البكاء على الميت
ماهر نصرت
جئت بهذه السطور من الواقع المحلي ولم اتي بها من وحي الخيال واكثرنا يرى ويسمع مايجري من بكاء وعويل عند الدخول الى البعض من طقوس تشييع الموتى .. أنني ادعوا الى ترك هذه العادة التي لايجني الشخص من ورائها سوى المضرة لنفسه ويفقد اتزان شخصيته امام الناس فكل البشر راحلون الى العالم الآخر والفرق بين الباقي والراحل هو التوقيت فقط ... حيث يتميز الإنسان العراقي بشدة هياج عاطفته وميله الدائم إلى الحزن والبكاء العميق الذي يصل إلى درجة الهستيريا في الصراخ والعويل عند فقدان واحداً من أفراد عائلته وقد تذهب بعض النساء إلى لطم الخدود وتمزيق الثياب ونثر التراب على رأسها بدون وعي او يفعل هذا البعض منهن بتعمد امام الملأ لتبين للناس بأن المتوفي الراحل هو عزيز عليها الى هذه الدرجة العظيمة من الحزن ويحدث هذا على خلاف شعوب العالم الذين اذا رحل لهم راحل حملوا نعشه بصمت وساروا به إلى مقبرة المدينة حتى يكملوا هناك طقوس دفنه بهدوء من غير صراخ وعويل ولطم الوجوه والصدور فيعود كل منهم الى شأنه بعد انتهاء مراسيم الدفن ... لاشك بإنها صفة موروثة في العراق منذ الماضي البعيد على ما يبدو بعد ان تأثر هذا البلد بالنكبات على أثر موجات الاحتلال المتعاقبة التي عبثت في البلاد واضطهدت العباد منذ زمن المغول التتر ليومنا هذا .
في الحقيقة ان هذه الهستيريا العاطفية الشديدة نجدها تحصل في المناطق الريفية العشائرية بأضعاف مضاعفة من المدينة لأن الفتى أو الرجل هناك له أهمية كبيرة جدا فهو موضع فخر لعائلته أمام الناس لكونه مقاتل يدافع عن عائلته وعشيرته أمام الخصوم أيام الشدائد ... هذا وسأترك للقارئ حرية الرأي من أجل أن يتحقق بأسباب هذا الغلّو في نوعية الحزن وفق رؤيته الشخصية او من لديه إثبات تاريخي يقتفي فيه أثر هذا الهياج العاطفي الغريب لدى الفرد العراقي منذ القدم وسلامتكم .