العراقي الذي رفض الجنسية الأجنبية
دبي - محسن حسين
من بين العراقيين القلائل الذين رفضوا عرضا بمنحهم الجنسية من دولة اخرى الدكتور فيصل السامر الذي مرت 14 كانون الاول ذكرى وفاته عام 1982.
فيصل السامر الذي تولى منصب وزير الارشاد في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم كان سفيرا للعراق في اندونيسيا وماليزيا عندما قتل الزعيم اثر احداث 8 شباط 1963 فاستقال وذهب الى (جيكوسلوفاكيا) السابقة وحينذاك أسقطت الحكومة الجنسية والجواز عنه وعن أفراد أسرته فعرضت عليه الحكومة التشيكية جنسيتها له ولاسرته ،فاعتذر عن قبولها متمسكا بعراقيته. عرفت السامر شخصيا بعد توليه الوزارة واشهد انه ساهم بحكم منصبه مساهمة كبيرة في تاسيس وكالة الانباء العراقية التي كان لي الشرف ان اكون واحد من ثلاثة وضعوا اللبنة الاولى للوكالة عام 1959.
واعتقد ان السامر هو الذي اختارنا انا والمرحوم حميد رشيد وبعد فترة المرحوم احمد قطان لنؤسس نواة الوكالة وكان يتابع عملنا ويتصل بنا لحل اي مشكلة تواجه الوليد الجديد في عالم الصحافة العراقية معتمدا علينا دون التوجه لاستيراد خبرة عربية او اجنبية.
وللتذكير بشخصية فيصل السامر اذكر انه من البصرة ، ولد عام 1924 درس في كلية الاداب نال البكالوريوس 1947 والماجستير 1950 من بجامعة القاهرة وكانت رسالته بعنوان "حركة الزنج" .وفي سنة 1953 اكمل الدكتوراه من الجامعة ذاتها وكانت رسالته بعنوان :"الدولة الحمدانية في الموصل وحلب " وعمل استاذاً ورئيساً لقسم التأريخ بكلية الآداب/ جامعة بغداد مطلع السبعينات من القرن العشرين.اتجه الى العمل السياسي وكان يسارياً وتقدمياً في تفكيره وتوجهه ، وكان أحد مؤسسي مجلة "الثقافة الجديدة" عام 1953 .في بداية الخمسينيات ـ أيضاً ـ أسهم بفاعلية في حركة السلم التي انطلقت آنذاك ، وحضر مؤتمرها السري الاول عام 1954 وفي العام نفسه اصبح مرشح الجبهة الوطنية الانتخابية عن البصرة الى البرلمان ، لكن مواقفة المناوئة للحكم الملكي أدت الى ان يفصل من الخدمة الحكومية مع عدد من زملائه دخل دورة ضباط الاحتياط العاشرة التي خصصت للمفصولين سنة 1955 وبعد تسريحه اضطر للسفر الى الكويت للتدريس في بعض معاهدها التعليمية ولم يعد الى العراق الا بعد قيام ثورة تموز 1958 أذ نولى مناصب عديدة منها (مدير التعليم العام) وهو من الداعين لتأسيس نقابة للمعلمين، ولما تشكلت أول نقابة بعد 14 تموز 1958 صار أول رئيس لها . وفي سنة 1959 اختاره عبد الكريم قاسم القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وزيراً للارشاد (الاعلام) ... وخلال فترة توليه الوزارة اسس وكالة الانباء العراقية، والفرقة السمفونية ،ودار الاوبرا. يحق لنا نحن ابناء واع ان نستذكر حياة الرجل الوطني وبشكل خاص تمسكه بعراقيته رغم الظروف التي مر بها رافضا الجنسية الاجنبية التي اصبحت من مؤهلات الحكام في العراق الجديد بعد الاحتلال الامريكي.