الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تراجيديا مؤانسة المصالح الحزبية على حساب الشعب والوطن 

بواسطة azzaman

تراجيديا مؤانسة المصالح الحزبية على حساب الشعب والوطن 

عصام الياسري

 

منذ أكثر من عقدين، والمواطنون العراقيون يعانون من مشهد سياسي اقتصادي اجتماعي دراماتيكي دون نهاية للخوف الذي يربك مستقبلهم. وأصبح الثابت في حياتهم اليومية وحياة الأجيال القادمة من العراقيين مواجه تراجيديا الموت والخراب والنهب والنصب والكذب والتهريج والخداع والفساد السياسي الذي توغل ولم ينته منذ أن بدأ. يصطدمون بأزمة تلو الأخرى، أكثرها تعقيدا، الفساد المالي والإداري وأزمة منظومة القضاء الذي أوصل البلد إلى طريق مسدود مئة بالمئة. المشكل الأساس، أن الساسة الذين تصدروا المشهد السياسي منذ عقدين، لا يتقنون السياسة ولا يدركون مطباتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. كما أنهم غير جديرين بالنزاهة وسعة الخبرة الحرفية لإدارة شؤون الدولة والإحاطة بالانضباط لتسديد الفرق بين النزاهة من عدمها لإحلال العدل وقدسية مشروع الدولة والوطن.

نكاد نجزم بأن أغلب من تسلقوا المناصب العليا في الدولة العراقية منذ أول «مجلس حكم» شكله الحاكم بريمر ولغاية اليوم هم فئات لصوصية همها النهب والإثراء على حساب الشعب ومستقبل معيشته. إن «مافيات» السياسة وبعض منتسبي ما يعرف بأحزاب الإسلام السياسي والأحزاب العلمانية عربية كانت أم كردية، جعلوا من ذويهم وبعض أصحاب العمائم جزء مهم في إدارة عمليات الفساد والغش والسرقات وابتكار أساليبها. ولا نستثني «إلا حالات قل نظيرها» انتحال النسب العقائدي عن ماض لا شأن لهم فيه لأغراض شخصية ومصالح نفعية.

إن حماية الدولة كدولة وليس حماية الحكومة، هو شأن وطني بامتياز. ويفترض على الحكومة أن ترعى دستوريا وقانونيا مبدأ احترام حقوق الشعب وسيادة الدولة ذاتها. وإن تفي بالتزاماتها تجاه المجتمع ومصالحه الوطنية والاقتصادية، لا العمل على دمار مؤسسات الدولة وتفتيت المجتمع وتهديم البنية التحتية وإيصال الأجيال القادمة إلى حافة الهاوية تعيش حياة سيئة بلا مستقبل مضمون بسبب المصالح الفئوية وانتهازية المواقف. فإن لم تتمكن الحكومة من تحقيق التزاماتها، تبق مسألة التغيير السياسي مسألة غير قابلة للجدل. على المجتمع إذا ما أراد حقا، التغيير والإصلاح، أن يوفر آليات تحقيق ذلك في فترة زمنية قياسية دون مماطلة أو تسويف.

قضايا مصيرية

لكن على ما يبدو، لا السوداني كمسؤول أول في الدولة ولا غيره ممن في السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية يريدون فعلا الإصلاح والتغيير وتقديم الفاسدين للعدالة. ولم يعنهم أصوات المواطنين الذين دفعوا في ساحات الاحتجاج العراقية، بمطالبهم دفعا قويا نحو الواجهة لمحاربة الفساد وإصلاح مؤسسات الدولة بما في ذلك القضاء. وإذا ما أخذنا صمت السوداني إزاء العديد من القضايا المصيرية وتخليه عن كافة وعوده. يتضح بأنه غير مستعد لأن يفرط بمصير الإتلاف الذي ينتمي إليه حزبه ومن أتوا به للسلطة، وليس في وارد حساباته مس القضاء طالما يكون رئيسا للوزراء. فضلا عن دعواته المتناقضة والتي تنسجم مع مواقف أعدائه السياسيين من ذات الكتلة. وفي جانب غير منفصل نكتشف مدى استخفاف الطبقة الحاكمة بالمجتمع العراقي قاطبة وإصرارهم الاستمرار على لمؤانسة مصالحهم الشخصية دون سواها!!

وإذا كان السوداني يتأرجح دون جدوى بين تعاطفه مع المتظاهرين ومطالبهم من جهة، وبين عدم استطاعته المضي قدما لتحقيق حزم الإصلاحات التي أطلقها قبل تقلده منصب رئاسة الوزراء، من جهة أخرى. فعليه أن يخرج أمام الشعب ليوضح موقفه وأسباب تعثره بشكل صريح لا لبس فيه، ليعرف الشعب ما يجري في دهاليز الحكم. وعليه أيضا أن يدرك، في ظل كل الظروف الخطيرة المحيطة بالعراق، بأنه المسؤول عن، أما نجاة العراق وأهله، أو عن ما ستؤول إليه الأوضاع في ظل احتدام المواجهات على صعيدين، الانتخابي لمجالس المحافظات من جهة، ومخططات إسرائيل وما سيؤول إليه عدوانها الإرهابي الذي يحصد آلاف الأرواح البريئة في غزة بمساعدة أمريكا وحلفائها الأوروبيين.

وقد يشتد أزيزه في المنطقة فيلحق الأذى بالجميع وأولهم الوطن العراق المنكوب أصلا.


مشاهدات 477
الكاتب عصام الياسري
أضيف 2023/11/21 - 5:47 PM
آخر تحديث 2024/07/14 - 3:20 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير