الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التيه الإسرائيلي في غزة

بواسطة azzaman

التيه الإسرائيلي في غزة

محسن القزويني

 

وأخيراً وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى مشفى الشفاء في غزة، فلم تجد فيه سوى مجموعة من الأطفال الخدج و مجموعة من الجرحى و المرضى وعدة من أهالي غزة المتحصنين داخل المشفى ظناً منهم بأنهم آمنون على ارواحهم في هذا المكان المحصن دولياً، واعتقاداً منهم بأن اسرائيل لا تتجرأ على اقتحام المشفى ولن تفكر في دخوله باعتباره يعد جريمة حرب محرمة دولياً، وظنا منهم بان اسرائيل سوف لا تضيف جريمة أخرى إلى جرائمها العديدة ضد أهالي غزة. لكن اسرائيل التي عُرفت بانتهاكاتها للقانون الدولي الانساني على مدار نصف قرن والتي اشتهرت بقتل الأطفال والنساء وبلا رحمة ولا شفقة لا يهمها كثيراً قصف المستشفيات واقتحامها بقوة السلاح والنار.

لكن في مشفى الشفاء تصبح القضية أكثر أهمية من مجرد القصف والاقتحام، اذ ظلت الأبواق الاسرائيلية ومنذ دخولها لأراضي غزة وهي تستهدف مشفى الشفاء مدعية بأن مبنى المشفى وتحته يضم مركزا للقيادة العسكرية لحماس وان المبنى يضم قادة المقاومة ورجالاتها، وقد تناغمت مع الاعلام الاسرائيلي تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيري بشأن استخدام حماس للمستشفيات في غزة لأغراض عسكرية بما في ذلك مشفى الشفاء وهي تصريحات وصفتها الحركة بأنها ضوء أخضر لاسرائيل على اقتحام المشفى.

وبالأمس نشر الجيش الاسرائيلي شريطاً يظهر فيه بنادق روسية الصنع من طراز «كلاشينكوف» وبضعة اشرطة من الذخيرة وسترات عسكرية مكتوب عليها كتائب القسام، وعدد من القنابل اليدوية، وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي: وجدنا اسلحة ومواد استخبارية ومركز قيادة وامكانيات تكنولوجية تم نقلها لفحصها، لكنه لم يوضح تفاصيل اكثر من هذا السياق، وقد حاول المصور الذي صور هذه الأسلحة اخفاء بعض الأجزاء من المكان الذي قال عنه بأنه في مستشفى الشفاء.

وفي وقت لاحق من هذا العرض تم حذف الفيديو من حساب الجيش الاسرائيلي من على منصة  «x» تويتر سابقا ليتأكد العالم بأن نشر هذا الفيديو ليس إلا فضيحة أخرى تُضاف إلى فضائح اسرائيل كما جرى في السابق عندما عرضت في 7/10/2023 يوم هجوم حماس على غلاف غزة صوراً مفبركة عن قتل الأطفال الاسرائيليين، حينها أصدرت وزارة الصحة الفلسطينية بأن المشفى خالٍ من أي مظاهر عسكرية، بل أكد البيان بأن الوزارة لا تسمح بدخول السلاح إلى أي مستشفى من مستشفيات القطاع.

وبهذا اكتشف العالم قاطبة الكذبة الاسرائيلية التي روجت لها والتي على اساسها اقتحمت المشفى، إذ لم يعثر الجيش الاسرائيلي في هذا المكان على قادة حماس المعروفين، ولا على المحتجزين الذين اسرتهم حماس في 7 اكتوبر، ولم يعثر على ترسانة الصواريخ ومخازن السلاح مخبئة في قبو أو غرف المشفى، ولا على الأنفاق التي ادعت وجودها تحت المشفى.

وبعد فشل اسرائيل في اثبات مبرراتها في اقتحام مشفى الشفاء وتعريها امام العالم أدلى الناطق الرسمي للامن القومي الامريكي تصريحاً: ان واشنطن لم تعط الضوء الأخضر للعمليات حول مستشفى الشفاء.

 

وهكذا أصبحت امريكا أول من تتبرأ من قيام اسرائيل بهذه العملية الاجرامية في اقتحام المشفى وتتالت التنديدات على ما قامت به اسرائيل من قبل الدول الحليفة لها، ويُعيدنا هذا المشهد الاجرامي إلى مجزرة قصف مستشفى المعمداني حيث حاولت اسرائيل ان تتنصل من هذه الجريمة متهمة فصائل فلسطينية بأنها هي التي قامت بهذه المجزرة بسبب انفجار صاروخ بالخطأ.

لكن هذه المرة لا تستطيع اسرائيل نكران جريمتها في اقتحام مشفى الشفاء عمداً وعن سبق اصرار.

والسؤال المطروح على الدول الحليفة لإسرائيل، ماذا سيكون موقفها أمام هذه الجريمة التي تُعد نقضاً صريحاً للقانون الدولي الانساني حسب اتفاقية جينيف الرابعة لسنة 1949 والبروتوكلين الأول والثاني من اتفاقية جينيف لسنة 1977 واتفاقية لاهاي لسنة 1954 التي تمنع قصف المواقع المدنية وهي تشمل المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة، وقد ورد نصٌ صريح بخصوص المستشفيات في اتفاقية جينيف الرابعة في المادة 19 والتي تنص مسؤولية الدولة في حماية المستشفيات من أية هجمات عسكرية و(المادة 18) التي فرضت على الدولة المحتلة رعاية الجرحى والمرضى والعجزة والنساء في جميع الأوقات في السلم والحرب.

فماذا سيكون الموقف الدولي من هذه الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل أمام مرأى ومسمع من العالم؟ فهل ستظل الدول الحامية لاسرائيل تصم آذانها وتضع غشاوة على عينها مشجعة بذلك العدو الصهيوني على المزيد من الانتهاكات؟

فإلى أي حد بلغ هذا المجتمع في مواقفه المنحازة إلى اسرائيل إلى درجة أنه لم يستطع حتى الآن اصدار قرارواحد بايقاف هذا العدوان ولو لساعة واحدة.


مشاهدات 480
الكاتب محسن القزويني
أضيف 2023/11/18 - 10:09 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 7:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير