الإستشارات المطلوبة لمواجهة المشاكل العشائرية
مارد عبد الحسن الحسون
تحتل الاستشارة مجالاً مهما في الحياة العامة بقدر ضرورتها لأن تكون مخلصة ،ويكون صاحبها أميناً على المسؤولية الاستشارية التي يضطلع بها . ومع تعدد الاستشارات فأن من اصعبها هي التي يتطلبها التعامل مع العشائر نظراً لتنوع العشائر وامتدادها على كل مساحة العراق من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه مع تباين واضح في التصرفات والاهداف والتدخلات السياسية ، وكذلك بسبب الضغوط التي تتعرض لها العشائر بتأثيرات طائفية ومناطقية يتولاها عراقيون متنفذون يضعون مصالحهم ومصالح المكونات التي ينتمون لها فوق اي اعتبار اخر .
انني وبعد احالتي على التقاعد من اخر مسؤولياتي الوظيفية السابقة مديراً لشؤون العشائر في وزارة الداخلية وفق السن القانونية ، تلقيت عروضا للعمل مستشاراً لشؤون العشائر من اكثر من جهة واحدة تأسيسا على خبرتي في هذا الميدان ولأني ابن عشيرة ولازمت والدي مرافقا له في نشاطاته من خلال مسؤولياته شيخاً عاماً لعشيرة بني عارض وازاء ذلك ،وفي ضوء التوجه الحكومي الإصلاحي الحالي ارى ان ينصب الاهتمام في اصلاح الشأن العشائري على عدد من الاليات .
لاشك ان العمل الاستشاري العام يقوم على محورين أساسيين 1- اعانة صاحب القرار على اتخاذ القرار الصحيح ،2- تقديم المشورة في إطار النهوض بالواقع االعشائري الذي تسوده مع الاسف الكثير من المشاكل وإزاء هاتين النقطتين اجد ان العمل في هذا الميدان يتطلب.
عشائر متخاصمة
اولا- جعل ولاية قوانين الدولة العراقية هي الأساس في التعامل مع العشائر المتخاصمة وداخل العشيرة الواحدة وهذا يتطلب الحضور الأمني القانوني المباشر للأجهزة الأمنية ضمن متابعة ميدانية منعاً لتفاقم الخصومة وبالتالي وأد الفتنة قبل استفحالها.لقد تأكد لي ميدانيا ان حضور الشرطة في الحدث والاسراع في معالجته أمنياً بالسرعة الممكنة يضع حداً للاعتداءات ،اما المؤسف يحصل التدخل الأمني بعد ان تكون الخصومة قد تفاقمت وهذا جزء من الفساد الأمني الذي يعاني منه العراق في المناطق العشائرية .
تصور الأمر ان نقطة تفتيش للشرطة في احد المناطق واشتعل خلاف بين عشيرتين الى حد الاقتتال بالسلاح ومع ذلك تتصرف هذه النقطة الأمنية وكأن الأمر لا يعنيها . ولذلك ارى ضرورة تفعيل أوامر امنية تقوم على تفعيل دور القانون فوق اية اعتبارات ملزمة اخرى وضرورة أخذ المبادرات القانونية قبل استفحال أي خلاف .
ثانيا - ارى ضرورة انتظام جهاز الشرطة في اعتماد الحيادية القانونية في التعامل في الوسط العشائري وإنزال عقوبات بالمنتسبين والضباط الذين يخونون واجباتهم الامنية لصالح العشائر التي ينتمون إليها فهذا نوع اخر من الفساد الاجتماعي الوظيفي القائم على المحسوبية .
ثالثا - لقد تأكد لي ميدانياً ان المناطق العشائرية التي تعاني من الصعوبات الاقتصادية وشظف العيش هي الأكثر مشاكل ومن هنا ،لا بد من إصلاح الوضع المعاشي ، وأسأل هنا عن قانون الأمن الغذائي الذي أرى ضرورة ان يأخذ طريقه في الاوساط الريفية الاكثر تضررا من الجفاف وشحة المياه .
رابعاً - وفق تشخيصات دقيقة ميدانية ، بعض المناطق العشائرية تحولت إلى مخازن خلفية لتجارة المخدرات وأرى أن تسارع الجهات الامنية المسؤولة عن مكافحة هذا الداء الاجتماعي الخطير الى عقد مؤتمرات أو ندوات أو ورش عمل استشارية في إطار سؤال مهم كيف يمكن انتزاع المناطق العشائرية من كونها الآن محطات خلفية لهذه التجارة المحرمة .
خامساً - هناك صراعت في العشيرة الواحدة على الشيخة وهناك عشائر تدعي إمارات وهذه الظاهرة استشرت بصورة لافتة وبتمويل سياسيين من هذا الطرف او ذاك وخلقت مشاكل وارى ضرورة دراسة هذا الموضوع بحكمة لقطع الطريق على المزاعم بالاستناد الى الحقائق المشهودة ،والعودة إلى التسلسل التاريخي.
سادساً - هناك ملاحظة جديرة بالاهتمام تتعلق بالحسم القضائي ،.
اان المؤشر عما يجري في المحاكم هناك تمدد زمني طويل لقضايا ينبغي أن تحسم قضائياً ضمن فترة زمنية معينة، وبخلاف ذلك الأمر يتسبب بشكل أو بآخر باستمرار الخصومات خصوصاً عندما يشعر أهالي الضحايا أن الاجراءات القضائية طويلة و تخضع لتأجيلات متكررة وفي هذا غبن حقوقي .
إن من الواجبات الأمنية الأساسية تنشيط الإجراءات التحقيقية و الحفاظ على سريتها و إحالتها إلى المحاكم التي ينبغي أن تأخذ طريقها الى التنفيذ القضائي بأسرع وقت ممكن.
بخلاصة ، الواقع العشائري الحالي بحاجة ماسة جداً الآن للعمل وفق النقاط التي أشرت اليها....