الانسان مجموعة أرقام في الدول المتقدمة ومنها دول عربية ايضاً، وهذا معنى إيجابي يخدم الانسان نفسه ويزيد من انتاجيته وحركته الفاعلة ويقلل من هدر الوقت والطاقة. الانتقال الى مرحلة تحويل معاملات المواطن في العراق الى حالة رقمية متصلة برقم أساس لا يقبل التغيير والاستبدال والتزوير والاسقاط، هي المرحلة التي يجب أن تكرس الحكومة العراقية امكاناتها لها لتتجاوز مراحل من الاستهلاك الورقي والمراتب والمفاصل البيروقراطية التي تتخللها كل احتمالات الفساد والسمسرة الممكنة.
هناك بطاقة موحدة، لكن ذلك لا يعني شيئاً أمام إصرار كثير من الوزارات والمؤسسات على اجترار الأساليب القديمة في التعاطي مع معاملات المواطنين، ولا يزال بعض المواطنين يواجهون سؤالاً عن البطاقة التموينية وتأييد السكن بتوقيع المختار، وهم قد غادروا البلد منذ ثلاثين سنة، وعادوا لتمشية معاملات عادية او تقاعد، وكلها إجراءات من ماض لا يمتّ بصلة الى التحديث الإداري الذي اصبح هدفاً لجميع الدول.
حتى الأجهزة الأمنية والاستخبارية تعاني من آفة ضعف تحديث المعلومات ومطابقتها بشكل صحيح، ولا تزال تلك الأجهزة عاجزة أحياناً عن الخروج بحلول لا تثير الرعب في نفوس المواطنين من ذوي الأسماء المتشابهة مع المطلوبين في قضايا الإرهاب والفساد والجنائيات المختلفة. هناك قابلية غير مسبوقة في العراق لتشابه الأسماء، ومن غير المعقول التعامل بطرق متخلفة مع هذه الظاهرة، ولابدّ من إيجاد اليات تستند الى الرقم الموحد والأرقام الخاصة بوثائق رسمية فضلاً عن قاعدة المعلومات الاساسية بما فيها فصيلة الدم ومواليد الأم والأب، وليس اسميهما فقط، التي تميز كل فرد عن الاخر حتى لو تطابقت الأسماء الى مستوى الجد الثاني والثالث والرابع واللقب.
كما انّ المواطن نفسه اعتاد على استخدام اكثر من صيغة لاسمه في تقديم المعاملات، اذ لا يزال يستخدم الاسم الثلاثي في حين الهويات وجوازات السفر اتجهت نحو الأسماء الرباعية، وانّ اختلاف اية صيغة عن صيغة أخرى، ولو بحرف واحد، يحيل الى شخص اخر حتى لو كان الشخص ذاته في الحالتين. وهذا يحتاج الى توعية إعلامية وإلزام الدوائر بعدم التفريط باستخدام الاسم الكامل لكل فرد كما ورد في وثائقه الرسمية. أمّا الأحوال المدنية المليئة وثائقها بالخط اليدوي غير المفهوم وذي الاخطاء الاملائية أحيانا، فتلك مشكلة لابدّ من إيجاد حلول لها من الجذور. انّ وزارة الداخلية أمام مهمات جسيمة في تحديث المعلومات والاليات والصيغ بما يحفظ أساليب عملها وحرية المواطنين وراحتهم أيضاً. اذ ليس من المعقول أن تصدر قوائم بأكثر من ثلاثة آلاف اسم معظمها يبتدئ باسم احمد او، يكون اسم الاب احمد وهؤلاء يعيشون في خارج العراق ويجري الطلب منهم مراجعة الاستخبارات، او الامن الوطني او الداخلية او اية جهة داخل العراق، وكأنّ هذا الامر مسألة عادية، ولا تثير الرعب في نفوس العوائل العراقية التي يتلقى أبناؤها هذه التعليمات عند مراجعة سفارة لتجديد جواز سفر أو اصدار هوية أو عقد زواج.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية