المحكمة الجنائية الدولية والإبادة  الجماعية في غزة

خليل ابراهيم العبيدي

تعد المحكمة الجنائية الدولية واحدة من مؤسسات المجتمع الدولي ذات الاختصاص القانوني للنظر في الجرائم البشعة لتي يرتكبها الأفراد أو الجماعات بحق الإنسانية ، والمحكمة جادة منذ قيامها بمحاسبة الأشخاص الذين تثبت الوقائع على الأرض قيامهم أو انغماسهم بعمليات الإبادة الجماعية أو أية أفعال تلحق الضرر بالإنسان أو الجماعات على نحو يحرك المسؤولية الدولية ، واليوم يمكن لأي دولة عربية أن تتقدم بلائحة قانونية توجه فيها الاتهام المباشر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين بن نتنياهو لما ترتكبه القوات الإسرائيلية من جرائم الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية باعتباره القائد العام لقوات إسرائيل المسلحة ، بموجب الفقرة اولا من المادة 28 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تنص على أن يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري مسؤولا مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة . والمعروف أن نتنياهو وهو يمثل اليمين الإسرائيلي والمتحالف مع اليمين الأصولي التوراتي ومنذ تسلمه رئاسة الكابينة الوزارية الإسرائيلية لاول مرة لم ينطق ولو مرة واحدة في حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ، وفقا لمبدأ حق تقرير المصير  ، وانما كان يعمل ومنذ سنين على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية ، وفرض الحصار منذ خمسة عشر عاما على قطاع غزة ، هذا الرجل ومنذ ثلاثة سنوات وهو يعمل على تجريف الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها وقد بلغ عدد المستوطنين على أراضي الضفة الغربية أكثر من مليون مستوطن، وهو يعمل ايضا مع الأصوليين اليهود على اقتحام الأقصى ، أو إثارة حفيظة المسلمين من خلال الموافقة على إقامة الشعائر التلموذية في الحرم الابراهيمي الشريف  أو عند ، ما يطلقون عليه حائط المبكى مما دفع بالمواطن الفلسطيني للدفاع عن أرضه ومقدساته ، غير أن نتنياهو قابل من يدافع عن أرضه في الضفة بالرصاص الحي وصار يقتل آلاف الشباب مما دفع بحركة حماس والجهاد للعملية العسكرية في السابع من أكتوبر ، والتي صارت حجة لإطلاق نتنياهو يد الجيش لارتكاب الجرائم أو عمليات الإبادة الجماعية بحق السكان المدنيين بغارات جوية مكثفة أو بواسطة القصف المدفعي ، مما يجعله تحت طائلة عقوبات المادة 5 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، إذ ان اختصاص المحكمة يتعلق . ب

أ...جريمة الإبادة الجماعية .

ب...الجرائم ضد الإنسانية .

ج...جرائم الحرب .

د...جريمة العدوان .

قيود الحرب

وقد تعدى العدوان الإسرائيلي على غزة قيود الحرب التي حددتها اتفاقيات جنيف ليطال المستشفيات والجوامع والكنائس ، اضافة الى الدعوى لتهجير أهالي القطاع إلى سيناء ، وبعد أن رفضت مصر بشدة قام بالتهجير القسري من شمال ووسط غرة إلى جنوبها مخالفا بذلك احكام المادة السادسة من نظام المحكمة الدولية والتي تنص على أن الإبادة الجماعية هي ، أ...قتل أفراد الجماعة .

ب..إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة .

ج...إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها أهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا .

د...فرض تدابير تستهدف منع الانجاب داخل الجماعة .

أن منع نتنياهو في العشرة أيام الاولى للحرب دخول مواد الإغاثة يراد من ورائه قتل المواطن الفلسطيني جوعا وهو عمل يدخل في باب تعريض الجماعة لأحوال معيشية تتعارض مع نظام المحكمة الجنائية الدولية ، كما وان التصريح بدخول عدد محدود من الشاحنات هو إجراء يراد منه تعطيل وصول الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المشافي ، وهو عملا من أعمال الإبادة الجماعية ،

ضرب المستشفيات .

رغم كل الأفعال المشينة التي اتخذها نتنياهو وآلة حربه ضد السكان المدنيين وهدم دورهم ، قام مؤخرا بضرب المستشفيات .

منها مشتسفى الشفاء أو المستشفى الاندونيسي أو مشافي أخرى كثيرة ، أو تهديد العديد من المستشفيات باخلاء المرضى وهم في طور العلاج وآخرها الاتصال بمدير مستشفى القدس والطلب منه باخلاء الردهات من الجرحى والمرضى أو الحدائق من المهجرين ، وهذه الأفعال لوحدها تحرك المسؤولية الجنائية ضده أو ضد اركان قيادته العسكرية ، وفقا لأحكام المادة 16 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. ومفادها يكون الجرحى والمرضى والعجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين . هذا اضافة الى مانصت عليه القواعد القانونية الدولية ومنها ما تعلق الأمر بالمحكمة الجنائية الدولية .

أن إسرائيل ومنذ قيامها لا تعير اهتماما أو إذنا صاغية للدعوات الدولية التي تطالب بالرفق بالمدنيين أو الجرحى أو المرضى أو الأسرى ، وأنها بتأييد امريكي وغربي في حربها على غزة القائمة الان إنما ترتكب افظع اشكال الإبادة الجماعية ، فهي إلى جانب كثافة القصف تقتل بالمدفعية ، والى جانب الحصار على الأدوية والمستلزمات الطبية تقصف المستشفيات ، وهي إلى جانب الجوع تمنع الغذاء ، وهي إلى جانب العطش تمنع الماء ، وهي إلى جانب العتمة تمنع الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء ، وهي إلى جانب الموت تعمل على تعطيل العمليات الجراحية  ، فهي اضافة الى إعاقة عمليات الولادة تقتل الاطفال ، ومنذ قيام السابع من أكتوبر ولغاية الثلاثين منه قتلت أكثر 8423 مواطنا فلسطينيا حسب إحصائية وزارة الصحة منها 4328 طفلا تقريبا ، وقتلت في الضفة الغربية أكثر من 329 مواطنا فلسطينيا ، وقامت باعتقال أكثر من 5500 شخصا، أليست هذه جرائم حرب ، حري بالمسؤولين العرب توثيقها وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية ، ليحاكم نتنياهو وقادة جيشه وعصابات المستوطنين عن هذه الجرائم التي باتت تؤنب الضمير العالمي ، والتي صارت مثارا لتظاهر الملايين في عواصم العالم  ،  ذلكم العالم الذي بات متفرجا دون تحريك للضمير الإنساني ،  أو تحريك لمسؤولية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليأخذ دوره في محاكمة المجرمين .....