2022/1947.. العيد الماسي للمجمع العلمي العراقي
غزاي درع الطائي
يحتفل المجمع العلمي العراقي بعيده الماسي (مرور خمسة وسبعين عاما على تأسيسه)، تحت شعار (المجمع العلمي العراقي: إشعاع سِيرة وعطاء مَسيرة)، وقد افتُتحت الفعاليات الإحتفالية بمؤتمر علميّ دوليّ تحت شعار (مجمعُنا، هُويتنا، وانتماؤنا) يومي الخميس والجمعة 24و25 من الشهر الجاري، في رحاب المجمع العلمي، وتضمن المؤتمر أربع جلسات علميّة وجلستين حواريتين، شارك فيها باحثون عديدون بأوراق بحثية وبحوث عن المجمع وأعضائه ومؤلفاته، أما غرة الإحتفال فموعدها يوم السبت 26 من الشهر الجاري، ولقد بدأت فكرة تاسيس مجمع لغوي في العراق عام 1921م مع بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة التي أدركت أهمية بناء هوية وطنية عن طريق اللغة، وجرى تأليف لجنة ضمت الشاعر جميل صدقي الزهاوي، والشاعر معروف الرصافي، وتوفيق السويدي، وثابت عبد النور، وغيرهم، لمتابعة تنفيذ الفكرة، وتوصلت الجهود التي بذلتها تلك اللجنة عن تأسَّس المجمع العلمي العراقي بموجب النظام رقم (62) لسنة 1947 وقد صدر هذا النظام في 26/11/1947 وبدأ المجلس ممارسة أعماله المناطة به بموجب النظام، بميزانية مقدارها (25000) دينارا، واتَّخذ من بيت مؤجَّر يقع في محلة (جديد حسن باشا) قبالة مديرية الأوقاف العامة القديمة، مقرا له، وقد ضمّ منذ تأسيسه نخبةً عالية من علماء العراق ولغوييه ومفكريِه من كل التخصصات، وكان من أوائل أعضائه: منير القاضي، محمد بهجت الأثري، د. شريف عسيران، الشيخ محمد رضا الشبيبي، د. محمد فاضل الجمالي، د. هاشم الوتري، توفيق وهبي، د. جواد علي، نصرة الفارسي، د. ناجي الأصيل، د. مصطفى جواد، و: د. أحمد سوسة، ولقد تعاقب على رئاسة المجمع العلمي العراقي منذ تأسيسه وحتى يومنا الحالي (11) رئيسا، وهم على التوالي: الشيخ محمد رضا الشبيبي، الأستاذ منير القاضي، الدكتور ناجي الأصيل، الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محيي الدين، الأستاذ الدكتور صالح أحمد العلي، الأستاذ الدكتور ناجح محمد خليل الراوي، الأستاذ الدكتور محمود حياوي حماش، الأستاذ الدكتور داخل حسن جريو، الأستاذ الدكتور أحمد مطلوب، الأستاذ الدكتور عبد المجيد حمزة الناصر، والأستاذ الدكتور محمد حسين آل ياسين.
سلامة اللغة
إن المجمع العلمي العراقي مؤسسة علمية بحثية تعنى بالبحث والتنقيب والتأليف في مختلف أمور العلم والأدب، كما تعنى بالمصطلح وقضايا التعريب واللغة في جميع مجالات المعرفة الإنسانية، ومن مهامه العناية بسلامة اللغة العربية واللغات الكردية والتركمانية والسريانية، والعمل على جعلها وافية بمطاليب العلوم والفنون وشؤون الحياة الحاضرة، ووضع المصطلحات في العلوم والآداب والفنون والحضارة وإحياء التراث العربي والإسلامي والنهوض بالدراسات والبحوث العلمية عن طريق وضع المعجمات والموسوعات اللغوية، وحفظ المخطوطات والوثائق النادرة وإحيائها بالطبع والنشر، وتشجيع الترجمة في مجال العلوم والفنون الحديثة، ويجري اختياره أعضاء المجمع العلمي العراقي من أعلام الأمة، وتتوزع جهود المجمع العلمي العراقي بين الاستشارات اللغويَّة وجهوده المُصطلحيّة، وجهوده المُعجميّة، وجهوده في تأليفِ الكتبِ ونشرِها وتحقيقِها، فضلا عن وإدامة عمل مكتبته ومخطوطاته، وإصدار مجلته الفصلية (مجلة المجمع العلمي العراقي) ونشرته (أوراق مَجْمَعيَّة) الشهرية، ورفد المواقع الرّقميّة للمَجْمَع، وعقد المؤتمرات العلميَّة والنّدوات الثقافيّة التي تتناول مختلف شؤون اللغة والأدب والتاريخ، وقد أُعيد تشكيله بموجب القانون ذي الرقم 49 لسنة 1963 وبعدها صدر قانون المجمع العلمي الكردي رقم 183 لسنة 1970 وقانون مجمع اللغة السريانية رقم 82 لسنة 1972 ولتجنب بعثرة الجهود العلمية في الوطن الواحد، تم وضع إطار تنظيمي موحد لهذه المجامع بما يؤمن التنسيق والتكامل فأعيد تشكيله بموجب قانون المجمع العلمي العراقي ذي الرقم 163 لسنة 1978 وفي هذاالقانون تم دمج المجعات اللغوية الثلاثة العربية والكردية والسريانية ضمن مجمع علمي واحد وهو المجمع العلمي العراقي، ثم أعيد تشكيله عند صدور قانونه ذي الرقم 3 لسنة 1995 باسم (المجمع العلمي) للنهوض بالمجمع وتحديد مسيرته العلمية، ويمارس المجمع حاليا أعماله استنادا إلى قانونه الجديد ذي الرقم (22) لسنة 2015 وبموجب هذا القانون أصبح ارتباطه إداريا وماليا بمجلس الوزراء وأعيدت هيكلية الأقسام العلمية والإدارية، وبحسب القانون الجديد أصبح عدد أعضاء المجمع (41) بضمنهم رئيس المجمع، وكان عدد أعضاء المجمع بما فيهم رئيسه ونائبه والأمين العام يتراوح بين العشرين والسبعة والثلاثين عضواً، ويمثلون مختلف الاختصاصات العلمية واللغوية، وتتألف منهم الدوائر العلميّة واللجان الدائمة والمؤقتة، ومنهم أيضًا تتألف الهيأة العامة وهيأة الرئاسة، علما أن الأقسام المنصوص عليها في قانون المجمع العلمي العراقي هي: اللغات والتراث والعلوم الانسانية والعلوم الصرفة والعلوم الهندسية والعلوم الطبية والعلوم الزراعية والبيطرية والتأليف والترجمة والنشر والأديان المقارنة، وقد قامَ المَجْمَعُ العلميُّ العراقيُّ (الذي يوصف بأنه مَجْمَع الخالدين) منذُ إنشائهِ في سنة 1947م حتّى يومِنا هذا بطبعِ مجموعةٍ من الكتب تأليفاً وترجمةً وتحقيقاً، وهي في مجالاتٍ علميَّةٍ مختلفةٍ شملت: التراث والتأريخ، اللغة العربيّة، المعجمات، الأدب، الشعر، الجغرافية، الطّب، الديانات، الدراسات العامة، التربية، التقانة، وغير ذلك من التخصّصاتِ العلميّة والإنسانيّة، وبلغَ عددُ الكتبِ الّتي أصدرها المَجْمَعُ حتى يومِنا هذا أكثر من أربعمائة كتاب في علومٍ شَتّى، منها مائة خاصّة بعلومِ اللغةِ العربيّةِ وآدابِها، وأوّلُ كتابٍ أصدَرَهُ المَجْمَعُ كان سنة 1950م وهو(تاريخ العرب قبل الإسلام) وآخرُ كتابٍ أصدرَه كان سنةَ 2017م وهو(صُحُف مَجْمَعيَّة)، فضلاً عن صدورِ كتبٍ خاصّةٍ تضمُّ أَعمالَ المؤتمرات والندوات المفتوحة والمغلقة، والمحاضرات العامة، وساعدَ على طبعِ عشراتِ الكتبِ في اللغةِ والأدبِ والعلومِ، على أنَّ كثيراً من هذه الكتبِ قد نفدت مِمّا دفعَ المَجْمَعَ إلى التّفكيرِ في إعادةِ طبعِ مجموعةٍ من هذه الكتبِ فتم اختيار اثني عشر كتاباً مختلفة التخصُّصات أُعيدَ طبعُها ضمن مبادرة قدّمها مركزُ الكاظميّة لإحياءِ التراثِ التابع للأمانةِ العامّةِ للعتبةِ الكاظميةِ المُقَدَّسَة، بتبنّي طباعتها ليُقدّمها هديةً إلى المَجْمَعِ مُساهمةً منهُ في الاحتفاءِ بالعيدِ الماسيّ للمَجْمَعِ.
علوم حديثة
وقام المجمع بإصدار مجموعات من المصطلحات التي تتعلق بالعلوم الحديثة من أهمها الإصدارات التالية: مصطلحات في علوم الفضاء، مصطلحات في علم التربة، مصطلحات في القانون الدستوري، مصطلحات في هندسة السكك الحديدية والري، مصطلحات في السكك الحديدية، مصطلحات لمصلحة الركاب، مصطلحات صناعة النفط، مصطلحات مقاومة المواد وهندسة إسالة الماء، مصطلحات علم الجراحة والتشريح.
إن المجمع العلمي العراقي، بوصفه صرحا علميا ذا رسالة علميّة امتدت على مدى (75) عامًا، مازال يواصل تحقيق أهدافه وغاياته المعرفيّة، وهو يسعى إلى مواكبة التطورات البحثية والتطبيقية المتسارعة في مجال حوسبة اللغة، وصناعة المعجم الحاسوبي، ومشكلات الترجمة الآلية وحلولها، والتحليل الصوتي والصرفي والتركيبي والدلالي حاسوبياً، واللسانيات الحاسوبية وامتدادات العلوم البينية، واستشراف آفاق البحث والتطبيق في مجال اللسانيات الحاسوبية والدعم مستقبلاً، ويعمل على التنسيق مع المجامع العلمية العربية ومجامع اللغة العربية، وعلى التنسيق والتعاون مع اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية (ومقره القاهرة) الذي تأسس عام 1971 لتنسيق عمل المجامع اللغوية العربية وتوحيد المصطلحات والعناية بالترجمة والتحقيق، وفيه ممثلون عن المجامع المكونة له.
واليوم، نوجِّه تحية مباركة طيبة للمجمع العلمي العراقي وهو يحتفل في عيده الماسي، متمنين له الإزدهار والتطور، على طريق تحقيق أهدافه الكبيرة والواسعة، ومطالبين الجهات الحكومية المسؤولة دعمه على مختلف الصُّعد، خدمة للغتنا العربية وللغاتنا الوطنية التي تشكل هوية الوطن الحبيب.