المرأة والإضطهاد الإجتماعي
ماهر نصرت- بغداد
.. كنت قد بينت في مقالات سابقة الى محاسن المرأة واثرها البالغ في عملية الحب ولوعة الرجل وبينت في التوضيح عن مدى اشتياق الرجل لجمالها الروحي وهو ينحني لها في سره صاغراً متقزماً يتشبث بتلافيف سطوتها الروحية يرجو رضاها وخضوعها ولو على حساب كرامته ، ولو شائت لركلته بقدمها وبصقت عليه كما يحدث في المجتمع الامريكي وامتداده من المجتمعات الغربية الاخرى .. لكنها في مجتمعاتنا تبدو غير ذلك تبدو وكأنها كائن مسكين مسالم لاقوة له ولا رأي تريد العيش في حياة آمنة خالية من المشاكل وما تجلبه لها من أضرار ومساوئ .. وأود ان أشير الآن الى أهميتها في الجانب الاخر من الحياة وما تبذله من جهودٍ جبارة في بناء الأسرة ورفد الأوطان بأجيال منتجة أضافة لواجباتها المتعددة مثل الوظيفة والعمل خارج البيت وما يترتب عليه من أشغال شاقة متعبة لارحمة فيها .
أن أكثر النساء من ضعاف الشخصية يتقبلن الإهانة من الرجل بشكلٍ أو بآخر لأسباب أولها نفسية تكمن في خوفها من قسوته وتصرفاته الوحشية والهستريا التي تعصف به فاقداً السيطرة على نفسه فقد يصب جنونه بالنهاية في ايذائها معتمداً على قوته العضلية التي يتبجح بها امام الضعفاء وقد نسي أن المرأة انسان له شخصية وكرامة وضمير وهي تفرح وتحزن وتتألم وليست شيطان .
ومنها اقتصادية ، فهي بحاجة الى مصروف تقضي به أعمالها وأعمال أولادها وبما أن مصدرها من هذا المصروف هو الرجل لذلك تقع له عبداً وتستسلم له وتمنحه كل ماتملك وخاصة إذا كان من اولئك الذين يحملون النزعة التسلطية المعروف عنها التفاخر بالمال والمنصب والسعي وراء المشيخة والتسيد بأي ثمن .
أني أرى أن هولاء الجلاوزة من الرجال يعبثون بالمجتمع وينسفون أساسه القائم على دعائم المرأة التي تحاول بكل طاقتها أن تبني أسرتها وتصل بأولادها الى مستوى راقٍ ومتقدم ، والعجيب أن وسائل الاعلام وخطباء الجوامع لايذكرون شيىءً في خطبهم الواعظة المليئة بالصياح والعصبية والتشنج عن دور المرأة في المجتمع وأفضالها والدعوة في مداراة هذا الكائن اللطيف الرقيق صاحب الفضل الاول في بناء الاسرة الذي يؤدي بالنهاية الى تقوية اواصر المجتمع ورصانة دعامته النابع من أخلاصها ومثابرتها التربوية ..
فهي بناّء ماهر وهي أفضل من الكثير من المعلمين المتغطرسين الذين كان البعض منهم يضرب أولادنا بالعصا بحجة تعليمهم فلولا اعتراض اولياء الامور مع الضغط الذي مارسته وزارة التربية على طواقم التعليم في منع الضرب والاهانة لازداد بعضهم في غطرسته وضاعف من أهانته للطلبة بدل من ان يجد لهم طريقة حضارية يروض بها نفوس التلاميذ الذين هم بحاجة الى العطف والرعاية ...
اما بالنسبة للمرأة فسيخرج هنا طبعاً أحد المعترضين ويحمل سيفه كما كان يحمله عنترة ابن شداد ويقول أن الله سبحانه يقول في كتابه الحكيم ( الرجال قوامون على النساء ) فالرجل احق من ان يكون صاحب الكلمة الفصل وأن يسيطر على المرأة :- أجيبه هنا بأختصار واقول له أن الرجال قوامون على النساء ولا اعتراض على كلام الله سبحانه ولكن يجب ان يكونوا قوامون بالحق وليس بالباطل المتمثل في اضطهادها وتحطيم شخصيتها وسحق كرامتها .. لديّ صديق يقص لي هذه الواقعة التي تحدث كل اسبوع امام عينيه ويدعي أن هناك رجل من سكنة محلتهم يطلب من زوجته ان تذهب الى المدينة كل صباح لتبيع حليب بقرته بالسعر الذي يحدده هو لها واذا تعود ولم تبيع الحليب بذاك السعر يضربها أمام أطفالها الثمانية بالعصا فتبقى المسكية تئن طول الليل من الالم ودموعها غزيرة لاتتوقف .
أن ديننا دين عادل يساوي بين الرجل والمرأة ويوصي بأحترامها وحفظ كرامتها لكونها انسان له عواطف ومشاعر وانني اتحدى الرجل أن يستطيع العيش بمعزل عن المرأة أكثر من شهور قليلة وأن استطاع لأسباب قاهرة مثل المرض او العوز المادي فسيصاب بالعقد النفسية والحسرة والخذلان والتصرفات الغريبة في النهاية.. أن الرجل الذي يفقد زوجته يبحث بعد مرور الاسبوع الاول عن زوجة اخرى بكل امكانياته المادية والنفسية واذا لم يجد يصاب بالهستريا والشذوذ .. فلماذا لاتذكروا فضل المرأة عليكم أيها الرجال وتعترفوا بضروريتها في حياتكم ؟ أليس هذا نوع من الظلم او عدم الوفاء على اقل تقدير لذلك الكائن المسالم الجميل الرقيق ؟!.