نحو فهم صحيح لأحاديث الرسول (ص) وأهل البيت (ع)

حسين الصدر

-1-

الأحاديث المروية عن الرسول (ص) واهل بيته الطيبين الطاهرين تشكّل مصدراً مهماً من مصادر المعرفة ، وقد تضمنت من المناهج والمواعظ والحقائق والنصائح والدروس التوجيهية والتربوية ما يُعد ثروة كبيرة ورصيدا ايجابيا مهما لصيانة الشخصية وتقويم مساراتها ومداراتها .

-2-

وقد تثير بعض هذه الأحاديث التساؤلات الخطيرة بسبب العجز عَنْ فهم المراد منها على وجه الدقة والصحة .

خذ مثلا على ذلك الحديث المروي عن الرسول (ص) والذي قال فيه :

" الشقيُّ شقيٌّ في بطن أُمّه ، والسعيدُ سعيدٌ في بطن أمّه "

فيقال :

لماذا كتب الله الشقاء على هذا الانسان او ذاك قبل أنْ يفتحَ عينيه ويُطل على الدنيا ؟

انه لم يولد بعد ، ولم يرتكب اية جناية فلماذا كُتب عليه الشقاء ؟

وما يثار هنا من شبهات منشؤه عدم الفهم للمراد مِنَ الحديث .

وقد سئل الامام الكاظم موسى بن جعفر (ع) عن معنى الحديث فقال (ع):

( الشقي مَنْ عِلَمَ الله وهو في بطن أمه انه سيعمل عمل الاشقياء ، والسعيد مَنْ علم اللهُ – وهو في بطن أمه – انه سيعمل عمل السعداء).

وبناء على هذا الايضاح لا يقال :

لماذا كتب الله الشقاء على من كان في بطن أمه وليس له جناية ؟

لأنّه شقي بلحاظ العلم الالهي بما سيرتكبه من مفارقات وممارسات وانتهاكات للخطوط الحمراء هي السبب في شقائه.

-3-

انّ السعادة والشقاء – أمران قد كثر الخلاف فيهما ، وتعددت حولهما الآراء .

فالسعادة في المنظور الاسلامي ليست الاّ من نصيب الأتقياء .. لأنهم الفائزون .

والشقاء نصيب العاصين اللاهين المنغمسين في اللهو والمجون والمعاصي .

وفي الحسابات الدنيوية :

يعتبر القادِرُ على تحقيق شهواته ومآربه ورغباته سعيداً مع أنَّ ذلك يتضمن أكبر المعاصي والانتهاكات لحدود الله ..!!

والمحروم من القدرة على الاستمتاع بالملذات الدنيوية يعتبر شقيّا مع أنَّ الذي صان نفسه من الوقوع في تلك المطبات ليس شقيا يقينا .

-4-

وعلينا ان نكون على يقظة ووعي ممن يُديف السم بالعسل ، ويسعى الى اختلاط الأوراق تلويثا وتدنيسا للمنهاج الطاهر المرسوم اسلاميا لسلوك الفرد والمجتمع والأمة، فأعداء الاسلام يحرصون أشد الحرص على تلويث أبناء الاسلام بالأدران، وإبعادهم عن رحاب دينهم وعقيدتهم وعندها يسهل اصطيادهم والسيطرة عليهم .