الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سوق الأنساب وتجارة الألقاب

بواسطة azzaman

سوق الأنساب وتجارة الألقاب

مارد عبد الحسن الحسون

 

بينما تتعقد هذه الايام المزيد من الخصومات العشائرية بغير وجه حق ، يسود الغلو والنفاق في موضوعة الانساب  والمشجرات العشائرية حتى تحول العديد من النسّابة الى عطارين للتاريخ يمنحون  لهذه العشيرة او تلك ،او لهذا الشخص او ذاك بما يلبي طموحه في توظيف ذلك  ضمن جاه  لا ينتمي له اصلا .

لقد لفت نظري ضمن احدى جولاتي  في شارع المتنبي ،سوق المكتبات العراقي سيد معمم وهو يسأل عن احد دكاكين النسابة التي يضمها هذا الشارع الثقافي وتبين لي انه يبحث عن نسّاب يشهد  ويوقع له على نسب  هذا السيد ضمن زعم ينحدر من مصدر بعينه  .

 المفارقة المضحكة ان هذا الرجل سيد بدلالة العمامة التي يعتمرها ومع ذلك يبحث عن دكان نسّاب يؤيد ذلك .

في الواقع الحياتي العراقي الذي نعيشه هذه الايام  بات  النسب تجارة مربحة ، ركب موجها محتالون لايملكون من المؤهلات العلمية والتاريخية التي يمكن ان تمنحهم هذه الصفة  ،وهم يمارسونها  بنزعات تخلو تماما من المصادر الموثوقة   وارى من خلال تجربتي مديرا لشؤون العشائر في وزارة الداخلية اكثر من ثلاثة  عشر سنه ، وكذلك من خلال تجربتي مستشاراً ضمن لجنة العشائر في مجلس النواب ،استطيع ان أاوكد المؤشرات الاتية استنتاجاً من متابعتي اليومية بحكم اختصاصي  .

1- المؤشر الاول ،ان مايجري الان من منح الانساب في اغلبه لايمت للحقائق التاريخية بصلة  ،بل هو توظيفات يراد بها تمشية مصالح اجتماعية على غير وجه حق  ولذلك تعددت دكاكين بيع الانسا ب  ، وتحولت الى سوق رائجة تزدحم فيها البضائع الرديئة .

المؤشر الثاني ، ان النزعات الحصصية  ،والارتصافات الطائفية والمناطقية تمول هذه الظاهرة التجارية المعيبة ، وان ما يحكمها ليس سوى مناخ الصفقات  ،ولك ان تقيس ذلك ان احدهم من (التجار) المتورطين بهذه التجارة المحرمة لديه مشجرات نسب جاهزة يبيعها الى  اي باحث عن نسب وفق الطلب مع إجراء بعض التغييرات وفق الحاجة الآنية .

المؤشر الثالث ، إن بعض الاداريين الحكوميين يروجون لهذه التجارة الاعتبارية للصعود اكثر في السُلم الوظيفي  .

تجربة ادارية

المؤشر الرابع  ، ان تجارة النسب بالتسويق الذي يحصل تسببت بالمزيد من الخصومات بين العشائر وداخل العشيرة الواحدة ، اقول ذلك من تجربتي الادارية الميدانية لفض بعض النزاعات العشائرية  ،سواء ذلك من خلال وظيفتي السابقة او من خلال تكليفي من شيوخ عشائر ووجهاء مجتمع في التوسط  لأجراء مصالحات  وكان بعض المتخاصمين يقدمون لي مشجرات من هذا النوع  تثير استياء اخرين لأنها مزيفة

المؤشرالخامس  ،يحاول  بعض اصحاب هذه الدكاكين السطو المعرفي على معلومات عن الانساب العربية وتوظيفها لصالح اهداف تسويقية للتكسب المعرفي بغيروجه حق  .  علما انهم لا يملكون اية مؤهلات علمية للخوض في هذا الميدان الذي يتطلب الاختصاص التاريخي  والصدق والامتناع من الترزق من هذه المهنة ، والشيء بالشيء يذكر  لقد دونت في مؤلف لي عن واقع الأنساب تاريخيا وجغرافيأ ، كما تم منحي شهادة محقق انساب من الهيئة العربية لكتابة  الأنساب التابعة لأتحاد المؤرخين العرب .

ان ظاهرة الدكاكين التي تبيع الانساب هو فساد اجتماعي بكل ما يعني هذا التوصيف من معنى ، واذا كان من الواجب الحقوقي والتاريخي  وضع حد له ، فأن هذا الواجب يقتضي التدخل الحكومي في الكف عنه من خلال اجراء مراجعة تقويمية لها بالتأكد من صحة المعطيات المستخدمة ، وبذلك يمكن وضع حد لهذا الانتحال من خلال  اجراءات قضائية  قانونية  ،مع العلم ان ظاهرة النسابة  بالصورة التي تنتشر في شارع المتنبي تتكرر مع الاسف بنسخ في مناطق اخرى من العراق

ان هذا الالحاح على الانساب بالمغانم التي تسؤد الان يمثل خروجا على قيم التقوى  والاخلاق  خصوصا ان الالقاب  تستخدم اغطية وحماية للبعض على حساب القيم الاجتماعية . والاخلاق التي ينبغي ان تكون منصات للحكم  .

 

 

 


مشاهدات 431
أضيف 2022/10/24 - 6:07 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 8:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 43 الشهر 43 الكلي 9362115
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير