لا سند للحجر على رأي الاستاذ الجامعي
احمد طلال عبد الحميد البدري
اصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارا نوعيا يؤكد دور هذه المحكمة في تحقيق الامن القضائي وحماية الحقوق والحريات العامة ومنها حرية الرأي والتعبير التي كفلها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، حيث سبق وان قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتشكيل لجنه تحقيقية بحق احد التدريسيين كونه قد أبدى رأيا علميا في صفحته الشخصية في تطبيق الفيس بوك وانصب هذا الرأي على نقد عنوان اطروحة علمية في مجال تخصصه الدقيق وملاحظات علمية تتعلق بالنتائج التي توصل إليها الباحث دون ان يتضمن هذا الرأي اساءة للطالب أو اللجنه العلمية المكلفة بمناقشة الاطروحة ، وقد كانت نتائج توصيات اللجنه التحقيقية اصدار عقوبه انضباطية بحق هذا التدريسي كونه قد اساء للمؤسسة الاكاديمية والى لجنه المناقشة العلمية ، وقد ايدت محكمة قضاء الموظفين بموجب قرارها المرقم (254 /ج / 2021 ) في 19 /2 / 2021 قرار فرض العقوبه الانضباطية بحقه معتبره ابداء رأيه العلمي اساءة للمؤسسه العلمية التي ينتسب لها وانه نقده العلمي اثار امعتاض الأساتذة في اللجنه العلمية المكلفه بالمناقشة حيث جاء في حيثيات قرارها ( .... لاحظت المحكمة انه تم فرض العقوبه بناءا على توصيات اللجنه التحقيقية المشكلة بموجب الامر الوزاري المرقم 880 في 9 / 2/ 2020 عندما أدلى برأيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي على صفحته في الفيس بوك كما بين المعترض في عريضه الدعوى بأنه بادر الى حذف المنشور في اليوم الثاني لنشره مباشره بعد اعلامه من مديره ....، بأمتعاض الاساتذه من هذا المنشور ، قررت المحكمة بالاتفاق المصادقه على قرار فرض العقوبه .. ) ، وقد قام الاستاذ المذكور بالطعن تمييزا امام المحكمة الإدارية العليا والتي تصدت بدورها لقرار فرض العقوبه الانضباطية وقرار محكمة قضاء الموظفين الذي صدق اجراءات فرض العقوبة مستجليه في قرارها مبدأ دستوري اقره دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في المادة (36) منه وهو مبدأ حرية الرأي والتعبير وكفالة الدولة له وحريه الاستاذ الجامعي في النقد العلمي البناء في حدود النظام العام والآداب وطالما انه لم يتضمن الإساءة والتجريح للآخرين والمرفق العلمي الذي ينتسب إليه الاستاذ حيث جاء في حيثيات قرارها ( ...لاحظت المحكمة الإدارية العليا ان الحق في التعبير عن الرأي من الحقوق المعنوية التي أكدت اغلب دساتير الدول على تمتع الافراد بها ، فالحق في حرية الرأي يراد به ان لكل إنسان يستطيع التعبير عن اراءه وافكاره للناس سواء بشخصه أو برساله أو بوسائل النشر والاتصال، وهذا الحق مقرر دستوريا والمتطلب ديمقراطيا يوجب على السلطات كفالته وحماية حق الموظف في ممارسته رغبه في الاصلاح وتحقيق الصالح العام وحماية المواطنين من خلال توفير حق الشكوى لهم عن طريق النشر والاعلان دون المساس بأسرار الدولة وصيانتها شريطه ان لايتضمن النشر ما ينطون على مخالفه الدستور او القانون او اساءة استعمال الحق ، حيث ان عدم اساءه استعمال الحقوق هو القيد العام الذي يسري على جميع الحقوق والحريات وفي ذلك نص الدستور العراقي في المادة (36) منه على ان ( تكفل الدولة بما لايخل بالنظام العام والآداب، اولا: حريه التعبير عن الرأي بكل الوسائل ...) ، وحيث ان المعترض انتقد عنوان اطروحة دكتوراه والنتائج التي توصلت إليها الباحثه وهو حق لاي مواطن ممارسته ولا سند للحجر على رأي الاستاذ المختص بإبداء الرأي بشأنه مادام قد التزم النظام العام والآداب وعدم التشهير بالآخرين ،وحيث قد تبين من اطلاع المحكمة على المنشور المستخرج من صفحة المعترض على ( الفيس بوك) عدم الإساءة للمؤسسة الاكاديمية أو التعريض بالزملاء فأنه لاسند لاصدار العقوبه بحق المعترض ، وحيث ان محكمة قضاء الموظفين قد قضت برد الاعتراض ، لذا قرر بالاتفاق نقض الحكم المميز ، وحيث ان موضوع الدعوى صالح للفصل فيه لذا قرر الغاء الامر الوزاري ....المتضمن معاقبه المعترض بعقوبه الانذار ....) ، هذا ما قررته المحكمة الإدارية العليا بموجب قرارها في الطعن المرقم ( 595 / قضاء موظفين / تمييز / 2022 ) في 26 /6/ 2022 ، لذا نهيب بالمؤسسة العلمية عدم مساءلة الاساتذه الجامعيين عما يبدوه من اراء ونقودات علمية بناءًة في حدود النظام العام والآداب العامة وتوجيه اللجان التحقيقية الى توخي الدقه عند اصدار توصياتها والابتعاد عن المعايير الشخصية في رسم حدود النظام العام والآداب...والله الموفق ...