الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أنا وصدام ومظفر النواب

بواسطة azzaman

أنا وصدام ومظفر النواب

 

علي الجنابي

 

أي بني..

لما كان السامعون هم ظهور قريش وغطفان وكندة، كان أمرؤ القيس والأعشى قيس هم المغردون، فجاء الأدب العربي آسراً للب قد سلب، وساحراً وذا متن عجب، فلما بان السامعون هم جمهور اللمبي وكازم الساهر وفيفي عبدة ، بان نزار قباني ومظفر النواب هم المهرجون، فباء الأدب العربي باسراً في الجب قد إنقلب، وحاسراً وذا جفن بلا هدب، فخان البنان البيان وشانه بالصخب، كمثل ذين البيتين ل(أبن النواب) بذرف مرتعب مضطرب مرتكب !

(صدام يا وسخ الدنيا برمتها * يكاد يخجل منك العار واللؤم)

فيا ابن ألف أب  نذل  وواحدة * حليبها دون كل المرضعات دم).

  أي ذرف هذا بصخب مرتكب، وأي حرف هذا في ليل من حاطب محتطب. أفحسب القوم أنه شعر بطرف للقهر منتخب وبصرف للدهر منتدب. أو يحق لأمة سيدة للحرف الأنيس النفيس الونيس كأمة العرب، أن تفاخر بذا  سخف عن ضعف أولد هراءً في هواء مجتنب. لعمري أنه أدب باسر بشغب، كاسر بصخب، وحاسر بلا حسب ولا نسب.  وإذاً بني، فذان البيتان قد رغبت إبانة جهالة قائلهما بضاد العرب، وذاك أراه علي واجب قد وجب، وإدانة ضحالة وائلهما بحاجب لي قد قطب، وسأنأى وإياك عن الإصطدام “بصدام” ذي عرش بنيازك وشهب ملتهب، وسوف ننهى عن مراء في ذكره مجتر معتصب، ولن نهتم، سواء أكان صدام (وسخ الدنيا) أم قد عز فيها وبز، وفيها شمًخ على أهلها برغب أو عن رهب، وإنما همنا فيما ههنا قافية ضاد خطها “النواب” بجهالة وجلب.  *قد تعلم بني، وأي فتىً مثلك متعلم لمعاني الضاد بعلم مقتضب، أن كاد وأخواتها أفعال ناقصة تدل على قرب وقوع حدث وشيك مرتقب، لكنه لم يقع ولم يحدث منه الوقوع بكبب، و{إن الساعة آتية أكاد أخفيها} و{لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا}، فالساعة آتية لكنها الآن غير واقعة، ولئن وقعت فثواب وعقاب ولا حين عتب، وكذلك النبي ما وقع منه ركون اليهم قط ولو شيئاً قليلاً بركن محتجب، وهكذا فإن الخجل في (يكاد يخجل منك العار واللؤم ) ما وقع من العار واللؤم بل منه مستلب، فإنتقض بذلك من العار ومن اللؤم العجب، وإنقض قصف الهجاء في عجز البيت على صدره (ياوسخ الدنيا برمتها) بسوء منقلب، وبدا البيت كغناء لمخمور في حانة أو في مبزل ذي أحراش وقصب، لا يرعوي لما يلفظ ولا يعي ما قد حلب.*وثم المرضعة هي أمة رحوم حال الإرضاع ملقمةً ثديها بحنو وحدب. أمة ترضع وتاج ثديها في فم ولدها منتصب، وهكذا قوله تعالى: “تذهل كل مرضعة” بعظيم من فزع وعطب. وثم المرضع وهي أمة شأنها أن ترضع ولم ترضع بعد لأي خطب أو عذر أو سبب. (وقال الأخفش: أدخل الهاء في المرضعة لأنه أراد - والله أعلم - الفعل، ولو أراد الصفة لقال: مرضع) فتأمل ياعاشقاً لمظفر ذي الهراء بصخب، وتجمل ببهاء الضاد بدهشة وبعجب، ثم إعلم أن جمع المرضعة مرضعات وجمع المرضع مراضع، و(قال سيبويه في جمعها أيضاً مراضيع) أمهات أو ممتهنات لأجل الكسب. وإذاً، فما أجهل قوله [دون كل المرضعات دم] وما أقبح اللغو ههنا واللعب، لما أتى بالفعل دون الصفة، فقيد وكمم وخص وما أيد وعمم ورص جميع المراضع بما قال وخطب، رغم أنه أراد (كل المرضعات) وللتو كان ذرفه بها قد نطق بغضب، فجاء شعره هرفاً على هذر وقرفاً على مذر بلا نصب، ومجاً سمجاً ليس من الفصاحة بل ليس من مفهوم الكلم في شيء منتسب.  والحق أقول إن مظفر لا إثم عليه محتسب، بل الإثم أثم السامعين من جمهور اللمبي من الجاهلين بالف باء العرب، لما صيروه بجهلهم بالضاد شاعر دهرهم الأكبر وصناجة زمانهم  المصطحب، وما مظفر إلا إمرؤ مسكين مضطهد مغترب، وحال بطولته في الشعر كحال بطولة (سمير غانم) ذي اللهو واللعب، في إنقاذ (شيرين) ذات النبرة العذب، من الحفرة إياها في مسرحية (المتزوجون) للدينار وطعماً في أعلى رتب، لما قال بسجية متأوهة وبعفوية متأففة بلا كذب :

          “ آخ، لو أعرف بس مين إبن الكلب اللي زئني في البالوعة”.


مشاهدات 896
الكاتب علي الجنابي
أضيف 2023/08/26 - 12:05 AM
آخر تحديث 2024/12/05 - 5:02 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 85 الشهر 1842 الكلي 10057937
الوقت الآن
الخميس 2024/12/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير