مونديال الدوحة .. صراع حضاري وقيمي
حسين الذكر
لا نتحدث عن مونديال الدوحة اكثر مما تحدثوا عنها في جميع ارجاء العالم وقد اجمعوا على نجاحها سيما من الناحية التنظيمية .. ولكني هنا أحاول ايجاز اهم الدروس والعبرة المستخلصة لذاك النجاح وما هي أسبابه .. فان النجاح لم يات اعتباطا ولكنه حصل بشكل متدرج انطلق من تنظيم بطولة خليجي /4 عام 1976 مرورا بالبطولات القارية والعالمية للاندية حتى بلغوا ما بلغوه في كاس العالم 2022. كما ان إقامة المونديال في منتصف الدوريات العالمية أتاح لللاعبين المشاركين ان يكونوا بقمة الجاهزية البدنية مما جعلهم يقدمون مردودا بدنيا واضحا لم يتاثر بطول المباراة وقوتها برغم الوقت المضاف وما شكله من ظاهرة برزت في مونديال الدوحة عن البطولات الأخرى ..
من ناحية أخرى فان استخدام احدث التقنيات اسهم في إنجاح تنظيم البطولة وحتى التاثير على تطوير المباريات ونتائجها سيما في التحكيم وعنصر الفار وغيره من قدرات السيطرة على درجة الحرارة وتوظيف المناخ كما تعد البرامج الثقافية والمهرجانات المرافقة من الأسباب المهمة التي أسهمت بانجاح البطولة ووظفت بشكل امثل .
من الناحية الفنية والخطيطة ما زالت المهارة والعطاء الفردي يؤثر على النتائج العامة وان كانت الخطط المعتمدة جماعية الأداء ( مسي وممبابي انموذجا ) .كما أظهرت البطولة اعتماد ذات الخطط التكتيكية المعتمدة من قبيل 4-3-3 وتفرعاتها .. لكن الفارق كان باساليب اللعب المتنوع لكل مباراة وحسب ظروفها .فضلا عن عملية تغيير خمسة لاعبين في المباراة الواحدة سمح باشراك اكبر عدد من اللاعبين مما أتاح قدرة جديدة للمدربين بالافادة من العناصر الجديدة بالشكل الأنسب مع إمكانية افضل لتوزيع الجهد .. مع دفعات طاقة بدنية وفنية للفرق وكيفية توظفيها وادارتها خلال المباراة .كذا شكل العقل التكتيكي قوة دافعة واثبت نجاحه للمدربين بشكل تفوق على مواهب المدربين وما يعنيه من ضرورة الإفادة من تطور عقليات المدربين ودعمهم بالجهاز الاستشاري العلمي ( مباراة البرازيل وكرواتيا انموذجا ) .
المنتخب المغربي شكل ظاهرة بارزة في هذه البطولة وتحقيقه نتائج كبيرة يمثل تأكيد على ضرورة الإفادة من اللاعب المحترف في دوريات عالية المستوى واهمية توظيفه بالشكل الأنسب .كما ان فوز منتخبات اسيوية وعربية وافريقية على منتخبات ذات تاريخ عريق اعطى مؤشرا الى مدى التطور الذي حازت فيه الكرة الاسيوية والعربية والافريقية على حساب دول الهيمنة الاوربية والأمريكية مع تسجيل بعض الحالات الاجتماعية التي رافقت انتصارات المنتخب المغربي الشقيق وحضور الاسر والامهات وما يعنيه من دافع وزخم يصب بصالح قوة ومعنويات الفريق .
اثبت ان الحماس الزائد وعدم رسم الاستراتيجيات الصحيحة قبل البطولة وبما يتناسب مع قدرات الفريق وبقية فرق المجموعة يؤدي الى هزائم منكرة ( خسارة السعودية وخروجها المبكرة برغم فوزها على الارجنتين ) . فضلا عن كون ذلك الحماس ثد شكل ضغطا يضاف الى بعض الضغوطات الحكومية والإعلامية على اللاعبين اثرت سلبيا على بعض المنتخبات .
من ناحية أخرى استمرار ظهور المراهنات وتاثيراتها بشكل مريب يستحق إعادة دراسة الملف بما لا يؤثر سلبا على نتائج البطولات مع بروز ظاهرة الصراع القيمي باعلى درجاته بوضح صارخ وتحت مظلة رسمية .. اثبت ترسيخ وتثبيت وعمق القيم الإسلامية العربية وتفوقها على قيم العولمة الجديدة المتمثلة بالمثليين . هنا لا بد من الإشارة الى ان لعبة كرة القدم اثبتت انها ثقافة جديدة راسخة تعمقت كثقافة جديدة مؤثرة باغلب ملفاة الحياة بشكل على الحكومات ان تعيد دراسة الظاهرة والإفادة منها بشكل اكثر إيجابية وما يشكله المضمون العام من تعاون وانفتاح بين شعوب العالم .