الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حينما يكون صديقك مشغولا كليًّا لا جزئيًّا

بواسطة azzaman

حينما يكون صديقك مشغولا كليًّا لا جزئيًّا

لطيف القصاب

 

كان صديقي أو زميلي. مررنا معًا بتجربة مهنيّة خطرة جدًا... ولأنّ الله شاء أن نبقى في سجلّات الأحياء؛ فقد نجونا من مجاميع الصكّاكة، والعلّاسة بإعجوبة إلهيّة مدهشة .

حالفه الحظ في أن يُصبح أستاذا جامعيًا قبلي بسنوات طويلة؛ ولأنّه مثابرٌ من طراز فريد فقد تسنّم مناصب تليق بقامّة عراقيّة محترمة. لستُ مواظبا على أداء الواجبات الاجتماعية لاسيما ذات الصبغة البروتوكولية الرسمية، وقد علّمتني التجارب السابقة أن الأصدقاء حين يتسنّموا مناصب مهمّة تقلّ اهتماماتهم بعلاقاتهم القديمة غالبًا، لكنني أوهمتُ نفسي بفكرة أن هذا الشخص تحديدًا مختلف عن غيره تمامًا لذا فقد عزمتُ على تقديم واجب التهنئة له عندما صار عميدًا في إحدى كلياتنا العتيدة، حينها كان مشغولًا للغاية لكنّه تفرّغ لي تفرغًّا (جزئيا) فاستعدنا معًا بعض ذكريات ذلك الزمن (الخطير)! قبل مدة ليست بعيدة كثيرًا من هذا التاريخ أصبح صديقي القديم الرجل الأول في الجامعة الأثيرة على نفسه ونفسي، لكننّي هذه المرّة كنتُ أمرّ بظرف صحي قاهر منعني من أداء عملي الذي أكسب منه قوتي وقوت عيالي فضلًا عن عدم قدرتي على تأدية الواجبات الاجتماعية المعتادة، وحالما استعدت شيئا من عافيتي حتى بدأتْ تراودني فكرة زيارة السيد الرئيس! وبعد هنيهة من التردد شرعت بالاتصال به هاتفيا تمهيدا لزيارته في بيته العامر، أو مكتبه الفاخر لاحقا، ولعلّي كنت سأقتني له إكليلا من الزهور إظهارا للمودة والسرور، فمادام أخوك بخير فأنت بخير كما يقول المثل العراقي الشهير، لكن الهاتف أفسد عليّ خطتي بالكامل حين ردّ عليّ بالقول :

الرقم المطلوب غير داخل في الخدمة!

ولأنني إنسان عنيد لا يستسلم بسهولة أمام خيبات الأمل، وعوامل اليأس، والإحباط فقد قررتُ البحث عن صديقي القديم في مدينة الفيس بوك العالمية فكانت المفاجأة السيئة أنني لم أعثر على صفحته الشخصيّة أبدا، وبينما أنا منهمك في إيجاد طريقة ما للقاء الصديق الرئيس روى لي بعضهم حكايات غريبة عن تصرفاته بُعيد استلامه المنصب الجديد، فأقلعتُ عن محاولات الإمساك بالرجل، لكنني بدأت بإقناع نفسي ثانيّة بقصّة أن هذا الرجل بالذات يختلف عن الآخرين الذين سرعان ما يتنكرون لماضيهم، لكنّه مشغولٌ كليًّا لا جزئيّا...

 


مشاهدات 53
الكاتب لطيف القصاب
أضيف 2025/01/17 - 11:52 PM
آخر تحديث 2025/01/18 - 10:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 230 الشهر 8146 الكلي 10198111
الوقت الآن
السبت 2025/1/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير