الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رهبان الفساد وقواعدهم

بواسطة azzaman

رهبان الفساد وقواعدهم

إسماعيل محمود العيسى

حضرت يومًا ما في دولة عربية محاضرة عنوانها (اللعبة ) وكان المحاضر الألماني ذا الشعر المشتعل والوجه المبتسم والذي أخذت منه السنين مأخذها ومنحته ما يريد من حكمة ودراية ومعرفة ، كنت أتوقع انه سيتكلم عن فلم اللعبة بأجزاءه المعروفة ولكنه بحكمته تلك ساق لنا مفاهيم جديدة مفادها «أن لعبة السياسة تنبع من منظمات ومؤسسات دولية ودوائر مغلقة في الأغلب دينية» .

هذه الانتخابات كانت انتخابات مبكرة وتجريبية بامتياز  للسادة النواب … وقد نجح هؤلاء وبإمكانات الاحزاب المنضوين تحت لواءها باستغلال أموالهم واستمالة الكفاءات وتغريرهم لتزويق صورتهم وتلميعها للبقاء لدورة قادمة على كراسيهم.

كذبة الانتخابات في الأنظمة الديمقراطية لبلدان العالم الثالث ماهي إلا كذبة تضحك بها الأنظمة الفاسدة على الشعوب المقهورة فالقواعد الجماهيرية المصطنعة التي تنطلق منها عروش الفساد هي الأساس الذي تغذي تلك العروش وتمدها بالطاقة والحياة ؛ والمعركة غير المتكافئة التي خاضها المرشحون في انتخابات مجالس المحافظات في العراق هي خير دليل ؛ فما انفق عليها من أموال للدعايات الانتخابية  من صور للناخبين وشراء ذممهم واستغلال موارد الدولة والمال السياسي والنفوذ في تعيين ركائز لهم في مؤسسات الدولة لهو أكبر خطر هدد ويهدد عملية «الإصلاح السياسي» المزعومة من قبل رهبان الفساد وجلاوزة الأحزاب الفاسدة . واليوم أقول لا تنفع كلمة الإصلاح في العراق وإنما العراق بحاجة إلى إعادة بناء والتي تعني إعادة هيكل النظام السياسي من الأساس، لأن الإصلاح السياسي هو عندما تجري تغييرات أو تحسينات داخل النظام السياسي القائم دون إعادة بناء كاملة، وهذا قد يحدث عندما نجري الى عملية تحسين في العمل والتوجهات السياسية دون تغيير جذري في الهيكل أو النظام .. انتخابات مجالس المحافظات والتي نجح فيها رهبان الفساد بتعزيز سلطتهم وتقوية شوكتهم وسيطرتهم على مقدرات البلد ومن خلال دس عيونهم ووضع أيديهم في داخل مجالس المحافظات والتي هي حكومات مصغرة والتي نجحوا في اختيار الرديف لهم في مجالس المحافظات والتي اصبح المواطن فيها هو وقود نار الفساد التي تحرقه زيادة في اذلاله وعدم حصوله على حقوقه الا من خلال مكرمة المتابعة بالاتصال الهاتفي من السيد النائب أو مكتبه مع قواعد الفساد في مؤسسات الحكومة.

نستنتج من هذا كله بأن مساحة الأغلبية الصامتة قد ازداد ومخالب الفاسدين قد أوغلت في جسد المواطن مما جعل التحدي أكبر لكن هذا كله جعل وقت حساب الفاسدين وقواعدهم  قد اقترب «ولات حين مناص».

 


مشاهدات 555
الكاتب إسماعيل محمود العيسى
أضيف 2023/12/30 - 12:50 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير