الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
النفاق وأثره في تفكيك النسيج الإجتماعي

بواسطة azzaman

النفاق وأثره في تفكيك النسيج الإجتماعي

موسى عبد شوجة

 

نحن ندفع ثمناً باهظاً للنفاق، ومن خلاله  تضعف أواصر العلاقات الاجتماعيه وتضيع وتتفسخ  معايير الاداء ومقاييس النزاهة وتتيه سبل العدالة والانصاف، ولعل الذي شدني لكتابة هذا الموضوع  هو ما يدور في واقعنا البائس من سطوة هذه الظاهرة  المقيته  في سلوك وتعامل الاخرين الأمر الذي عصف بكينونتنا  انفعالات واختلاجات في دوامة مضطربة تأرجحت  النفس على مزالق هذه الظاهرة وتعرجاتها ومنعطافاتها  وبين ما يُطرِح من  تساؤلات ورؤى واحداث وما الذي يمنعنا ويخذلنا  من المضي قدماً لبناء مجتمع قائم على أسس سليمه وصحية  تعزز التفكير العقلاني الصادق وتعزز القيم الحضاريه والأخلاقية، من المهم بالنسبة لنا أن نحافظ على سلوكنا وأفعالنا بحيث تكون متطابقة مع أفكارنا ومعتقداتنا، فلماذا لا  نكبح ميل وانحراف النفس   ونحصنها من آفة النفاق.

و مما لاشك ان أخطر مرَض يُبتلى به الانسان هو مرَض النِّفاق، هذا المرَض الذي يجعل القلْبَ أسوداً  مظلمًا، لا يستسيغ الحلال، ولا يحرِّم الحرام ، فالدنيا همُّه، والمال غايتُه،  والمنفعه والمنصب هدفه .

يبذل المنافِق قصارى جهده لتحصيل مايفنى، ويسلط السبل الغير مشروعه لتحصيل ما يَبلى،  نعم انه مرَضٌ إنْ أصاب الانسان وسوس له بالانحراف عن سبل الرشاد والفضيله بل جعلَه أجوفَ  ... وأمسى له رأسٌ بوجهين، وجسمٌ بقلْبين.

نعم... لعّمري.. ان النِّفاق داءٌ خبيث، إذا أصاب المجتمع نخرَه، كما تنخر الدودة لحاء الاشجار والنبات ، وليس شيءٌ أضر على المجتمع مِن أمْر المنافقين ومقتهم ، فهم الذين يَهدِمون حصون الدِّين باسْمِ الدِّين، وهم الذين ينطقون بأوجاعنا وهمومنا ولكن قلوبُهم غُلف تضمر خلاف ما ينطقون، ان هؤلاء خَطَرُهم  على الآخرين لا يوصف لانه  يجتاز خطوط كل المقاييس والأعراف. واثارهم وخيمه، يصبغون الباطل بلَوْن الحق، ويكسون الحقَّ برداء الباطل، يدسُّون السُّمَّ في العسل، حتى إذا ذاقَه ضعيفُ الفؤاد وجدَه عسلاً، وما تجرَّع المسكين إلا سُمًّا، زعافاً.

صور النفاق

وهناك صور متعددة للنفاق  منها النفاق العقائدي... والنفاق الاجتماعي والنفاق السياسي.....الخ

فالنفاق  يتعلَّق بسلوك اجتماعي، وعلاقات فردية، وأمراض  وادران اجتماعية .. تؤثر بصحة وسلامة  المجتمع وتماسك أفراده ، وإبعاد قيمهم الاصيله النبيله.

ويظهر خطره في أن النفاق عمومًا مذموم ومنبوذ، والمنافقون مكروهون مزيفون .

والمنافق موصوف ومنعوت  بوجهين هو الذي يأتي لمسؤوله او لمديره او لشخص ما او لفئة من مجتمع  ..  بما يرضيها فيظهر له أنه معه  ويجزم انه  جزء منه .. و يقر بأنه مخالفاً  ومعارضاً لمن ضده  ولمن يعارضه. وان هذا التصرف والسلوك للمنافق هو لمصلحة شخصية  قد تكون اجتماعيه أو وظيفيه او سياسيه .. . يعد لها ويهيء لها كل  السبل مسبقا للوصول لغاياته المرسومه ونوازعه الضيقه  دون النظر او الالتزام والالتفات بالتمسك بالقيم الاجتماعيه والأخلاقيه العليا.

فالنفاق  الذي يترسخ في قلب الإنسان ويبقى فيه ...  ولات حين مناص  ليلقى مصيره المحتوم  ويحشر مع المنافقين في الدرك الأسفل من الجحيم. . وهذا النفاق هو نفاق الإنسان الذي يستسلم لرغبات النفس الاماره بالسوء  والشهوات والأهواء الضاله  ونفسه المريضه المتعفنه تواقه للفحشاء والمنكر ، ويبقى مستسلماً لها دون ان يتوب الى الخالق سبحانه وتعالى ويعيد النظر في سلوكه ورغباته وتوجهاته المظله.

وصفة  النفاق  صفة منبوذة ومكروهة  وشاذه اكدها القرآن الكريم في محكم آياته المباركه واكدتها كل أحاديث نبي الرحمه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و آله وسلم .

والآن نرى ونشعر  بخطورة انتشارها بشكل كبير داخل مجتمعنا بالوقت الحاضر ،  نظرا للتحديات التي يواجهها بلدنا حاليا وهو يرزح تحت حوافر التشتت والضياع وانعدام العدالة والمساواة.

ان  التظاهر بشخصية على غير حقيقتها، كأن يتظاهر الشخص بأنه يتبع الفضيلة والإيمان، ويحاول أن يوصف نفسه بالصفات الحميدة والأخلاقيات العالية وهو في الحقيقة مخادع وشخصيته الحقيقية عكس ما يظهره تمامًا،

ولو امعنا النظر وخضنا في المحتوى اللغوي لمفردة النفاق لوجدنا تفسيرها  من أنها مفردة تشير إلى  نفق، والنفق يقصد به ما يحفره الحيوانات للاختباء به ويكون به فتحتين او منفذين. 

بحيث إذا داهمها احد  ما هربت وراوغت  من الناحية الأخرى، لذلك يقصد بالمنافق هو من يجعل له وجهين يظهر وجه ويخفي الوجه الآخر ويراوغ بينهما أين ما تحل ضروره المنفعه والمصلحه.

صفات المنافقين

للمنافقين صفات من الصعب كشفها  ان الشروع  وبداية التعرف على الشخص المنافق.  يمكن كشفها بعد التعرف عليه وتشخصيه وفق معيار التعامل معه والفحص  والاختبار لمنهجية سلوكه، ومن أهم الصفات التي يتصف بها المنافقين حيث يقومون بخداع الاخرين بوجوههم المزيفة.  ينطقون  بألسنتهم  كلامًا لا يعبر عما في قلوبهم.  ينشرون فسادًا في الأرض سواء بقولهم أو بفعلهم وسلوكهم .  يسخرون من الآخرين  يكذبون كثيرًا ويسلكون المراوغه  من أجل أن يخفوا ما في قلوبهم أو ما فعلوه من ضرر وجريمة.  يدبرون ويشاركون  في نسج وحوك المؤامرات ضد الاخرين ابتغاء لتحقيق مصالحهم الشخصيه والفئوية وتعزيز نفوذهم.  يشككون دائمًا في نوايا الآخرين الحسنة نتيجة لترسبات حــــقدهم وضغينتهم الهوجاء .

أثار النفاق

ان لهذه الظاهرة آثار وخيمه  يمكن الاستدلال عليها  من خلال رؤية وتمحيص   العلاقات الاجتماعية بمدى انحرافها عن المسارات الصحيحه والصائبه والهادفة. بحيث نرى عواصف الكذب والافتراء والبهتان وما تحمل من كذب وخداع تخفي ملامح الوجه الناصع للحقيقة وجوهرها. وقد يلجأ لمزوالة النفاق بعض الأشخاص من أصحاب النفوس المريضة والقاصره  من أجل الحصول على مناصب وظيفيه  في دائره أو مؤسسه ما، أو حبًا في الشهرة، لتحقيق المصالح الشخصية. أو كنوع من المجاملات بسبب الاضطرار للتعايش مع أشخاص في المجتمع يتطابقون في توجهاتهم ورؤاهم ومنهجهم الضال المشين وعلى مقولة (الطيور على اشكالها تقع).

ومن الآثار السلبية للنفاق هو انتشار الصفات السيئة مثل الحقد والبغض والكراهية ،لذا فإن المنافقين  يساهموا باشاعة الظلم   الذي قد يقع على بعض الأشخاص نتيجة  لسعي هؤلاء المنافقين الحثيث لحرمان أشخاص مستحقين  يملكون الكفاءة والمهنية   عن  حقوقهم وامتيازاتهم ومستحقاقتهم المادية والمعنوية.

كبح آفة النفاق

طرق التغلب على النفاق ومعالجة اثاره واستئصال ادرانه واتباع مجموعة من الطرق للتغلب على تلك الظاهرة وهي: محاولة الرجوع إلى القيم والأخلاق الدينية. كالإيمان بأن الله سبحانه وتعالى قد وصف المنافقين بالقرآن الكريم  بالصور والاوصاف البشعه والسيئه، وعدم أخذ حق أو منصب او امتياز من الغير  او من الآخرين ومصادرتها  بمباضع النفاق والافتراء.

 ترجمة وترويض النفس بالقيم الاصيله النبيلة والإيثار  والكف عن تشويه صورة المنافسين  لهم والآخرين الذين ينالون  درجات علميه ولهم إنجازات واضحه وملموسه، ولهم باع وحضور بالوسط الثقافي.  ويجب على هذه النفوس التي تستسيغ طعم  النفاق  ان يدركوا ان الحياة الدنيا زائله زائفه ( هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) لذا عليه ان يراجع نفسه وسلوكه وتعامله ويحثها  على التمسك  بالأخلاق والقيم السامية واحترام الآخرين.

آفة النفاق السياسي

هو صورة أخرى من صور أشكال النفاق المنتشرة في بلدنا حاليا حيث أن استعمال الوسائل الخادعة من أجل منفعة يتم اعتباره نفاق سياسي. ومثال على ذلك الوعود التي يعطيها السياسي  للمواطنين. لكي يقومون بالإدلاء بأصواتهم له، أو دعمهم وتأيديهم لتوجهاته السياسية  وتعتبر تلك الوعود الكاذبة نوع من أنواع النفاق السياسي .

تشخيص المنافق

المنافق يكون لديه حرفية وإتقان في إظهار عكس ما يشعر به فهو يتقن الكذب بفاعلية وكفاءه، وبمرور الوقت تستطيع كشف هذا الكذب. ولكن الأمر قد يكون انتهى، لذلك عليك إن تحاول أن تكتشف الكذب مبكرًا لتدارك الموقف في بدايته وأوقات حدوثه.

ويمكن كشف المنافق بحيث لا تدع عقلك يصدق أي شيء لا ترهن عقلك لأي شخص، وكن على يــــــقظه وانتباه وتركيز  دائما وتوقع أسباب قد تدفع الشخص الذي أمامك إلى ينافق عليك. خاصة إذا كنت تعمل في دائره أو مؤسسه وهناك موظف لديه مصـــــلحة حيث من مؤشرات الشخص المنـــافق دائمًا أن يحظى بالمنفعة لوحده لا أحد غيره يشاركه او ينافسه أو يشــــترك معه، لذلك فإنه يعمل على تأمين منفعتة من خلال ان يفسد    علاقاتك مع الأشخاص المحيطين بك من مسؤولين وزملاء عمل . وهنا سوف تظهر المشاكل  وعليك ان  تعطي له الإشارة الحمراء، وكشف شخصيته المنافقة مبكرًا.

 


مشاهدات 1153
أضيف 2022/10/22 - 3:58 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير