العقل الجمعي العراقي
شاكر عبد موسى الفنداوي
العقل الجمعي : هو السير مع الجماعة الى ما لا نهاية وتقليدها في ملبسها وعاداتها وتقاليدها الجماعية وشعاراتها التي ترددها في المناسبات المفرحة والحزينة مثل البكاء على الميت , ونصب المأتم له, وتوفير الشاي والقهوة والأكل للحضور حتى وأن تطلب الأمر بيع مقتنياتك الشخصية , أو الاقتراض من المصارف لتقوم بالواجب الجمعي الذي يرضي به الأخرون.
لنطبق فكرة العقل الجمعي على أجواء الزيارات المليونية العبادية، سواء في شهر رمضان أو في شهري محرم وصفر.. فإن الجو الجماعي يدفع بعض الناس الى حالة من الانقطاع عن عائلته ، والميل إلى الآسي بالأولياء من خلال توفير الخدمات العامة للزوار دون مقابل .
ففي موسم الزيارة الأربعينية للأمام الحسين وصحبه الأبرار , التي يراها البعض بأنها مبتدعة وغير صحيحة لكون رؤوس رجال واقعة الطف لم ترجع الى العراق هو : شحذ الهمم، وقدح العزائم، فيقوم الزوار بحركات روحية وبدنية، لا يمكنه القيام بها خارج إطار الجماعة المتعبدة في ذلك الموسم، مثل المشي من الفاو الى كربلاء , وتوزيع المأكولات والمشروبات مجانا , وفتح البيوت لغرض إيواء الزوار من مختلف الشعوب مجاناً , ونقلهم من مكان الى أخر مجاناً . ولكن بعد الفراغ من الموسم تنتابه حالة من الاكتئاب والحزن، لفقدان تلك الاجواء نتيجة تغيير الدوافع العرضية الى حالة من القناعة الذاتية، لئلا تزول الآثار بزوال مؤثراته, وأن القناعات الراسخة لا تتغير بتغير المواسم.. إذ أن المعتقد بلزوم السير في مسلك القطيع، لا ينتظر موسم أو مناسبة.
طريقة الكلام
لكن ثمة أمثلة بالمئات، نستطيع رؤيتها في حياتنا وحياة الآخرين، من طريقة الكلام إلى الأكل وطرق التعامل مع الغير، فضلاً على تفصيلات المظهر الشخصي، وحتى اختيار نوع الثقافة والمهنة. يجد المتعاملون مع الغيب أفواجا من الناس تتبعهم، وفي التأريخ قصص وشواهد ووقائع، ابتدأت منذ انطلاق الأديان فوق الأرض ولا تزال تتكاثر.
ولقد تحول العراق الى أسوأ دولة للعيش في العالم ، وحاز على المرتبة الأولى في الفساد الحكومي، وانتشار حالات الطلاق، وتسيس القضاء، وحالات الاغتيال والاختفاء القسري، وانتشار السلاح المنفلت. وتجفيف أنهار العراق من قبل الجانبين الايراني والتركي، وسرقة النفط العراقي ، والحدود البرية السائبة، والتدخل ، وإخفاء نتائج التحقيقات في السرقات والحرائق , وقتل المتظاهرين ,ومجزرة سبايكر وسقوط الموصل والآلاف وغيرها , والسكوت عن تجاوزات بعض خطباء المنبر الحسيني، وتدمير القطاع الصناعي والتجاري .
فهم يتجاهلون الفساد الحكومي، والصفقات الفاسدة، والرشاوى، وتبيض الأموال، وتسييس القضاء، وتجارة المخدرات، وانتشار حالات الطلاق، وتزوير الشهادات، والتخلف التربوي، وانتشار الالحاد، وتهريب النفط، وسطوة العشائر، والفشل الحكومي، وتدني الخدمات الصحية والخدمية، وأزمة الكهرباء، والماء الصالح للشرب، والبطالة والفقر، وتهريب العملة، وفرار الفاسدين الى الخارج، وتبيض الأموال عبر مزاد العملة.وكان أفلاطون يرى أن الحكومات تتقلَّب بين عدة أشكالٍ ونُظُم، فمن الديمقراطيةالتي هي حكم الشعب لنفسه بنفسه، إلى الديماغوجية التي هي سيطرة العامة والدَّهْماء على الأمور السياسية العامة، إلى الأوليجاركية حيث تلتقى مصالح السياسيين وأصحاب رؤوس الأموال في المجتمع، فيجتمعون لسلب خيرات المجتمع ومصِّ دماء الناس. وأسوأ تلك الأشكال، كلها، عند أفلاطون: النظام الديمقراطي، لأنه النظام الذى أصدر في أثينا القديمة حُكماً بإعدام سقراط أستاذ أفلاطون المباشر.
{ كاتب وأعلامــــــي