وماذا عن فتاوى القلب ؟
حسين الصدر
-1-
من نِعم الله سبحانه على عباده انه منحهم الفطرة السليمة والقلوب الصافية من الشوائب والأدران غير أنَّ تراكم الذنوب والخوض في لُجَجِ العصيان والتمرد والجحود يُحوّل قلوبهم الى قطع سوداء مظلمة لا تتحسس وخامة ما يُقدمون عليه مِنْ ممارسات مُنْكَرة .
-2-
وقد ورد عن الرسول الأعظم محمد (ص) قوله :
" استفتِ قلبك ،
البِرُّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأنّ القلب
والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر "
ومعنى ذلك أنّك تستطيع أنْ تُشَّخِص – وبكل يسر وبساطة – حقيقة ما تُقدمُ عليه مِنَ الاعمال، وتتعرف على الصالح منها والطالح مِنْ خلالِ ما تجيش به نفسك من مشاعر الرضا والاطمئنان او الخيفة والتوجس والرفض حيث لا يستوي المنكر والمعروف في الوجدان ولا في الميزان .
انّ لك من قلبك مشعلاً يُنير لك الطريق ،
ويُبددُ العتمة الحالكة ،
ويطرد عنك كل ألوان التردد والحيرة .
انّ رعايتَكَ للضعفاء وذوي الحاجة واهتمامَك بايصال المعونات اليهم – على سبيل المثال – لا تحتاج الى أنّ تسأل عنها أحداً ، ذلك أنها تَعْبَقُ بشذا البر والاحسان ، ويدلك على ذلك قلبُك، وتشهد لك بذلك نفسُك، وتدفعك فطرتك السليمة نحوه وبكل تأكيد، في حين انّك حين تمد يدك الى المال العام محاولاً اقتناصه واصطياده تجد الرفض والكراهية يصطرخان في أعماقك حيث تأبى السرقةَ الفطرةُ السليمة والنفس الأبّيةُ والقلبُ السليم .
انّ الاشقياء مِنَ الناس هم الذين لا يُصغون الى نداء الضمير ، ولا يكترثون لما تمليه عليهم أعماق نفوسهم وقلوبهم من الردع والصد عن الارتماء في أحضان الخطايا والأخطاء ،
وشتان بين الشريف والوضيع فالشريف لا يختار الا الاستقامة والسلامة من التلوث بالأدران ، والوضيع لا يبالي بالسقوط في الأوحال مهما كانت طبيعتُها ،
وقد يعتبر ما يحوزه من المال الحرام ضرباً من ضروب المهارة والشطارة، وبهذا يُردي نفسه ويكون حطباً لجهنم
أعاذَنا الله وايّاكم من شرور أنفسنا ،
ووفقنا وايّاكم لصالح الأعمال والأقوال وخدمة الدين والشعب والوطن انه سميع الدعاء .