الجراح الإستشاري الدكتور عقيل شاكر محمود: إستئصال الأورام ببراعة وأمل

علي محمد شاحوذ

لم ترق لي  تلك العبارة  التي تصف العراق بأنه ( بلد غني بالنفط) في اشارة الى ما يمتلكه البلد من ثروات ضخمة في النفط والمعادن، وكثيرا ما اعترضت على مستخدميها وهي تظهر العراق وكأنه بئرا نفطيا ضخما في صحراء قاحلة، دون ان يتم الحديث عن  الكنوز الحقيقية التي يمتلكها من الكفاءات البشرية الكبيرة والتي لو أتيحت لها الفرصة الكاملة لزاحمت افضل الكفاءات العالمية، ومن بين أهم هذه الكفاءات يبرز عددا من الاطباء العراقيين الذين لمعت اسماؤهم في عالم الطب، ويأتي في مقدمتها  هرم الطب العراقي الاستاذ الدكتور عقيل شاكر الذي أصبح أحد الاسماء اللامعة في عالم الجراحة،  وبالطبع فان كلنا سنصاب بالرعب والرهبة ما ان تتهاوى الى اسماعنا مفردات مخيفة من قبيل ورم، وسرطان، واستئصال، وسيتبادر الى اذهاننا فورا صالة العمليات، وخيوط الجراحة، ورائحة المعقمات، ونوبات السعال بعد التخدير، وقد تصاب بالارتباك حينما تجد نفسك وجها لوجه مع رجل يحتل القمة في جراحة اورام الغدد والثدي والجهاز الهضمي، ولكن ما ان تبدأ الحديث معه حتى تتبدد غيوم خوفك ورعبك، ويطمئن اليه قلبك، ومع استمرار الحيث معه ستهدأ انفعالاتك وتنفرج اساريرك، وستكتشف تواضع الرجل  واخلاقه السامية، وبروحه المرحة وأسلوبه الهادئ ستشعر بأن مشكلتك المرضية بسيطة، وهذه قيمة الطبيب البارع في أن يزرع الامل في نفوس مرضاه، ولضيفنا الدكتور عقيل تأريخ مشرف في العمل الوظيفي، فهو استاذ الجراحة في كلية الطب بجامعة بغداد، ونظرا لمكانته العلمية فقد وقع عليه الاختيار ليكون مسؤول برنامج جراحة الاورام في الرابطة العربية لمكافحة السرطان،  وهو ممثل العراق في الجمعية الأوربية للأورام، ناهيك عن شهادات الدكتوراه الخمس التي حصل عليها في الجراحة العامة والناظورية وجراحة الاورام، وهو يمتلك سجلا حافلا في اجراء العمليات الجراحية الصعبة والنادرة والتي كان المرضى العراقيون يشدون الرحال الى دول الجوار من اجل اجرائها.

انجازات لا تتوقف

في جعبة الرجل العديد من الانجازات المهمة التي سعى من خلالها الى تطوير واقع جراحة الاورام في العراق،  فيحسب له تأسيس  مستشفى الاورام التعليمي في مدينة الطب واصبح أول مدير لها،  وهو من استحدث الزمالة التخصصية في جراحة الاورام ومدتها سنتين، والتي من شروطها ان يكون الطبيب قد حصل قبلها على شهادة البورد في الجراحة العامة، وقد كان العراق يعاني نقصا شديدا في هذا النوع من الجراحات،  كما انه هو من اسس الجمعية العراقية لجراحة الأورام وصار رئيسها بعد انتخابه من قبل  زملاءه، كذلك تم تكليفه بمسؤولية دراسة البورد العراقي في التخصص الدقيق لجراحة الجهاز الهضمي والكبد. في رصيد الدكتور عقيل  الكثير من العمليات الجراحية الصعبة والتي من خلالها انقذ ارواح المئات من المرضى، وحينما تطلع على قوائم عملياته ستدهشك كم العمليات المعقدة التي اجراها وبعضها كانت مجانية مساهمة منه في رفع المعاناة عن الناس، فالإنسانية عنده قبل كل شئ، واخر تلك العمليات الصعبة والتي تعتبر الاولى من نوعها في العراق عندما تمكن من استئصال ورم سرطاني من المرئ لمريضة مسنة بواسطة ناظور البطن والصدر وربط الجزء المتبقي من المرىء مع الجزء المتبقي من المعدة دون الحاجة الى إحداث  فتح في البطن والصدر كما جرت العادة في مثل هذه العمليات في الماضي، وقد اجراها بمعية فريق طبي في مستشفى مدينة الطب في بغداد، وتحسب له أنه من اوائل الجراحين الذين استخدموا تقنية تلوين العقد اللمفاوية في الابط دون الحاجة الى استئصالها وبالتالي عدم حصول الوذمة ، كذلك هو اول من ادخل للعراق تقنية ال ( الهايبيك) والخاصة باستئصال الاورام والتي يتم فيها استخدام تقنية العلاج الكيميائي عالي الحرارة للتعقيم من بقايا الأورام السرطانية المعقدة بعد ان يتم استئصالها  من داخل تجويف البطن وهي من التقنيات الحديثة والصعبة والتي كانت محصورة بيد جراحين عالميين فقط.

آراء اساتذة الجراحة

الكثيرون من اساتذة الطب والجراحة في العراق اشادوا بإمكانياته العالية في مختلف فنون الجراحة، وأثنوا على جهوده في تطوير العمل الاكاديمي والعملي في جراحة الجهاز الهضمي  يقول الاستاذ الدكتور (منذر العبيدي) رئيس فرع الجراحة السابق في كلية الطب( ان الدكتور عقيل شاكر حاصل على اعلى الشهادات من العراق وبريطانيا وتدرب لسنوات كثيرة في مستشفى مدينة الطب التعليمي ومركز الجهاز الهضمي، وهو يقوم باجراء كافة عمليات الجراحة العامة والناظورية وجراحة الاورام المعقدة ويمتلك خبرة كبيرة ويعتبر من القلائل في حقل الاختصاص،  وهو مسؤول عن تدريب طلبة البورد في الجراحة العامة والاورام)، كما اشار الاستاذ الكبير (الدكتور طالب الجشعمي)،  بأن (دكتور عقيل جراح ذو خبرة علمية فذة وهو اسم لامع في مجال تخصصه اكتسب على مر الاعوام مختلف الخبرات بكل حرفية، وساهم بشكل كبير في تطوير واقع جراحة الاورام في العراق من خلال استحداثه الزمالة التخصصية لجراحة الاورام وحرصه المستمر في تطوير مهارات الاطباء الشباب من خلال جمعية الاورام العراقية). 

ويختصر الدكتور محمد صبحي كمال استشاري علم الامراض النسيجي حديثه عن الدكتور عقيل شاكر: ( استاذ عقيل شاكر من الشخصيات العلمية والمهنية الراقية والاكثر من رائعة، ويمتاز بالتواضع وحسن الخلق والاخلاق الرفيعة وهذا ما يؤيده كل من يعرفه، كما ويتميز بالذكاء العالي وسرعه البديهية والافق الواسع لاحتواء الازمات الطارئة في حال حدوثها، وهو يمتاز بالتغاضي والتعالي عن الامور السطحية، ويتمتع  بشخصية ادارية قيادية من الطراز الاول).

( الله يبارك في عمرك دكتور عقيل شاكر صاحب القلب الطيب والأبتسامة الجميلة التي تزرع بروح المريض الطمأنينة، دمت ذخرا للبلد) بهذه الكلمات علق احد المرضى، وقد ترك دكتور عقيل في نفوس مرضاه ابلغ الاثر الطيب واثنوا على كفاءته وتفانيه في عمله واشار ابناء منطقته الى انه كان يفتح عيادة ليلية خاصة لأبناء  جيرانه يقدم لهم خدماته الطبية مجانا، ديدنه في ذلك ان يترك بصمة قوية ويسجل تاريخا ناصعا تتغنى به الاجيال من بعده وتلك هي صفات النبلاء.

وليس للدكتور عقيل  وقت للراحة او للضجر والملل بسبب انشغاله الدائم في التزاماته المتعددة ما بين سعيه الدائم لمواكبة آخر تطورات فنون الجراحة الحديثة ونقلها الى طلابه في الجامعة وما بين مرضاه الذين ينتظرون على يديه الخلاص من اوجاعهم، وقد قيل ان الطب مهنة النبلاء وبلا شك ان دكتور عقيل واحد من اولئك النبلاء الذين نذروا ارواحهــم في سبيل سعادة غيرهم.