا يقدرون صحتهم وعافيتهم رغم أنهم فقدوها فتذكرت ما سمعنا ممن سبقونا أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء وأن العافية لا تشعر بها إلا حين تفقدها . كم تمنيت ان ترجع لي عافيتي لأبادلها بكل ما أملك !!