الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نجوم ، على الرأس والعيـن

بواسطة azzaman

نجوم ، على الرأس والعيـن

 

صبـاح الربيـعي

 

في مقالة سابقة اشرت ، الى موضوع التأليف والكتابة  والنشر ، مكررا ماهو شائع من  القول إن مصر تؤلف وبيروت تطبع  وبغداد تقرأ ، واليوم اعود الى بعض تفاصيل هذا القول واسبابه !

في مصر،  ثمة اهتمام واضح  بالإنتشار والذيوع  على اعتبار ان ذلك هو اول الطرق  للنجومية  وعلى هذا تربى الجميع .مع إن معرفة الجوهر اهم من معرفة المخبر الخارجي ، الذي قد يكون خادعا . هنا تذكرت كيف أن رجلا اتى  الى الفيلسوف اليوناني  سقراط  وهو (يتبختــر) في مشيته  ويتباهى بجمال هيبته واناقة مظهره ، فقال له سقراط : تكلم حتى أراك ! بمعنى ان قيمة الإنسان  لاتكمن في مظهره الخارجي  بل فيما يحمله من افكار ويكتنزه من معرفة يعبر عنها عندما يشرع في الكلام ، ولكل انسان دور في هذه المحادثة  .. ومن المهم ان يتساوى الجوهر مع المخبر ، فالحياة جميلة لمن يعرف كيف يحياها  ويديرها ولاتديره ، فاليأس لايليق بالباحثين عن حياة افضل ، وانتشار مستحق ، وعلينا ان نتعلم كيف نحيا على قيد الحياة احرارا من خلال الأمل والتفاؤل والحب ، فذلك هو سبيل العيش الأفضل  الوحيد ، فلا سبيل الى السعادة في الحياة  كما يقول مصطفى لطفي المنفلوطي  الا اذا عاش الإنسان حرا طليقا  .

المرء عادة يختفي خلف كلماته  وحديثه هو جواز مروره الأول الى قلوب الاخرين . صوتنا هو نحن ؛ بإختصار شديد ! وإلا فإن الصمت هو البديل ، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر  فليقل خيرا او فليصمت!

 ان حفظ اللسان يكون بعدم التحدث بلغو الحديث  والغيبة  والنميمة والفحش ،وهنا اتساءل هل صحة مقولة " مغنية الحي َ لاتطرب "، واسمح لنفسي هنا ان انعطف الى  حيث الفكر والثقافة والفنون ، وماهي اسس  الانتشار فيها  ، ومن هو السبب في حالة وجود تقصير ما في هذا الجانب  او ذاك ! اتحدث اليوم عن  صاحب "نوبل" العربية الوحيدة للأدب ، الكبير نجيب محفوظ  والتي حازها عام 1988? وانعطف قليلا عند الكاتب العراقي الكبير  غائب طعمة فرمان متسائلا عن الشهرة الفائقة التي يحظى بها محفوظ قياسا لشهرة فرمان ! واقصد هنا بين عموم الناس والقراء  والشعراء والادباء  وليس بين الادباء والكتاب واولي الشأن ! نجيب محفوظ حريص على التواصل  مع الاجيال الثقافية  المختلفة ، اروع ماكتبه " اولاد حارتنا " و " الثلاثية التاريخية " و" ثلاثية القاهرة " ـ بين القصرين وقصر الشوق والسكرية  وله 35 رواية  و20 مجموعة قصصية و 39 سيناريو  ونصوص سينمائية وثماني مسرحيات ! وكان حريصا على التواجد  مع  تجمعات ادبية وفكرية مثل " الحرافيش" ولم ينقطع عن الكتابة للاهرام  رغم مامر به من ظروف وازمات  مما يؤكد لنا ان حضور الكاتب نجيب محفوظ لم يكن من فراغ ! وانما نتيجة حب الناس والقراء والمتابعين له ، فهو له يد في هذا الانتشار  الكبير . ولكننا حين نحاول التعرف على سيرة الكاتب الكبير غائب طعمة فرمان  لانجد ذات الشيء ! مع انه كاتب عراقي توفى في موسكو ، له مجموعتان قصصيتان " حصاد الرحى " و" مولود آخر  اما رواياته فهي " النخلة والجيران " و " خمسة اصوات " و " المخاض " و "القربان " و " ظلال على النافذة " و" المراكب " و المرتجى المؤجل " و " آلام السيد معروف " وله مشاركات فاعلة في " مجالس الزيات " و "سلامة موسى " و " مجلس نجيب محفوظ " ، ومارس كتابة الشعر قبل ان يتحول الى القص الروائي  وترجم نحو 30 كتابا في عيون الادب الانساني . السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو  لماذا معرفة الناس والقراء ينجيب محفوظ اكثر مما هو حاصل مع غائب طعمة فرمان  ويكاد البعض لايعرف أن لديه غير " النخلة والجيران " و " خمسة اصوات " ! من هو المسؤول :الكاتب او المؤسسات الثقافية او اولو الأمر الغائبون عن الانظار ! الادباء ادوا ادوارهم  كاملة ولم يكن مطلوبا منهم " التبختـــر "امام السيد سقراط  ليعبروا عن جوهر ابداعهم اوضح تعبير، فتركوا اعمالهم هي تتبختر ! اما نحن فيبدو اننا لم نسدد  بعد فاتورة الوفاء  والعرفان ونجومية الإبداع !

 


مشاهدات 915
أضيف 2022/12/26 - 4:47 PM
آخر تحديث 2024/11/20 - 4:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 109 الشهر 9233 الكلي 10052377
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير