الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل تسبب الإعلام في زيادة هجرة المسيحيين العراقيين إلى الخارج

بواسطة azzaman

هل تسبب الإعلام في زيادة هجرة المسيحيين العراقيين إلى الخارج

 تعزيز الصمود ورباطة الجأش أسبقيات ملحّة

عادل سعد

هل تسبب الاعلام المسيحي في زيادة وتيرة هجرة المسيحيين العراقيين الى خارج بلدهم العراق ، قد يبدو السؤال قاسياً بعض الشيء ، لكن الحال يقتضيه  بصورة ، أو بأخرى  ، ولكي اكون منصفا ً في الاجابة الدقيقة على هذا السؤال  لي ان اشير الى  نوعين  من الاعلام الذي يخاطب بخصوصية واضحة العراقيين المسيحيين  ،هناك الاعلام الكنسي الذي يتولى مرجعيته  رجال دين اختصاص بالوعظ على مختلف الدرجات ، وينخرط اغلبهم في توجيه ايماني روحي تحكمه الشكوى والمرارة والمناشدة في اطار مفردات ترتفع مقاصدها مع المحيط الذي يعيش فيه المسيحيون  على تعدد كنائسهم  ، اي الكنيسة الكلدانية الكاثولوكية  ، كنيسة المشرق الاشورية ،الكنيسة السريانية الارثوذكسية ، السريانية الكاثولوكية  ،وهناك مسيحيون بعدد اقل من الارمن والروم والارثذوكس الاقباط والبروتســــتانت .

نزيف وطني

تكمن المشكلة في الخطاب الاعلام الكنسي ، انه يفتقر الى وحدة توجه  في هذا الشأن تتناول كيفية التصدي لهذا النزيف الوطني،  هناك كنائس وصل موقفها الى حد تصعيد  المخاوف الجامحة من البقاء في الوطن والضغط باتجاه دوائر  في دول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة واستراليا لتسهيل هذه الهجرة ،فقد وضعوا رعاياهم على منصات الرحيل  ،وبمعنى  مضاف  ، ترديد وقائع في حكم الانقراض ولكن مازال  الترويج لها على انها وقائع مستمرة في حين يستطيع اي اعلامي منصف ان يلمس لمس اليد كيف ان الامور تغيرت جذريا لصالح الاستقرار والأمن  ، ولنأخذ عينة زمنية عام ,2014 والعام الحالي ، ,2022  المؤلم  ، لا أحد في بعض الكنائس يشير الى ذلك التطور الايجابي في الواقع الامني العام  .

بخلاصة تحليلية ، لم يتوفرحتى الان ما ينبغي على الكنائس العمل به  جميعا  في التحرر من الخطاب من اجل تعزيز ثقة المواطن المسيحي بوطنه العراق واشاعة رباطة الجأش  اما النوع الثاني من الاعلام فهو الاعلام بالنسخة التقليدية السائدة  ،فهذا اعلام حصصي تبعاً للجهات التي تموله ومقدار الخصومة بين بغداد واربيل في اطار ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها  .

ان كلا الطرفين يحاولان العمل بموجب سياسة احتواء الاقليات وبالاخص المسيحيين والايزيديين وسط تجاذب يفتقد لأخلاقيات التضامن الحقيقي ،وهكذا من الحتمي  ان يخلق هذا التجاذب فراغاً بالثقة ،أن لم يثر المزيد من الشكوك الدافعة حتما الى عدم الاطمئنان والتفكير بالرحيل ومغادرة البلاد  ،وقد أرتصف مع هذا الاعلام اكاديميون تبنوا الدفاع عن حقوق الاقليات  ، ولكن في اطار نفعي وتاسيس جاه لهم على حساب المنطق الاعلامي العادل .

ويدخل في اطار ذلك ما أصطلحتٌ عليه (الاقليات العراقية بين  نزعات الاحتواء و النخر الذاتي)  في مقال لي بصحيفة الزمان يوم   24 ايار (مايو) 2021.

لقد اصيبت  الاقليات العراقية بهذا النخر مع مرافقة مؤلمة للضغوط الارهابية التي تعرضت لها منذ  مشارف بدايات القرن الماضي وحتى الان  .

ازاء ذلك جميعه  يستدعي التشخيص  الاشارة الى القول بعدم وجود  غرفة اعلام مسيحي موحد في مواجهة هذه الكارثة تأسيسا على  ملاحظات ،  اغلبها ميداني  .

الملاحظة الاولى ،ان (النواح) على حقوق العراقيين المسيحيين هي السائدة الان  تعتـــــــيماً على حقائق رهن التداول لكن تداولها شحيح .

لقد تسبب الاطلاق والتعميم الى تأسيس المزيد من القلق ، إن لم يكن التوجس والخوف من المستقبل  ،وقد عززت ذلك  وقائع عديدة من الشكوك المتبادلة  ،فحين يتخذ قرار ضد مسيحي فاسد   يفهم القرار على انه ضد المكون العراقي المسيحي ، وهذا الموقف يتكرر لدى الأوساط الشيعية والسنية والاكراد والتركمان في اطار العصبية الطائفية والاثنية والمناطقية التي تحكم المشهد السياسي العراقي العام ،الحال  هناك فاسدون عراقيون مسيحيون مثلما هناك فاسدون في المكونات العراقية الاخرى .

ان  الزعم بأن كل المسيحيين العراقيين ملائكة رحمة لا غبار على نظافتهم امر لا ينسجم مع الواقع ، وهناك نهش متبادل داخل الاقليات يتسسلل بين الحين والاخر الى المنصات الاعلامية مع الاسف .

الملاحظة الثانية ، هناك تغييب اعلامي مسيحي بالدرجة الاولى للمرارات التي يعاني منها اغلب المهاجرين  ، اي دول قصدوا  ،  كما ان عدداً منهم شد رحال العودة الى بلدهم العراق وظهر نتيجة ذلك مصطلح مايعرف ب (العائدين من المهجر ) .

لقد تحاشى الاعلام التبشير بهذه العودة لأسباب بعضها مريب والبعض الاخر عفوي  ، مقابل ذلك تحولت عوائل مهاجرة الى عنصر جذب ضمن وسوسة اجتماعية (شتسوون باقيين ،  يلّه تعالو)  لتكوين احزمة قربى في بلدان المهجر مشابهاً الى احزمة القربى التي تكونت في احياء المدن العراقية نزفاً من الريف .

ثقافة الاحتواء

الملاحظ الثالثة  ، تتعلق بثقافة الاحتواء التي انخرط فيها مسيحيون عراقيون دعما لهذا المكون العراقي المتنفذ ، او ذاك  ، وبعض هؤلاء المسيحيين افتقدوا عفة الاعتداد بوجودهم الوطني لصالح تلك المكونات العراقية  الامر الذي فكك في وحدة الموقف المسيحي العراقي العام .

- الملاحظة الرابعة ، لم يجد الاعلام المسيحي الذي يتصدى لظاهرة الهجرة المسيحية ما يستحق من الاهتمام ، وفي هذا السياق اشد على ايدي المسؤولين في  مركزية مسيحيي المشرق  التي تتخذ من لبنان  مقرا لها  .

لقد  التقيت بعضهم ووجدت لديهم المزيد من الحماسة في تغيير منطق التوجهات لصالح التشبث بالاوطان  فهم يتبنون منهجاً اعلامياً راسخاً  لا يتأثر  بالزوابع الاعلامية التي تعمل على اقتلاع المسيحيين من ارضهم  .

بخلاصة تحليلية ، الاعلام المسيحي العراقي يفتقد الى الذكاء  الوازن الذي يقيس الامور بمستــــــــجداتها  ،  لهذا هو بحاجة ماسة الى متغيرات تنتشله من البكائيات ، وهذا يتطلب اعادة النظر بمــــــــفرداته  السائدة ، وارى ضرورة ان يصـــــــار الى مؤتمر نخبة يتولاه  العاملون في الوسط الحقوقي والإعلامي المسيحي  لإعادة هيكلة الاولويــات العامة على مـــــــعادلات تأثــــــــيث الصمود  بوجه دعوات الرحيل .


مشاهدات 724
أضيف 2022/12/04 - 4:38 PM
آخر تحديث 2024/07/16 - 3:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير