الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كيف نتعامل مع الشعر؟

بواسطة azzaman

كيف نتعامل مع الشعر؟

سوران محمد

 

لاشك بأن الشعر يعتبر العنصر الرئيسي للتعبير عن الاحاسيس الانسانية منذ القدم، وقد مر بمراحل عدة من النظم الشفهي الى الكتابة عن طريق الأوزان والبحور ثم الى يومنا هذا و تأثير جميع الحركات الحداثوية والفكرية العالمية على نبض الشعر و تدوينه دون انكار الوقع الكبير لجميع انواع الشعر على النفوس قديما و حديثا، فهو الجنس الادبي الاصعب اذا اردنا ان نأتي بعمل مميز و نتاج م?ثر، وقديما ?ا ن للشعر حضورا في حياة الناس والمجتمعات بل أثر عل? الاحداث و أدى دورا فعالا في المناسبات والطقوس .

لكننا في مقالنا هذا نتطرق الى مسألة مختلفة تماما و هي طرح طرق و معايير النظر والتعامل مع الشعر المعاصر، لكن و قبل كل شيء يجب ان نتعامل بشيء من الاحترام  مع كل ما يكتب بأسم الشعر سهلا أم معقدا ، جميلا أم ركي?ا، لأنه يعتبر جزءا لا يتجزأ من عالم الروح و الشخصية و التجارب لم?لفه وكل نص يعبر عن شيء من عالم الشاعر و معاناته و لحظاته الروحية الخاصة، لذا جدير بالاهتمام والتقدير. وبما ان الوسيلة الاهم في الشعر هي اللغة وان اللغة تتحرك و تتقدم الى الامام من خلال الشعر والادب وهي في دوامة التجديد مستمرة مع حركة الحياة، لذا نلاحظ احيانا تفاوت طرق الانشاء والتعبير والفهم والاسلوب بشكل عام من حقبة الى الاخرى، وهذا ما يجعلنا ان ننظر الى الشعر ?وحدة واحدة و ?تلة غير متجزئة منذ الوهلة الاولى ولحد الان، وهكذا يبني الشعراء المعاصرون على مابنوا القدماء ولا نرى تنافرا بل اكتمالا للمسيرة الشعرية على مدى العصور و بين الاجيال.

في هذا المقام نحن لسنا بصدد توجيه القراء و التمييز بين الشعر الجيد والرديء لكن وعلى ضوء التجارب يمكننا القول بأن هنالك قاسما مشتر?ا للاعمال الشعرية الاصيلة والجادة بسبب توافر مقومات و نقاط القوة في تلك النصوص أيما ?انت لغة الشاعر، فالشعر في ذاته هو لغة مشتر?ة عالمية بين بني بشر على خلاف ألوان بشرتهم و مشاربهم و ميولهم.

اذ ان هناك ركائز عدة يجب اخذها بالحسبان  عند النظر والتقييم للنصوص الشعرية ومن ثم على ضوئها نتعرف على الطبيعة التكوينية للقصائد. فقوة هذه النقاط تلقي بظلالها عل? الاستنتاج والاست?شاف، ومن بين تلك الر?ائز يجب مراعاة الجودة والتمييز في الثيـمة والتي هي بمثابة العمود الفقري للشعر، كما علينا ان نسأل هل هي متكررة أم متجددة؟ هل تسترعي انتباه اللاوعي أثناء التأمل والدراسة؟ أي خيط فيها تربط بالقاريء، ثم هل ان الف?رة وليدة طبيعية لقناعات الشاعر و انتضجت داخل المختبر الشعري و ذهن الشاعر أم لاء؟ الى ان نأتي الى مناقشة نوعية اللغة و اساليبها البلاغية من المجاز والاستعارات والتضاد، ثم هل ان للشاعر ر?? شعرية خاصة به بحيث يتميز به دون غيره؟ وما نوع الرسالة التي تحتوي النص و بأي لغة صاغت القصيدة هل هي دارجة يومية أم راقية متفننة؟ وما هي التقنية المستعملة والاسلوب الصياغي للشعر؟ هل هي سائدة أم فيها دلائل و شيفرات يرشد القاريء الى عوالمه الخفية بحيث يحتاج قراءات متأنية و تأملات عميقة. و ان الخيال هو المحرك الرئيسي لتحديد خطوات الانجاز الشعري ، مع مراعاة تجدد الصور  الشعرية  و ندرتها نصل الى حافة الاتيان بالجيد والتمتع بقراءة نصنا كأول قاريء و ناقد في آن معا.

بل ?لما حاول الشاعر أن يكون نفسه و ذاته في نصه كلما ?ان شعرا أحسن و أجدر بالذكر والتدبر، والشاعر الجيد يحاول دوما ان يتجنب التقليد والتكرار، وفي الاخير ان ل?ل نوع من الشعر طبقة معينة من القراء، بحيث يتقاسم كل طبقة نوعا محددا من المضامين والاش?ال الى نصل ال? النص الجاد ولا نجد الاغلبية ترغب بقراءته الا النخبة الشعرية و هم دائما يتابعون كل جديد و يبحثون عن تغذية ذائقتهم بألاختيار الانسب الخاص بهم والمتميز.

عموما ينقسم أصناف الشعراء ال? ثلاثة أنواع: 1- الصنف الذي يكتب الشعر كممارسة للهواية. 2- الذين يجدون في كتابة الشعر ضالتهم للتخلص من الهموم والاحتراق الداخلي. 3- الشعراء الجادين الذين يحاولون اجتياز و مغادرة السابقين بل حت? أنفسهم القديم.

الا ان التعامل مع الاسماء بدلا من الاعمال يعتبر الداء العضال عند القراءة و يفسد علينا موضوعيتنا و ينقلب المعايير الابتكارية و الجمالية عندنا، في حين ان ?ل نص شعري له مناخه و تظاريسه الخاصة وهو في علاقة مترابطة عضوية بروح الشاعر و أنفاسه الآنية و تعدد أدواته الشعرية و غناء تدفق أفكاره، وهذا ما سماه الباز بـ (عصير الشاعر) أو بئره الذي يستخرج منه اف?اره و صوره أو سماءه التخيلي.

في الختام يجب علينا ان لاننسى بأن الثيمة كلما ?انت ناردة و على صلة بالمتلقي كلما كانت بداية موفقة لكتابة الشعر ، وبما ان الصور الشعرية تعتبر المكون الرئيسي لبناء النصوص فان الشاعر الملهم والمتمكن يعرف كيف يرسم و يصوغ  صوره الشعرية، وهو عالق بين الواقع والخيال لكنه و بمهارته سيصنع خيطا أو حبلا يربط من خلاله بداية نصه بوسطه و آخره ويخرج منه سالما دون الهلاك، و نحن بدورنا نشعر كالقراء بالعذوبة والانسجام و ثبات البنية للنص من خلال التعابير الشعرية المتدفقة.


مشاهدات 878
أضيف 2022/11/23 - 7:13 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 3:36 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 401 الشهر 11525 الكلي 9362062
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير