الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الجريمة والعقاب والواقع العراقي

بواسطة azzaman

الجريمة والعقاب والواقع العراقي

ذنون محمد

من خلال الواقع ومن خلال هذه الطبقة الهشة التي تعيش في زوايا المجتمع وفي ركن بسيط فيه او على هامش الحياة ومافي هذه الحياة من قساوه نتيجة للتفكك المجتمعي وظهور طبقات مختلفة ونقصد بذلك طبقة تعيش في رخاء تام وتسيطر على كل مقدرات الحياة ولها الحق كاملا في كل شي حتى في تملك أرواح الناس وحياتهم وهذه تظهر نتيجة لعشوائية الدولة في التخطيط وانحسار كل مافيها الى فئة معينة ونتيجة لهذه العشوائية في التخطيط فلا غرابة ان تظهر الجريمة ولا غرابة ان يظهر التفكك الاسري والانهيار التام في منظومة الاخلاق فقبل ان نعيب هذا التفكك علينا ان نعي الأسباب او الدوافع خلفه وان نعي ان الجوع يولد ما يولد من مشاكل خاصة وان المثالية في الاخلاق أمر لا يستقيم مع حاجة المجتمع وحاجة الفرد فيه كل مكملات الحياة

هذه الرواية والتي عدت قراءة جميلة للمجتمع الروسي في وقتها خاصة في نهايات القرن التاسع عشر بعد ان ظهرت بوادر الفكر الرأسمالي هناك وظهور الطبقات المجتمعية فكانت هذه الرواية قراءة لذلك الواقع من خلال نماذج انسانية مختلفة فكل شخوص الرواية هم أبطال فيها والبطولة هنا لم تحصر على الشخص الأول فيها بل كان الكاتب دوستوفسكي يضع لكل شخص في الرواية قصة ومعنى ومن خلاله كان يقرأ طبيعة كل فرد فأحد هولاء كان شخص قليل الاختلاط مع الأخرين ويعيش في جو نفسي معين من ان هذا الواقع المزري بحاجة الى انقلاب وبحاجة إلى أن يصحح ويرى في ذاته المقدرة والقدرة على ذلك خاصة وانه انسان مثقف ويفهم متطلبات الحياة والعوز الذي تعيش فيه أسرته وايضا الأسر الأخرى والتي هي على شاكلة أسرته وكيف من ان الطبقة الغنية التي امتلكت كل شي تريد أن تمتلك الآخرين أيضا من باب ما لها من مال او سلطة ومن ان هذه الطبقة في نظر هولاء ما هم إلا رعاع لا أكثر وان يفنو حياتهم من اجل الغني وما له من رغبات جانحة

والبطل الأول في الرواية يعيش في صراع نفسي كبير من هذا التفاوت الطبقي فكان لزاما علية ان يتبنى هذه القضية وان يصحح المسار وبات هذا الأمر جل مطلبه وغايته الاولى في الحياة خاصة وانه يرى من انه مؤهل لهذا الأمر من خلال ما له من فكر وايمان بعدالة قضيته ولذلك تبنى هذا الأمر من خلال ما له من كتابات في صحف معينة في ذلك الوقت ومن خلال ماله من اطلاع مباشر على الواقع المزري الذي فيه أبناء هذه الطبقة فهو يرى هذه المعاناة من خلال الشابة سونيا والتي تعرف عليها في وضع معين وكيف من انها ومن اجل عائلتها تبيع جسدها لكل من يدفع وبدراهم قليلة المهم لديها ليس المتعة الجسدية بل سد الجوع في افواه اخوتها

تبدأ العلاقه بينهم وتزداد ويزداد الاصرار عند البطل من ان يصحح مسار الحياة الذي فيه فباتت قضيته عامة وليست قضية شخصية مع افراد معينين بل باتت قضية سونيا من ضمن ما يخطط له ولهذا ومن اجل ان يوفر لها المال ومن دون أن يتسخ جسدها بقاذورة من هذا او ذلك سعى إلى أمر القتل من امرأة طاعنة في السن عملها انها مرابية في المال اي تسلف المال للاخرين من اجل زيادات تحصل عليها فيرتكب البطل جريمته وهو يتصور ان عمله هذا هو الباب الأول للحياة الكريمة ومن اجل الاصلاح لانه في ذاته يقول لابد من القتل أحيانا للوصول الى الغاية السليمة والى الهدف المنشود وان الابطال في التاريخ نابليون او غيره بنو مالهم من تاريخ من خلال سفك الدم وهكذا بنظره يولد عظماء التاريخ وانه أهل لهذه العظمة وأهل لأن يتزعم الامه والمجتمع

صراع نفسي كبير بات في شخص البطل خاصة وان هذا الأمر بات ياتيه حتى في منامه وكل ما له من تصرفات يومية

هذه الرواية وكما قلنا بما فيه من شخوص هي قراءة لواقع اليوم الذي نحن فيه بل هي قراءة لواقع أكثر من مكان من خلال التعدد الطبقى والمكانة التي يحضى بها بعض الحثالة على حساب طبقة مسحوقة لأنها طبقة نبيلة لا أكثر ولأنها طبقة تريد أن يتساوى الناس في العيش ومن باب العدالة الاجتماعية التي هي الهدف لبناء اي مجتمع.

هذه الروايه لها اكثر من شبيه في واقع اليوم ومن خلال ما نراه من فوضى في كل شي خاصة في أمر غياب القانون حيث من الممكن أن يعدم  انسان سرق رغيف خبز بينما يتغاضى عن آخر سرق ميزانية دولة كاملة هذه هي غياب العدالة والتي تولد الثورات وتولد التذمر لدى البعض أيضا على اضعف الإيمان  قد تخلق جو من العدائية والفراق بين المواطن وسلك الدولة بل تولد عدائية في ذاتية البعض بل قد تجرف او تاخذ بالبعض على منحنيات أخرى أكثر خطورة من اي شي

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 94 الشهر 94 الكلي 9362166
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير