الحكمة ضالة المؤمن حقاً
علي عبد الرحمن الحيدري
ما زال الأستاذ الكبير صاحب الفكر المستنير المُنير السيد حسين السيد محمد هادي الصدر (حفظه الله) يرفد المكتبة العربيّة ويزيّن جيدها بأجزاءٍ جديدة من معلمته الكبرى: (موسوعة العراق الجديد)، وفي فترةٍ وجيزة وقياسيّة بعد صدور: (همسات) الجزء العاشر بعد المئة من الموسوعة، صدر الجزء الحادي عشر بعد المئة منها والذي حمل عنوان: (الحكمة ضالة المؤمن)، ويقع في 176 صفحة من القطع الوزيري.
وأول ما يشد القارئ الفطن للوقوف على هذا الجزء والارتشاف من رحيقه هو عنوانه الجميل المُختار بعنايةٍ فائقة والمنتقى من الحديث المنسوب للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): (الحكمة ضالة المؤمن)، وقد سبق للمؤلف أن سمّى أحد أجزاء هذه الموسوعة الكبيرة التي لا يستغني عنها عالمٌ أو طالبُ علمٍ بأحد الأحاديث المنسوبة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الجزء المسمى: (الكلمة الطيبة صدقة) في إشارةٍ بالغة الدلالة إلى خطورة الكلمة والقول.
ولا أرى بأساً من الوقوف يسيراً عند أسماء بعض أجزاء هذه الموسوعة، وإن كان هذا الأمر بحد ذاته يحتاج لبحثٍ طويل، لعل بعض الأفاضل ينهد للكتابة عنه مفصلاً.. فأقول أن هذهِ الأسماء يمكن تقسيمها إلى أقسامٍ عديدة:
1. فهناك الأسماء الثنائية المترادفة مثل: (أخبار وأسرار) و(أحداث وأحاديث) و(مشاهد وشواهد) و(ظواهر وخواطر) و(مواقف وعواطف) و(تجارب وعجائب) و(وقائع وروائع) إلى: (مناهج ونتائج) الذي كتبتُ عنهُ مقالة سابقة.
2. وهناك الأسماء ذات الكلمة الواحدة، وأرى أن اختيارها قياساً بالأسماء المترادفة أصعب بكثير ومنها: (ومضات) و(اضاءات) و(فوضى) و(مفارقات) و(اصداء) و(قراءات) و(شذرات) و(قناديل) و(خلاصات) و(رواء) و(شموع) و(همسات) الذي كتبتُ عنه هو الآخر مقالة سابقة.
3. وهناك الأسماء المقتبسة من الأحاديث أو الحِكم ومنها: (جعجعة ولا طحين) و(الكلمة الطيبة صدقة) و(المؤلفات خير المخلفات) و(الحكمة ضالة المؤمن) وغيرها.
4. وهناك الأسماء التي تُشير إلى مرحلة كتابتها مثل: (المرحلة الراهنة وتضاريسها الداكنة) و(من حصاد الحصار) والذي كُتب إبان انتشار وباء الكورونا في العالم.
وعوداً على بدءٍ بعد هذه الوقفة العاجلة واللمحة الخاطفة، ننبه إلى أن هذا الجزء مثل الأجزاء التي سبقته عبارة عن مجموعة بديعة من المقالات التي نُشر أغلبها في صحيفة الزمان الغراء، والتي تتناول مواضيع تاريخية وقصص وعبر ونصائح أخلاقيّة وقضايا تربويّة وإجتماعيّة.
تاريخ صحفي
ومن المقالات المميزة التي استوقفتني في هذا الجزء (الصحافة صوت الشعب)، وحديثُ المؤلف عن الصحافة ينم عن خبرةٍ ومعرفة وسعة إطلاع في هذا المجال، كيف لا وهو صاحب التاريخ الصحفي المخضرم كما سبق الإشارة لذلك في مقالاتي السابقة عن كتبه، وقد قال المؤلف المحترم في هذه المقالة:
(إن الصحافة مظهر حضاري، ومعلم مهم من معالم هوسة البلدان، فحيث تنهض الصحافة بدورها المركزي في تغطية الأخبار، ونشر الأفكار القيّمة والرؤى الغنية بمعطياتها، والنقد العادل لممارسات السلطة بعيداً عن المحاباة والمداهنة.
وروائع الأشعار والمقالات في شتى النواحي الحياتية، تكشفً عن وجود حقيقيّ لما سمّي بـ(السلطة الرابعة) التي تسهم في التنوير والإثراء والإصلاح للواقع الفاسد).
وسيجد القارئ في هذا الجزء موضوعات مفيدة ومميزة تحث على الخلق الرفيع والتحلي به والتجنب عن الرذائل، والسعي وراء الحكمة التي هي ضالة المؤمن وغايته.
كما يحتوي هذا الجزء على ملف وتقرير مفصل عن مجلس الصدر الذي ينعقد في آخر ثلاثاء من الشهر الميلادي، ويُختم برباعيّة للأستاذ السيد داخل السيد حسن عن المجلس وصاحبه.
وفي الختام أذكركم بأننا نقرأ التأريخ كي نعيشه في واقعنا، ولذا فإن هذه الموسوعة تمنحنا فرصة لسبر أغوار الماضي والإبحار والتنقل في أزمان مختلفة، حتّى يعود كلّ واحدٍ منا محملاً بالدروس والعبر والحكمة والموعظة التي تنير حاضرنا ومستقبلنا، وقد قيل:
وَمَنْ وَعى التاريخَ في صَدْرِه
أَضافَ أَعمارًا إلى عُمْرهِ
فإلى العلامة الشهير المصلح الكبير الأستاذ السيد حسين الصدر ألف تحيّة وثناء ودعاء بأن يمده الله بالعمر المديد والعيش الرغيد لأن يُنجز ما بقي من أجزاء موسوعته الكبيرة باذخة الأهمية ومترامية الأطراف.