قداس عيد الميلاد بين الأنقاض بتركيا لطي صفحة الزلزال
انطاكيا (أ ف ب) - في تركيا، وفي موقع الكنيسة الأرثوذكسية في أنطاكية التي دمرها زلزال في السادس من شباط ، فضلت السلطات توخي الحذر والاحتفال بقداس الميلاد بعد الظهر في مدينة ما زالت في حالة فوضى.في محاولة لجعل الناس ينسون ليوم واحد الأجواء الدولية القاتمة في نهاية السنة، وتقف شجرة صنوبر كبيرة ثابتة فوق الأنقاض، وهي الأثر الوحيد المتبقي من مبنى الكنيسة الأرثوذكسية في أنطاكيا بعدما دمره الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا في 6 شباط. تتأمل لورا سواديوغلو (53 عاما) الشجرة والمصابيح الصغيرة التي زينها بها مؤمنون رغم الخراب المحيط بها.وتقول سواديوغلو “لقد زرعت هذه الشجرة بيدي قبل 12 عاما، إنها كل ما تبقّى من الكنيسة... ولكن من المريح حقا أن أراها نضرة بهذا الشكل».
لم يكن الليل قد حلّ يوم 24 كانون الأول، لكن السلطات فضلت التزام الحذر والاحتفال بقداس عيد الميلاد في منتصف فترة ما بعد الظهر، في مدينة لا تزال فريسة للفوضى بعد مرور عشرة أشهر على الهزات الأرضية العنيفة التي خلّفت 50 ألف قتيل على الأقل في تركيا وأكثر من 5000 في سوريا المجاورة.
أنطاكيا القديمة، أحد مهود الكنيسة المسيحية، لم تعد قائمة لكن سكانها يرفضون تركها للحيوانات الشاردة والغبار.كانت لورا مسؤولة عن صيانة الكنيسة الأرثوذكسية لمدة 28 عاما. وتشرح مازحة «لقد اقترح زوجي أن أحضر سريري إلى هنا لأنني قضيت الكثير من الوقت في المكان».أما وهبي تادراسغيل (55 عاما) فيقول «أنا هنا، من المهم بالنسبة لنا أن نحتفل بميلاد يسوع. لكنه عيد ميلاد مؤلم للغاية».
فقد هذا الأب اثنين من أبنائه الثلاثة في الزلزال، وهما شابان يبلغان 28 و35 عاما عثر عليهما مع والدتهما متوفين تحت الأنقاض.ويضيف تادراسغيل “آمل أن تكون أرواحهم هنا، وأنا متأكد من أن صلواتنا تصل إليهم و». يتذكر بأسى “في العام الماضي، كان هناك 1500 منا يتبادلون التبريكات ويضحكون».
لكن لا يكاد عددهم اليوم يصل إلى 500، يحملهم إيمانهم، للصلاة بين الجدران المنهارة.قليلون هم الذين لم يتأثروا بالمأساة، فقد اضطر معظمهم إلى البحث عن ملجأ في مكان آخر من البلاد وما زالوا ينتظرون أن يتمكنوا من العودة إلى مدينتهم.واستقر التاجر مايكل بوغوسوغلو (30 عاما) في مدينة فتحية على الساحل الجنوبي، وهذه عودته الأولى إلى مدينته منذ غادرها.ويقول “لقد جئت للمناسبة، نلتقي مع العائلة والأصدقاء. عيد الميلاد هذا يزعجنا. بعد الزلزال، تفرقنا، يعيش الجميع الآن في مدن مختلفة، حتى والدي وأخواتي. لم أتمكن من رؤيتهم لعدة أشهر».ويضيف “إنه عيد الميلاد وهذه الكنيسة تجمعنا أخيرا بعد عام 2023 الصعب للغاية».على بعد حوالى عشرين كيلومتراً من أنطاكيا، فقدت بلدة سمنداغ (السويدية) أيضاً جزءاً كبيراً من سكانها.
جرفت المياه كنيسة القديس إلياس ما دفع الأب عبد الله يومورتا للانتقال إلى كنيسة القديسة تقلا للاحتفال بقداس عيد الميلاد.
هنا، يسمح وجود مولد كهربائي بإضاءة الشجرة المزخرفة، ويوزع بابا نويل الحلوى والألعاب على الأطفال.يقول الأب يومورتا “دمر الزلزال بلدتنا التي كانت تقيم فيها 400 عائلة. ومع عيد الميلاد هذا العام، نريد أن نتمنى للجميع الحب والفرح والسلام. يجب علينا المضي قدما، وإعادة بناء حياة جديدة».ويضيف “مع ولادة الطفل يسوع، تبدأ حياة جديدة، بداية جديدة. وبالنسبة لنا أيضا، هنا، ستكون بداية جديدة».ويختم «عندما أرى هذا الحشد، ينشرح قلبي. آمل أن يبقى هذا الفرح وأن تظل هذه الكنيسة عامرة دائما».