ساعة من الإستجمام النفسي في  دير القديسة بربارة

عادل سعد

هي فرصة ثمينة عندي  ،بل  نادرة ،ان أركن مشاغلي اليومية  الاعتيادية بعيداً عنّي  وألجأ الى الدعة والسكينة  في ساعة لم تتوفر لي الا بمعدلات ضئيلة وسط كمٍ  من ضغوط  العمل الرتيب .

الاصل في الموضوع ، كنت في زيارة عمل الى قضاء الحمدانية ،محافظة نينوى تتعلق بمسؤوليتي مستشاراً أعلامياً لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان وقد اصطحبني صديقي الاستاذ لويس مرقوس ايوب الى دير القديسة بربارة التاريخي  الذي يتصدر تلة على مقربة من بلدة تلسقف احدى حواضر سهل نينوى ،وتكرّم سنوياً يومي الرابع والسابع عشر من كانون الاول حسب تقويم كنائس.

لقد  اختلطت الروايات التي تناولت هذا الصرح المسيحي بين الواقع والاسطورة ،لكنها اجمعت ان بربارة بنت شخصية رومانية على قدر كبير من الثراء والجاه وانه لجأ الى بناء حصن لها حمايةً لجمالها .وقد اتاح لها ذلك أن تستغرق في جلسات تأمل ، وكان بين المدرسين الذين جلبهم والدها لتدريسها مدرس مسيحي اهتدت على يده الى المسيحية  واراد والدها تزويجها الى أحد النبلاء الذي طلبها للزواج ، لكنها رفضت فشكَّ الوالد بأمرها  ،وأعتقد ان اعتراضها على الزواج  سيلحق ضرراً بمنزلته الاجتماعية ، لذلك اخضعها لتعذيب شديد مما اضطرها الى الهرب والاختفاء في حقول حنطة كانت على مسافة من قصر والدها ، ومن هنا جاء ارتباطها  بالحنطة رمزاً  للنماء  واستطاع ابوها ان يلقي القبض عليها ليقرر مصيرها الامبراطور الذي امر بقتلها وطلب من والدها القيام بالتنفيذ.

جسد عار

وافادت الرواية الدينية أنها استنجدت بالسيد المسيح الذي غطى جسدها  العاري  الجميل بأنوارٍ باهرةٍ تسببت بغشاوة على أعين جميع الحاضرين ، هكذا تقول الرواية ، وقد أعدمت مع صديقتها التي انضمت الى المشهد عند تنفيذ الاعدام . الى الان لم تستقر الرواية بشأن مكان ولادتها ومدفنها ،هناك من يقول  بلبنان في منطقة بعلبك ،رواية اخرى تفيد  في فلسطين ،بينما تقول رواية ثالثة  في مصر حسب مدونة للكنيسة القبطية .على اي حال ،عندما  تدخل دير القديسة بربارة  يمتلكك  خشوع  طاغ  ،السكون ، هندسة المكان  ،البئر ، المكتبة  ، الشعارات الروحية واللوحات الكلاسيكية  ، اللمسة المعمارية التاريخية العميقة  أجواء يجد فيها الزائرون فرصة للاستجمام الروحي .تقصد الدير للزيارة عوائل عديدة ، من مختلف مناطق العراق والعالم  .