الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأطفال‭ ‬لا‭ ‬ينسون‭..‬ حقيقة‭ ‬مرعبة

بواسطة azzaman

الأطفال‭ ‬لا‭ ‬ينسون‭..‬ حقيقة‭ ‬مرعبة

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

لو‭ ‬نظرنا‭ ‬الى‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية،‭ ‬لوجدنا‭ ‬انّ‭ ‬الصاروخ‭ ‬الذي‭ ‬تطلقه‭ ‬الطائرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يمتلك‭ ‬مواصفات‭ ‬دقة‭ ‬عالية‭ ‬ومجربة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬وهذا‭ ‬الصاروخ‭ ‬معزز‭ ‬بخدمة‭ ‬توجيه‭ ‬راداري،‭ ‬وقبله‭ ‬خدمة‭ ‬استطلاع‭ ‬مختلفة‭ ‬الأساليب‭ ‬الاستخبارية‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الهدف‭ ‬وجميع‭ ‬احتمالات‭ ‬اصابته،‭ ‬ورأينا‭ ‬مرارا‭ ‬كيف‭ ‬انّ‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬كان‭ ‬يستهدف‭ ‬سيارة‭ ‬فيها‭ ‬شخصية‭ ‬واحدة،‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وقوف‭ ‬أو‭ ‬منطلقة‭ ‬في‭ ‬اية‭ ‬سرعة‭. ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬دعاية‭ ‬للسلاح‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وانما‭ ‬توصيف‭ ‬لماهية‭ ‬الأسلحة‭ ‬المستخدمة‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬حقائق‭ ‬واكاذيب‭ ‬عند‭ ‬الاستخدام‭.‬

‭ ‬أمّا‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬سلاح‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فقد‭ ‬تقدمت‭ ‬بمراحل‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬التصنيع‭ ‬البدائية‭ ‬قبل‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المدى‭ ‬ودقة‭ ‬التصويب،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬لايزال‭ ‬يعتمد‭ ‬الإمكانات‭ ‬التصنيعية‭ ‬والتجميعية‭ ‬المحلية‭ ‬البسيطة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنته‭ ‬بالمواصفات‭ ‬العالمية‭ ‬او‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إصابة‭ ‬الأهداف‭.‬

أخلص‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬الى‭ ‬انّ‭ ‬لا‭ ‬عذرَ‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الظروف،‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬مجازر‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وعموم‭ ‬المدنيين‭ ‬وهي‭ ‬تعرف‭ ‬أماكن‭ ‬تجمعاتهم‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬قليلة‭ ‬الخيارات،‭ ‬فهم‭ ‬يفرون‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬من‭ ‬موت‭ ‬الى‭ ‬موت،‭ ‬مادامت‭ ‬الصواريخ‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬معبأة‭ ‬بخرائط‭ ‬عمياء‭ ‬وعشوائية،‭ ‬هدفها‭ ‬تجريد‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬وهدم‭ ‬كل‭ ‬بناء،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لأبسط‭ ‬الشروط‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬المتحاربة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬تراعيها‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬القتال‭ ‬ضارياً‭.‬

ليس‭ ‬الوقوف‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬قصف‭ ‬مستشفى‭ ‬المعمداني‭ ‬التي‭ ‬حولوها‭ ‬الى‭ ‬مسألة‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬حول‭ ‬ذبح‭ ‬خمسمائة‭ ‬انسان‭ ‬مدني،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬القصف‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭ ‬وكان‭ ‬حصيلته‭ ‬قبل‭ ‬المجزرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬قتل‭ ‬سبعمائة‭ ‬وخمسين‭ ‬طفلا‭ ‬فلسطينيا‭. ‬والأكثر‭ ‬قهراً‭ ‬وايلاماً‭ ‬هو‭ ‬اعداد‭ ‬الأطفال‭ ‬اليتامى‭ ‬الذين‭ ‬نجوا‭ ‬من‭ ‬النيران‭ ‬لكن‭ ‬عوائلهم‭ ‬أبيدت‭ ‬بالكامل،‭ ‬الاب‭ ‬والام‭ ‬والعمة‭ ‬والعم‭ ‬والخال‭ ‬والخالة،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬الى‭ ‬سن‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة،‭ ‬لن‭ ‬يكونوا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬جيلاً‭ ‬حاملاً‭ ‬لرايات‭ ‬التطبيع‭ ‬والسلام‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولن‭ ‬تنفع‭ ‬معهم‭ ‬جميع‭ ‬مغريات‭ ‬الدنيا‭ ‬وقنوات‭ ‬إعلام‭ ‬غسل‭ ‬الأدمغة‭ ‬الممولة‭ ‬عربياً‭ ‬واسلامياً‭ ‬قبل‭ ‬تل‭ ‬ابيب،‭ ‬في‭ ‬جعلهم‭ ‬ينسون‭ ‬كيف‭ ‬تناثرت‭ ‬أجساد‭ ‬آبائهم‭ ‬وامهاتهم‭ ‬وإخوانهم‭ ‬أمام‭ ‬عيونهم،‭ ‬وباتوا‭ ‬يعيشون‭ ‬اليتم،‭ ‬والتشرد،‭ ‬والفاقة،‭ ‬والعوز‭. ‬وبذلك‭ ‬اصبحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عاملا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬ولادة‭ ‬جيل‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬إلا‭ ‬بمقاتلتها‭ ‬وليس‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬مسالمتها،‭ ‬لأنّ‭ ‬فرصة‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬لم‭ ‬تمنح‭ ‬لأمهات‭ ‬وآباء‭ ‬هذا‭ ‬الجيل،‭ ‬الذين‭ ‬أبيدوا‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭.‬

نتاج‭ ‬المجازر‭ ‬اليوم‭ ‬وقود‭ ‬لحروب‭ ‬مقبلة‭.  ‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 646
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2023/10/20 - 2:10 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 7:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير