منح رُتب الركن
فاتح عبد السلام
اذا كانت محاججة بعضهم بشأن الدمج في القوات المسلحة العراقية ومنح الرتب العالية لعناصر مليشيات او مدنيين، عملاً مبرراً كون انّ النظام العراقي السابق، قام بمثله في ترقية حسين كامل وعلي حسن المجيد من عريف او شرطي الى رتبة فريق أول ركن ومنصب وزير الدفاع، فإنّ البلد يتجه، لا محالة ، نحو الهاوية في أي منعطف مقبل.
انّ مناقشة تفكيك فصائل معينة ودمجها بالجيش أو الأمن، بوصفه حلاً، وهو أمر غير قابل للتنفيذ في أصله، يجب ألا يكون باباً لتهشيم المؤسسة العسكرية النظامية التي تعاني هي ذاتها من سلبيات سابقة، وانّ ارتكاب الأخطاء بعد أكثر من عشرين سنة من تجربة الحكم يضع علامات استفهام جدية حول السعي نحو صحة مسار الدولة ومراقبة بنائها. وأعتقد انَّ مناقشة ذلك في مجلس النوّاب له أولوية تسبق الأحوال المدنية وبيع العقارات وتزويج القاصرات، بالرغم من انه لا توجد سابقة في التصدي لهذا النوع من الاشكاليات.
هناك مَن يقول انّ أولئك الذين قدموا خدمات وناضلوا وقاتلوا، يستحقون التكريم بالرُتب، ولكن لو تخيلنا انّ تكريمهم جرى من خلال منحهم صفة بروفيسور في “جراحة الدماغ والجملة العصبية”، كيف سيكون مصير الذي ستجرى له عملية تحت أيديهم. هي نفس المعادلة والقياس، ولكن في مجال آخر.
لابدّ أن تجد المؤسسات والدولة صيغا للتكريم لا تمس بنية هياكل وجود الدولة واستمرارها.
المثير في ذلك كله، هو إصرار بعض الذين ينالون رتباً عالية للتكريم على حمل الخط الأحمر معها، بوصفهم من اصحاب» الركن»، تلك الدرجة التي تمنحها الاكاديميات العسكرية بما تعادل الماجستير وما فوقها، وتتيح لحاملها قيادة وحدة عسكرية ووضع خططها الدفاعية والهجومية والتعامل مع الأسلحة وتقنياتها كافة. يمكن معالجة هذه القضية من خلال قانون يمنح رتبا تكريمية لها شكل مغاير للرتبة العسكرية النظامية، ولا تكون لحاملها تدرجات هيكلية مشابهة تتيح له قيادة ضباط نظاميين، وهي عملية اعتبارية لتميزه عن اقرانه في سياق معين.
واذا كنتم مصرّين على الاقتداء بأخطاء النظام السابق المخزية في رتي حسين كامل وعلي حسن، فلكم أن تخترعوا مثل “السعفة الذهبية” التي منحها ذلك النظام للوزراء والدرجات المماثلة لحملها، وكأنّ العنوان الوظيفي العالي لا تكون له هيبة وقوة من دون وضع « رتبة» على الكتف.
بقاء المليشيات على حالها داخل الحشد او خارجه من دون المساس بها، خيار افضل كثيراً من الشروع بعملية دمج تخلط الأخضر باليابس وتضيع حقوق أصحاب الاستحقاق في المؤسسة العسكرية العراقية المعروفة بعراقتها واصالتها.
مَن يمنح الشرعية للتدخل الخارجي؟
