الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
‏لعلَّك تراها جميلة

بواسطة azzaman

‏لعلَّك تراها جميلة

رباح آل جعفر

 

‏ليس‭ ‬هناك‭ ‬قانون‭ ‬للجمال‭. ‬كل‭ ‬الورود‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬تتعطر‭ ‬وأن‭ ‬تتكحل‭. ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جميلة‭. ‬

‏أمّا‭ ‬الإحساس‭ ‬بالجمال‭ ‬فإنه‭ ‬نسبي‭. ‬وكل‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬لها‭ ‬إغواء‭ ‬وسلطنة‭ ‬واغراء‭. ‬والذي‭ ‬نفسه‭ ‬بغير‭ ‬جمال‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬شيئاً‭ ‬جميلاً‭. ‬وعين‭ ‬الرضا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬عيب‭ ‬كليلة‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الشعراء‭.‬

‏والجاحظ‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬النساء‭ “‬السمان‭ ‬الضخام‭” ‬و‭”‬الممشوقات‭ ‬والقضاف‭”. ‬من‭ ‬اللاتي‭ “‬يصرعن‭ ‬ذا‭ ‬اللبّ‭”. ‬وأجمل‭ ‬النساء‭ ‬عنده‭ ‬الخمصانة‭ ‬والسيفانة‭. ‬بمعنى‭ ‬الهيفاء،‭ ‬الرشيقة،‭ ‬الممشوقة،‭ ‬المتناسقة،‭ ‬المشدودة‭ ‬الخصر،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬للرشاقة‭ ‬ونقص‭ ‬الوزن‭.. ‬كأنها‭ ‬جان،‭ ‬وكأنها‭ ‬جَدْلُ‭ ‬عنان،‭ ‬وكأنها‭ ‬عود‭ ‬خيزران‭!. ‬

‏وفي‭ ‬كتاب‭ “‬أخبار‭ ‬النساء‭” ‬المنسوب‭ ‬إلى‭ ‬ابن‭ ‬قيّم‭ ‬الجوزية‭ ‬تقرأ‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬الجميلة‭: ‬الصّباحة‭ ‬في‭ ‬الوجه،‭ ‬والوضّاءة‭ ‬في‭ ‬البشرة،‭ ‬والجمال‭ ‬في‭ ‬الأنف،‭ ‬والحلاوة‭ ‬في‭ ‬العينين،‭ ‬والملاحة‭ ‬في‭ ‬الفم،‭ ‬والظّرف‭ ‬في‭ ‬اللّسان،‭ ‬والرّشاقة‭ ‬في‭ ‬القدّ،‭ ‬واللّباقة‭ ‬في‭ ‬الشّمائل،‭ ‬وكمال‭ ‬الحسن‭ ‬في‭ ‬الشّعر‭.‬

‏وفي‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬تقلَّب‭ ‬عينيك‭ ‬في‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الرسائل،‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬أنواع‭ ‬الطيب‭ ‬للنساء،‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬القرنفل‭ ‬إلى‭ ‬العنبر‭ ‬البحراني‭. ‬

‏ثمَّ‭ ‬انك‭ ‬تقرأ‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬القدامى‭ ‬من‭ ‬أدبائنا‭ ‬عن‭ ‬النساء‭ ‬الجميلات‭: ‬من‭ “‬طوق‭ ‬الحمامة‭” ‬لابن‭ ‬حزم‭ ‬إلى‭ “‬مصارع‭ ‬العشاق‭” ‬للسراج‭.. ‬ومن‭ “‬ديوان‭ ‬الصبابة‭” ‬للتلمساني‭ ‬إلى‭ “‬تحفة‭ ‬العروس‭” ‬للتجاني‭.. ‬ومن‭ “‬رسالة‭ ‬في‭ ‬العشق‭” ‬لإخوان‭ ‬الصفا‭ ‬إلى‭ “‬رسالة‭ ‬في‭ ‬العشق‭” ‬لابن‭ ‬سينا‭.. ‬ومن‭ “‬ذم‭ ‬الهوى‭” ‬لابن‭ ‬الجوزي‭ ‬إلى‭ “‬الحب‭ ‬والجمال‭ ‬عند‭ ‬العرب‭” ‬لأحمد‭ ‬تيمور،‭ ‬فتنحني‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭.‬

‏وفي‭ ‬جمال‭ ‬المرأة‭ ‬وملاحتها‭ ‬قال‭ ‬الشعراء،‭ ‬وتدلَّهوا،‭ ‬وتغزَّلوا،‭ ‬ومنهم‭ ‬أبو‭ ‬نواس‭ ‬القائل‭:‬

‏يزيدكَ‭ ‬وجهه‭ ‬حسناً

‏إذا‭ ‬ما‭ ‬زدتــه‭ ‬نـظــراً

‏الله‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭.. ‬وما‭ ‬تراه‭ ‬أنت‭ ‬جميلاً‭ ‬لا‭ ‬أراه‭ ‬أنا،‭ ‬فلا‭ ‬قواعد‭ ‬محددة،‭ ‬ولا‭ ‬صفات‭ ‬ثابتة،‭ ‬ولا‭ ‬أحكام‭ ‬قاطعة‭ ‬للجمال‭. ‬ويحدث‭ ‬أن‭ ‬السمراء‭ ‬تثير‭ ‬اهتماماً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الشقراء‭ ‬ومن‭ ‬البيضاء‭. ‬والشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬نزار‭ ‬قباني‭ ‬كان‭ ‬ديوانه‭ ‬الأول‭: “‬قالت‭ ‬لي‭ ‬السمراء‭”.‬

‏والنساء‭ ‬عالم‭ ‬مدهش‭ ‬من‭ “‬نفر‭ ‬تيتي‭” ‬ومعنى‭ ‬اسمها‭ “‬الجميلة‭ ‬أتت‭” ‬إلى‭ ‬هند،‭ ‬وعفراء،‭ ‬وظمياء‭. ‬فيه‭ ‬المليحة‭ ‬والقبيحة،‭ ‬والحسناء‭ ‬والدميمة،‭ ‬والرشيقة‭ ‬والبدينة،‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬فيها‭ ‬الأعشى‭: ‬تمشي‭ ‬الهوينى‭ ‬كما‭ ‬يمشي‭ ‬الوَجي‭ ‬الوَحِلُ‭!.‬

‏ومقايّيس‭ ‬الجمال‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬البادية‭ ‬تختلف‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬المدينة‭.. ‬والمتنبي‭ ‬يقف‭ ‬مع‭ ‬البدويات‭ ‬ذوات‭ ‬الخدود‭ ‬الحمر‭ ‬والعيون‭ ‬السود،‭ ‬اللاتي‭ ‬لا‭ ‬يستعملن‭ ‬في‭ ‬زينتهنَّ‭ ‬الأصباغ،‭ ‬والمكياج،‭ ‬والكحل،‭ ‬والخضاب،‭ ‬والقص،‭ ‬والنتف،‭ ‬والتحذيق،‭ ‬والنمس،‭ ‬والحلق‭.. ‬وهو‭ ‬القائل‭:‬

‏حسنُ‭ ‬الحضارةِ‭ ‬مجلوبٍ‭ ‬بتطريـةٍ

‏وفي‭ ‬البداوة‭ ‬حُسْنٌ‭ ‬غيـرُ‭ ‬مجلـوبِ

‏أفـدِي‭ ‬ظِبـاءَ‭ ‬فَـلاةٍ‭ ‬ما‭ ‬عرَفْــنَ‭ ‬بهـا

‏مَضْغَ‭ ‬الكلامِ‭ ‬ولا‭ ‬صبغَ‭ ‬الحواجيبِ

‏وصدق‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬القائل‭: ‬الدنيا‭ ‬متاع،‭ ‬وخير‭ ‬متاع‭ ‬الدنيا‭ ‬المرأة‭ ‬الصالحة‭.‬


مشاهدات 343
أضيف 2022/10/12 - 4:57 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 10:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 193 الشهر 8182 الكلي 9370254
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير