عندما تفقد الدول توازنها
جاسم مراد
لسنا هنا بصدد مناقشة المواقف ، فموقف أمريكا والغرب من إسرائيل ثابت وقطعي مهما فعلت من جرائم وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني طيلة السنين الطويلة ، وموقفها من الشعوب العربية وقضاياها المصيرية لا قيمة لها مهما كانت محقة على وفق القوانين الأممية ، وهذا معروف في الوعي الجمعي الشعبي العربي ، وهناك الكثير من الشواهد بعظها راهن والبعض الاخر مسجل في التاريخ العربي ، ومنها ما حدث للشعب العراقي اثناء الحصار الدامي والغزو الكارثي ، وكذلك ماجري لليبيا من تدمير شامل، ولكن ما يهمنا هنا هو قراءة ومعرفة الارباك الواضح في الوجوه والممارسات والمواقف لأهم قيادات دول العالم اثناء وبعد معركة طوفان الأقصى في ال (7) من أكتوبر الماضي . ففي تلك المعركة بين حركة حماس والمقاومة الفلسطينية وبين إسرائيل وما بعدها بيوم واحد تصرفت هذه القيادات العالمية بعدم التوازن وفتحت اهم مخازن الأسلحة المدمرة أمام إسرائيل بدون شروط ولاقيود ثم راحت تتنافس في الوصول لاسرائيل وتعلن بشكل واضح قبولها بكل ما تفعله اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ، وكأنها ارادت تأييد مشروع التهجير للشعب الفلسطيني الى مصر والأردن ، مما دفع الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية الى الإعلان عن إمكانية التخلي عن كل الاتفاقيات بما فيها اتفاقية وادي عربه والتهيؤ للمواجهة ، فيما شددت مصر رفضها القاطع لكل عملية تهجير من غزة لسيناء المصرية ، رافق ذلك الإصرار الأسطوري لشعب غزة في التشبث بالأرض رغم القتل الوحشي .
سلم عالمي
ان أي قراءة لتلك المواقف تبين بما لا يدع مجالاً للشك ، بأن هذه القيادات ليست امينة على السلم العالمي ، كما انها تفقد رؤيتها وبصيرتها في أي خلل يحدث في مجرى الصراع بين حركة التحرر العربية من جهة وبين الكيان الإسرائيلي أو أي موقع استراتيجي لحواضنها في المنطقة والعالم ، وهذه التداعيات تحتم على العالم الحر وليس العالم الاستعماري على ضرورة بروز قطب او اقطاب دولية أخرى مقابل القطب الأمريكي الغربي ، لكي يحفظ للعالم توازنه واستقراره ولجم أي استفزاز دولي امريكي غربي ضد الشعوب والدول معاً ثم يساعد الشعوب على تحقيق حقوقها المشروعة في الأرض والحرية والسلام .لقد تكشف لدى الشعب العربي بأن هذه الدول ونقصد الغربية وامريكا تحديداً ليس بوارد تفكيرها ومشاريعها وخططها أن تحترم حق العرب باراضيهم وحق الشعب الفلسطيني في وطنه وإقامة الدولة المستقلة ، فالارباك الذي أصاب قيادات الغرب وتقديم الولاء الكامل لإسرائيل عبر الزيارات تتابعا لتل ابيب هو الذي شجع إسرائيل في عمليات القتل الجماعي لمواطني غزة والضفة الغربية حيث بلغ عدد شهداء وجرحى أبناء غزة وحدهم اكثر من ( 22) الف شخص فيما كان عدد شهداء وجرحى ومعتقلي الضفة الغربية حوالي ثمانية الاف شخص هذا غير الاف البيوت والبنى التحتية المدمرة ، كل ذلك حدث اثناء الجنون الاسرائيلي الغربي الأمريكي من معركة طوفان الأقصى فقط . ان الشعب العربي عرف جيداً وهو الذي يعرف اساساً ، ان الرهان على إمكانية ان تنصف أمريكا وبعض الدول الغربية حقوقهم ما هو سوى هراء وان الحل الحقيقي ليس في إمكانية التطبيع مع إسرائيل وهي التي رفضت المشروع العربي الأرض مقابل السلام ولا في الرهان على الموقف الأمريكي في حل الدولتين وإنما يحدث ذلك عبر الكفاح الوطني الحقيقي ودعم النضال الفلسطيني الذي تجسد في طوفان الأقصى حيث تمكن ( 1200) مقاتل من حماس فقط من تدمير والاستيلاء على فرقة غزة الإسرائيلية التي تضم اكثر من ( 20) الف جندي وضابط ورجال امن هذا غير المستوطنات ، وهكذا تثبت الوقائع إن لاحل امام إسرائيل ولا منطق يقبل من أمريكا غير الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة المستقلة بذلك يمكن ان يكون هناك سلام ، وان الارباك والبكاء لبعض القيادات الغربية والارباك في السلوك والمواقف يبقى قائما دون تحقيق السلام العادل للشعب الفلسطيني والعربي .