الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإعتراف بالخطأ فضيلة

بواسطة azzaman

الإعتراف بالخطأ فضيلة

صبـاح الربيـعي 

 

دائما  ثمة فرق ، بين الحرص والدقة في العمل ، وبين التمسك بالخطأ على حساب الحقيقة والنزاهة ، فالمرء معرض  للوقوع في الخطــأ ، طالما كان يعمل ويجتهد ، ولايوجد من يسلم  من الوقوع في الخطأ ، فذلك هو المستحيل بعينه ..  وبالنتيجة فإن : من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، بقصد او بدون قصد ، انه قانون حازم لعدالة الارض والسماء ، وبعد هذا وذاك ، فان الرأي الصحيح يحتمل الخطأ كما ان الرأي الخطأ يحتمل ان يكون صحيحا ! وعلى الدنيـــا السلام والمحبة ، ولاحاجة للأنكفاء والتظاهر بعدم الرضا المطلق ، النجاح ميسور لأولي العزم والارادة ، ولدينا جميعا في رسول الله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) أسوة حسنة  في التواضع واعطاء كل ذي حق حقه  بالتمام والكمال ، فالمرء حين يريد ان يكون ناجحا  عليه ان يدرك بان المجال متاح للجميع  وبوجود اشتراطات لابد من توفرها  لتحقيق هذا الهدف المشروع . ان النجاح ليس اقوالا وادعاءات ملونة فارغة ، نطلقها هنا وهناك  . انه جهد  واصرار وحبات عرق تتفصد على الجبين ! وكل هذا يجب ان يتوحد لتحقيق ما نسعى اليه  من اهداف نبيلة . الدنيا ليست ساحة عرض مسرحي ، انها احتدام الزمان والمكان  مما يمكن ان تتأتى منه في النهاية تباشير آمال عظيمة  لحياة فضلى ، نحلم بها بقوة ، جيلا بعد جيل . النجاح ليس حكرا على أحد  ولكنه يحتاج الى " أحدبفكر وقيمة وإرادة ، وإلا ضاع كل شيء ، الخيط والعصفور معا ! .. ومما يمكن ان يروى هنا ، انه في ليلة شتائية  وكنت  مذيعا مكلفا بقراءة نشرة اخبار منتصف الليل في إذاعة بغداد ، وهي نشرة شاملة لأخبار اليوم ، ذهبت الى قسم الاخبار في الإذاعة وكان هناك المحرر الخافر  ، الذي اعطاني النشرة للإطلاع عليها  قبل قراءتها المباشرة على الهواء ، فأخذتها شاكرا .. وعند قراءتها وجدت ان احد الاخبار فيها  كان محرَرا بشكل مغاير  لما هو مطلوب ، فقلت له بلطف ، إن الخبر الخاص بالكونغرس الاميركي غير صحيح  ومطبوع بشكل معكوس . هنا ، ثارت ثائرة المحرر الخافر ، ورفض ملاحظتي جملة وتفصيلا ، بل وسحب النشرة من يدي  ، وقال لي : غير مسموح لك ان تغير حرفا واحدا ، انت هنا مذيع  وواجبك ان تقرأ الاخبار كما تقدم اليك ! ولا اقبل اي نقاش في الموضوع ! ولما حاولت لن اثنيه عن قراره المفاجيء  إزداد تعنتا واصرارا  على موقفه الغريب ، فتركته وغادرت صالة الاخبار ، وطلبت من احدى الزميلات الخافرات قراءة نشرة الاخبار بدلا عني ، وكنت حينها رئيسا لقسم مذيعي الإذاعة ،  فذهبت وهي لاتعرف سببا لهذا التغيير  المفاجيء ! وذهبت الى مدير مكتب المدير العام لأخبره بما جرى ، وقلت له ان الزميل " فلان " يمر اليوم بأزمة نفسية  والافضل هو استبداله ، فهو رفض تعديل خبر ، لااحد سيعرف من الذي عدله  ولماذا ! وكان غاضبا ومتوترا للغاية ، كان الحل بالنسبة لي ، هو الابتعاد عنه ، وهذا ماحصل  ، ولكنه حضر امام المسؤول الخافر  قائلا له إنني تجاوزت حدودي  في تغيير " سياق الاخباروكانت تلك  رواية هشة لم تقوَ على الصمود .. وفي اليوم التالي ، وعند حضوري صباحا  الى الدوام ، تسلمت  كما هي العادة  يوميا  الصحف اليومية الثلاث من قسم الاستعلامات ، وذهبت ابحث عن " الخبر " اساس مشكلة الامس  فوجدته قد عـُدل في النسخ الثلاث ، مما يؤكد ان الزملاء الخافرين في وكالة الانباء العراقية تنبهوا الى ذلك وعدلوا الخبر..فارتحت حقـــــا ..ودخلت الى مكتب مدير عام الإذاعات  الذي كان بانتظاري  لمعرفة واقع ماجرى بالامس ، وكان المحرر الخافر قد اتصل بالمدير العام ليلا  وشكاني عنده بتهمة التجاوز بالعمل  وسياقاته .وكان المدير العام واثقا من روايتي للموضوع  ووقف الى جانبي ، خاصة بعد ان تأكد من تصحيح وكالة الانباء العراقية  للخبر  مما يؤكد صوابية وجهة نظري . هنا قال لي السيد المدير العام : لنقطع علاقته بالدائرة ،وكان يعمل على نظام القطعة / الاجور وليس موظفا ثابتا  ، فرفضت هذه الفكرة  تماما ،مؤكدا أن قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ، ويمكن الإكتفاء بتبيهه شفويا  والاستمرار بعمله  فلا علاقة لعياله بتصرفه الغريب الذي لم اعرف بواعثه  حتى اليوم ! وللأمانة فان المحرر المعني كان جيدا في عمله  عموما ، لكنه تلك الليلة لم يكن على مايرام  ، فتصرف بما يحسب ضده  وليس له . العمل المخلص يحتاج  الى سعة صدر وقلب قادر على احتمال العثرات وما يعرقل المسيرة الى الكمال..والفضيلة  التي ننشدها جميعا !


مشاهدات 600
أضيف 2022/12/14 - 5:48 PM
آخر تحديث 2024/07/01 - 3:21 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 133 الشهر 133 الكلي 9362205
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير