الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المعايير المزدوجة وزعزعة الثقة بواشنطن والغرب

بواسطة azzaman

المعايير المزدوجة وزعزعة الثقة بواشنطن والغرب

رشيد العجيل

 

هل يمكن ائتمان سياسة أمريكا ودول أوربا بعد ما رأيناه من معايير مزدوجة في تعاملهم مع العرب ومجازرأطفال فلسطين

تعجز الكلمات عن وصف الفظائع التي حلت بغزة نتيجة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية حيث تزعم إسرائيل أنها كانت تعاقب الفلسطينيين لأن حماس أطلقت صواريخ على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول مما أدى إلى مقتل 1400 إسرائيلي. لكن إسرائيل تناسى أنها اضطهدت الفلسطينيين لمدة 70 عامًا وسرقت أراضيهم لإنشاء دولة إسرائيل ووسعت بلادهم إلى الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات، واعتقلت وسجنت آلاف الابرياء بضمنهم نساء واطفال دون محاكمة وعذبتهم، وتقتل الفلسطينيين كل يوم اضافة الى الاستيلاء على القدس والضفة الغربية. لقد حاول الفلسطينيون استعادة أرضهم حتى أنهم قبلوا بدولة إسرائيل لكن القمع والقتل وتدنيس الأقصى والاعتقال وبناء المستوطنات وما إلى ذلك مستمر لفرض واقع جديد.

الحقيقة هي ان أكتوبر عبارة عن خطة إبادة جماعية وضع خيوطها مجرم الحرب رئيس وزراء دولة الاحتلال وفريقه قبل عام من أكتوبر حيث اعترف وحكومته المتطرفة بالعلم بخطة الهجوم المزعومة وتفاصيلها بعد فضحهم في الإعلام المعارض. لقد ألقوا اللوم بشكل مباشر على جميع الفلسطينيين في هذا الهجوم واعتبروها حيوانات لا تستحق الحياة. لقد سعت الحكومة الحاقدة منذ اليوم الأول إلى تمزيق غزة وشعبها من أجل خلق نكبة جديدة. سخروا آلة ضخمة من الأكاذيب والدعاية الرخيصة حول ماحدث يوم الهجوم، فيما أظهرت العديد من مقاطع الفيديو للعالم وصول مروحية عسكرية بعد ساعات من بدء الأحداث، مستهدفة المدنيين الإسرائيليين والمقاتلين الفلسطينيين دون تمييز، مما أثار تساؤلات حول خطة الكسب الدولي للحصول على الدعم من خلال تسخير ماكينات الإعلام العالمي التي يملكها ويديرها أقطاب الصهيونية.

حل الدولتين

إن إعلان دولة الاحتلال أنسحابها من اتفاقيات أوسلو وحل الدولتين ورفض كافة قرارات الأمم المتحدة يثبت مشروع الإبادة الجماعية الشيطاني من خلال المجازر المستمرة ضد سكان يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة أعزل. هؤلاء المدنيون الذين أجبروا على النزوح بالقوة من منازلهم، أصيبوا بالصدمة أثناء انتقالهم حيث لا مكان أمن لهم في أي بقعة من أرض غزة ويعاني معظم الأطفال والنساء من الجوع والعطش حتى اليوم بعد أكثر من شهرين من بدء حرب الابادة.

أن ما يسمى بمعاقبة الفلسطينيين لا يتناسب مع الضرر الذي سببته حماس. لقد قُتل بالفعل أكثر من 18.000 من سكان غزة. 70 بالمئة منهم نساء وأطفال. وقد دمرت مدن بأكملها وتم قصف المستشفيات والمدارس مع انقطاع التيار الكهربائي والمياه والطعام غير متوفر. باستثناء عدد قليل من الإسرائيليين الذين تم أخذهم كرهائن، فإن إسرائيل كشفت عن وجهها الحقيقي في الحقد والاضطهاد العرقي والابادة الجماعية امام العالم وكل البشرية رغم أنها كانت تقدم نفسها كضحية تاريخية .

العالم كله يطالب بوقف إطلاق النار باستثناء الولايات المتحدة ومعها انكلترا– ابطال حقوق الإنسان والتحرر من الاضطهاد. تريد الولايات المتحدة أن تواصل إسرائيل القتل الجماعي للفلسطينيين، ليس فقط في غزة بل أيضاً في الضفة الغربية ولبنان. رغم انه لا توجد حماس في الضفة الغربية أو لبنان لكن إسرائيل تقصف الجميع وضد كل الفلسطينيين.

بالنسبة للنازيين كان الحل النهائي هو تخليص العالم من اليهود كما كتبوه للعالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. بالنسبة لإسرائيل، يبدو أن الحل النهائي هو تخليص العالم من الفلسطينيين. ولا يقتصر الامر على حماس فقط. الطريقة الوحيدة برأيهم لإنهاء الحرب هي قتل جميع الفلسطينيين في إبادة جماعية واسعة النطاق وربما معهم كل العرب الذين يعيق وجودهم تحقيق الحلم الصهيوني. الدليل والمؤشر على ذلك هوخريطة لدولة الكيان الصهيوني عرضها نتنياهو في اخر مشاركة لهذا الوحش السادي في خطابه في الأمم المتحدة التي تمهد لما يخططون الوصول له في المستقبل وهي دولة حدودها من الفرات الى النيل كما ينادون الان في الاعلام الإسرائيلي بأنهم تأخروا 70 عاما» لذلك يجب ان ينتبه كل العرب والعالم الاسلامي لهذه الخطابات التي وضعت للتنفيذ الآن حيث أن الغرب لايعترض على هذه الطروحات كما شاهدناه في المعايير المزدوجة في كل ما يخص قضايا العرب المصيرية والتواطؤ الرخيص لرؤساء اغلب دولهم مع كل جرائم الحرب المقترفة في فلسطين بحجة حق اسرائيل في الدفاع عن النفس.

رحيل قريب

نتنياهو سيرحل قريبا» وستتغير وجوه كثيرة لكن 18 ألف طفل وامرأة ليسوا مجرد أرقام ومعهم عشرات الالاف من المعاقين ومثلهم تحت الأنقاض لم يتم التعرف والوصول لهم لحد الآن بسبب استمرار القصف والحصار الدموي ، هؤلاء أناس أبرياء لديهم أسماء وأحلام وحق في الحياة سرقته دولة الاحتلال والفصل العنصري .

يجب على امريكا والغرب أن يعرفوا باننا والعالم شهدنا حربين عالميتين وكان من المفترض أن تنتهي مآسيها لكن الحروب لم تنتهي. ولن ينتهي الأمر لأن الولايات المتحدة، وتواطئها في استخدام وتسخير مجلس الامن وتستعد إلى الأبد للحروب ولقتل الناس وللهيمنة فهل يمكننا ائتمان سياسة امريكا ودول اوربا مستقبلا» في حالة اختلاف المصالح وصراع بعد كل ما رأيناه من معايير مزدوجة وتواطؤ ضد مجازر أطفال فلسطين.

لو رجع بنا التاريخ قليلا» وتمنينا غيرماحصل في العراق - سوريا - ليبيا - اليمن- لبنان- السودان وفي قلبها ارض فلسطين العزيزة لكانت احوال البلاد والعباد غير ما ألت اليه الاحوال.

الدول العربية قوة اقتصادية وبشرية هائلة وسيحضون باهتمام واحترام أكبر إذا اتحدوا في القرار كما لاحظناه في اجتماعات هيئة الأمم المتحدة خلال أيام هذه الازمة في ايامها الحزينة على قلوب كل الانسانية وليس بالضرورة ان نكون في حالة صدام وقتال مباشر مع أي طرف لكن البوصلة يجب أن تكون متوازنة بين قطبي الشرق والغرب لنحمي أهلنا وشعبنا من مطاحن الحروب التي تستهدف تمزيق وجود العرب جميعا» الذي يعمل عليه أقطاب دولة الاحتلال العنصري .


مشاهدات 546
الكاتب رشيد العجيل
أضيف 2023/12/23 - 4:28 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 9:42 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير