خطاب سياسي أم تعصب؟

محمد علي

إن أبسط متابعة للواقع السياسي العراقي في أيامنا الراهنة (العام 2023)، تكشف لنا مقدار التحشيد الطائفي-العشائري-المناطقي الذي تمارسه الأحزاب السياسية العراقية؛ سواء من خلال الخطابات الرسمية الصادرة عن رئاسات الأحزاب أو من يمثلها؛ أو من خلال إعلاميين ومدونين ومنصات إعلامية مأجورة، غالباً ما يكون المسؤولين عن هذه الأخيرة مجهولي الهوية بالنسبة للرأي العام.

وهذا التحشيد مما سينتهي إن عاجلاً أو آجلاً بحرب أهلية قد لا تقل وحشية ودموية عن الحرب الأهلية التي عاشها العراق مرتين بعد العام 2003. المرة الأولى ممتدة ما بين العامين 2004-2008، والمرة الثانية مشتعلة ما بين العامين 2013-2017، وتخلل هاتين الحربين الأهليتين المئات من التفجيرات المختلفة والاختطاف العشوائي والتغييب القسري والتهجير ووو... ومما يؤسف له، أن مظاهر غياب الدولة وبالتالي غياب النظام والأمان، لا تزال قائمة، بل أصبحت هذه المظاهر تستند إلى القانون ومؤسسات فرض النظام؛ لتصفية أي مختلف أو تصفية كل من يقف حجر عثرة في وجه أي مشروع اقتصادي-سياسي-ديموغرافي-ديني-حزبي.

إن هذا الأسلوب الدعائي القائم على بث مختلف العصبيات؛ والذي تمارسه أغلب الأحزاب العراقية لضم مزيد من الأتباع، ليس بأسلوب سياسي وطني، وهو مما يحتم على شرفاء العراق من كُتاب ومثقفين ومفكرين وأكاديميين معارضته، وكل من موقعه ومسؤولياته المناطة به. (الحذر من اتخاذ الوطنية كمطية لتصفية حسابات غير وطنية ونيل مكاسب ضيقة).

إن هذا الأسلوب في التحشيد، يقدم المجتمع العراقي على طبق من ذهب لأي جهة خارجية لها مصالح في العراق، وقد ينتهي ببعض مكونات المجتمع العراقي إلى الزوال؛ يرافقه تقسيم جغرافي. (علينا ألا ننكر واقع التقسيم الجغرافي القائم، وإن كان غير معترف به رسمياً على الصعيدين المحلي والدولي، لكنه واقع اجتماعياً وديموغرافياً. وأظن أن التقسيم الجغرافي للعراق بصورة رسمية؛ يرجع أولاً وآخراً للمصالح الدولية والإقليمية، ولا قيمة أو وزن سياسي واجتماعي بل وعسكري للإرادة العراقية في رفضه).