الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
النجاة من الفوضى .. عندما تحول العراق إلى مملكة جوسون

بواسطة azzaman

النجاة من الفوضى .. عندما تحول العراق إلى مملكة جوسون

ادهم ابراهيم

 

في نهاية القرن التاسع عشر وبدءا من عام 1895 بدأ النفوذ الامريكي بالازدياد في مملكة جوسون (كوريا حاليا) بهدف السيطرة على التجارة الخارجية   في المحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية .

وكان لليابان وجودا في هذه المملكة ، فعملت امريكا وبالتنسيق مع اليابان على حل الجيش الكوري ، لتسهيل السيطرة عليها ،ثم مالبثت حتى انسحبت شكليا ، وسلمت كامل اراضي كوريا الى اليابان التي عملت على اخضاعها بالقوة .

وهذا تماما كما حدث في العراق عندما احتلته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 ثم في وقت لاحق سلمته الى ايران بعد حل الجيش العراقي .

من قال ان التاريخ لايعيد نفسه !

وتمددت ايران في العراق عبر اذرعها السياسية والعسكرية ، وتجاوزته الى سوريا ولبنان .

ومع ذلك بقي التوافق الامريكي الايراني مستمرا في العراق ، وعلى الاخص فيما يتعلق بالعملية السياسية وتنصيب رؤساء الوزراء ، عدا استثناءات بسيطة !

مارست الحكومات العراقية المتعاقبة بدعم من الجمهورية الاسلامية عمليات قمع وتغيير ديموغرافي في كثير من مناطق الجنوب والوسط ، وتسببت هذه السياسة بتمكين التطرف الاسلامي المتمثل بالقاعدة ثم داعش من احتلال مدن عريقة وتسبب في قتل عشرات آلاف العراقيين وتشريد وتهجير الملايين .

ودخلت البلاد في فوضى عارمة وفساد سياسي واداري وضياع مليارات الدولارات دون تقديم اية خدمات في البنية التحتية ولاسيما الكهرباء والماء والسكن والتعليم والصحة !

اوضاع مزرية

وعندما ثار العراقيون على الاوضاع المزرية في انتفاضة تشرين الخالدة عام 2019 تم قمعهم بقسوة بالغة .وتم ذلك تحت انظار الولايات المتحدة الامريكية ودول العالم والمنظمات المعنية بحقوق الانسان دون تدخل او اعتراض !

وعاثت الميليشيات الحزبية بالارض فسادا . وتعذر دمج الحشد الشعبي مع المؤسسات العسكرية ، في تجربة مقاربة للحرس الثوري الايراني .

وارتكبت الميليشيات التابعة للاحزاب جرائم بحق الشعب العراقي من قتل واختطاف وتغييب ولاسيما النشطاء والاعلاميين لتكميم الافواه . مع الافلات من العقاب .

ولم يهدأ الوضع الا بعد محاولة العودة الى شكل جديد من  الاتفاق النووي "الذي نقضته امريكا" ، بمفاوضات غير معلنة جرت تحت الطاولة ، في اعقاب الحرب الروسية الاوكرانية . فتغيرت التفاهمات الامريكية الايرانية في العراق الى املاءات امريكية على حكام طهران تتعهد فيها ايران بعدم تجاوز تخصيب اليورانيوم لنسبة 60 بالمئة واطلاق سراح الامريكان الثلاثة المسجونين في ايران .

مع تخفيف التوترات الناتجة عن التدخلات الايرانية في المنطقة العربية .

مقابل رفع العقوبات عن بعض الشركات والمؤسسات والبنوك الإيرانية . وتحرير أصول إيرانية محتجزة في كوريا الجنوبية والعراق بما يزيد على 20 مليار دولار .

وقد سعت طهران منذ فترة ليست بالقصيرة في تخفيف العقوبات المفروضة عليها والتي اثرت عميقا في معاناة الشعوب الايرانية حتى اصبحت تهدد النظام برمته . فاتخذت قرارات جريئة لتهدئة الوضع في المنطقة ، منها التطبيع مع العربية السعودية ، وكتم سلاح الميليشيات في العراق مع خطط لابعاد الحشد الشعبي الى خارج المدن ، في تهادن وتصالح ظاهرين ، على المستوى السياسي واعلامي ايضا . كل ذلك في محاولة لتهدئة اللعب واعادة الاستقرار في العراق والمنطقة العربية . حيث لاترغب الولايات المتحدة تشتيت الانتباه عن محاولاتها في تحقيق نصر على روسيا في حربها مع اوكرانيا ، او تحجيمها على الاقل . والتفرغ لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد .

 

ان ولئك الذين باعوا وطنهم بثمن بخس قد عادوا بثوب الحملان بعد ان كشروا عن انيابهم ، فما حدا مما بدا سوى الرغبة المحمومة في البقاء على رأس السلطة باي ثمن !

حتى جاءت حكومة السيد محمد شياع السوداني لتتبنى سياسة جديدة في الاقتراب من محيطها العربي فعقد اتفاقات هامة مع كل من العربية السعودية ومصر والاردن ثم قطر ، بعد الزيارة المهمة للشيخ تميم بن حمد آل ثاني لبغداد .

وتم افتتاح مشروع "طريق التنمية" لربط ميناء الفاو بتركيا وصولا إلى أوروبا الذي يمثل نقطة تحول في علاقة العراق مع جيرانه .

فاصبح العراق أكثر استقرارا من أي وقت مضى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 .

وشهد انخفاضا ملحوضا في الاعمال الإرهابية والعنف إلى أدنى معدلاتها .

ولكن على الرغم من الهدوء النسبي هذا ، فان المنافسة الشرسة بين القوى السياسية  بدأت تضغط بقوة على حكومة السيد السوداني،  من أجل الحفاظ على مكاسبها وتماشيا مع أهدافها وأولوياتها المعلنة ، مما يتحتم على حكومة السوداني العمل باستقلالية والنأي عن الاعيب الساسة واحزابهم .

وبعكسه فان الوضع السياسي الهش في العراق قد يتعرض لانتكاسات جديدة ، فالاوضاع الدولية الساخنة وخصوصا على الجبهة الروسية ، والاستقطابات العالمية الجديدة قد غيرت من قواعد اللعبة في منطقة الشرق الاوسط ، وان هناك مصالح دولية واقليمية يتوجب مراعاتها . ولم تعد الاحزاب الولائية الحاكمة في العراق حرة في اتخاذ قراراتها ، ولا من يساندها .

من كل ذلك يبدو ان هناك انفراجا في الهيمنة الايرانية على مقدرات العراق ، يمكن استثمارها لتحقيق الاستقلال الناجز لهذا البلد ، غير ان استمرار الفساد السياسي والاداري يعد من معطلات النهوض مجددا .

إن رغبة المواطن العراقي العيش بكرامة وأمان تنبع من الإحساس بسيادة القانون واستقلال القضاء ، مما يتطلب الابتعاد عن المحسوبية والطائفية ، والافلات من العقاب

السائدة حاليا .

إن معالجة مثل هذه القضايا  تتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة والتصميم على السير بخطوات الاصلاح الجذري والانخراط الجدي في تحقيق وحدة القرار السياسي واستقلاله . . عندها فقط تكون لدينا فرصة لتطوير العملية السياسية واعادة بناء الدولة الوطنية الحقة .

 


مشاهدات 779
أضيف 2023/07/03 - 4:12 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 12:27 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 225 الشهر 7793 الكلي 9369865
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير