بصمة ..العامري
عبد الحكيم مصطفى
سيمر وقت طويل على الموصل والعراق قبل ان يتكرر قلم جريء واستقصائي بقيمة وقامة طلال العامري ، الذي اثار على مدى اكثر من ثلاثة عقود مئات القضايا الساخنة التي تمس الحياة الرياضية ، وانتصر لمعظمها .. مهارته الصحفية كانت خلاصة لسنوات طويلة من القراءة لكبار ادباء العرب ..حب الموصل كان يسري في دمه ، وفرحته بفوز فرقها الرياضية لم تكن لها حدود .. عشق فريق نادي الموصل لكرة القدم ، وكان قريباً جدا منه ، ولكن هذا الحب الطبيعي لم يمنعه ان يؤشر مكامن الضعف في ادائه كلما اخفق .. كان يتابع المنافسات الرياضية في ارض الملعب ، ليمنح عمله اعلى درجات المصداقية والمهنية .. سلط الضوء على كل نجوم الموصل في تسعينيات القرن الماضي ، وكان يحتفي بهم دائما بكلمات مفعمة بالود .. ثم شمل ابطال الالعاب الرياضية الاخرى في الموصل بمتابعته .. كان لا يتردد في فتح الملفات المثيرة للجدل التي تستدعي وصول الاعلام الى تفاصيلها ، و لا يأبه بردود الافعال ، مؤكداً ان وظيفة الاعلامي هي نصرة المغبون ، وان كان ثمن هذا الموقف المهني باهضاً يكلفه احياناً الخروج من المدينة خوفاً على حياته من المتجاوزين على الحق الرياضي العام ..في كل المعارك التي دخلها كان يعتمد كليا على معلومات دقيقة جدا ، ووثائق صريحة ، تعزز مهنيته وتحصنه من اي تبعات قانونية ، وتبعده عن المجاملة والانحياز .. بعد 2003 غادر الساحة الصحفية الموصلية الى العراقية والعربية معتمدا على خبراته المتراكمة الثمينة التي ساعدته على النجاح ، فكانت صحيفة الرياضة والشباب ساحة لابداعاته لاكثر من عشر سنوات ، خلالها قام بتغطيته احداث مهمة شغلت مساحة واسعة من الجريدة الناجحة التي كان مديرا متفوقاً لتحريرها.. اقتحم قلمه وزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية الوطنية العراقية وعدد كبير من الاتحادات الرياضية ، ولفت نظر القائمين على اداراتها الى ثغرات واضحة في العمل ، لم تردم رغم خطورتها ، وكان مدافعاً باسلاً ومتمكناً عن حقوق الرياضيين ، تطلع وحلم دائماً برياضة عراقية محترفة لا يقودها فاسدين ، ولم يدرك هذا الحلم الذي حارب من اجل تحقيقه اكثر من عقدين من الزمان .
استثمرمهماته الصحفية الرسمية الى خارج البلاد ، موفدا للاتحاد العراقي للصحافة الرياضية في اقامة علاقات ناجحة مع زملاء المهنة في عدة دول عربية .. رثاه نجوم كبار في الرياضة العراقية بكلمات مؤثرة ، تعكس حيوية دوره .. وكان عضواً فاعلاً في الهيئة الادارية لنقابة الصحفيين العراقيين –فرع نينوى لسنوات عديدة ..الحزن على رحيل طلال العامري عميق جداً ، ليس لانه كان اخاً عزيزاً وزميلا جديرا بالاحترام وحسب وانما لانه كان رمزاً اعلامياً مميزاُ .. لا نقول الـ اما يرضي الله في مصابنا الجلل .. انا لله وانا اليه راجعون.