الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عيد بأية حال عدت يا عيد

بواسطة azzaman

عيد بأية حال عدت يا عيد

حسين فوزي

 

تابعت بألم شديد كتابات العديد من "المفكرين" والناشطين وبعض من رفاق أيام سجني في البصرة والحلة، تناولت العيد الوطني للعراق، وهناك كتاب من الماركسيين والناشطين ممن استسهلوا دمغ النظام الملكي بالعمالة للملكة المتحدة، واستشهدوا، ويا ليتهم لم يستشهدوا بالمغدور الملك غازي ومذكرات مرافقه السيد فؤاد عارف، وهو الملك الذي لم يستوعب موازين القوة وسبل العمل كما دأب والده، فكان مصيره فاجعة لطموح العراقيين، واحكام قبضة السفارة البريطانية أكثر.

اسئلة موضوعية

نعم كلنا هتفنا يسقط عملاء الإنجليز، وكلنا تغنينا بـ "نوري القندرة وصالح جبر قطيناه"، لكن هناك أسئلة موضوعية تعززها البحوث العلمية والإحصاءات، يؤكد الراحل الأستاذ الدكتور وفيق عمر نظمي في أطروحة دكتوراه الموسومة "ثورة العشرين"، أن معدل أعمار المواطن في الولايات الثلاث التي عرفت بالمملكة العراقية الهاشمية فيما بعد، هو 27 عاماً على أخر أيام السلطة العثمانية، وبعد الاحتلال الاستعماري المجرم البريطاني أصبح معدل أعمار العراقيين 39 عاماً.

ويقول هو رجل قومي ناصري، عارض المرحوم عبد الكريم قاسم وكان وهو يافع يكره النظام الملكي الهاشمي وعرابه بريطانيا، إنن المستشفيات شيدت في بغداد، وبقية الألوية، كما شيدت طرق وخطوط سكك حديد وميناء، وصارت هناك الكثير من البيوت بالطابوق وليس بالطين أو بالقصب في بغداد والمحافظات.

الشريف حسين وأولاده جميعاً، من علي ملك نجد والحجاز بعد والده وعبد الله وفيصل، اخذوا على الدولة العثمانية إهمالها لتنمية الوطن العربي، اخذوا على العثمانيين استخفافهم بالعرب، بل وبشكل غير مباشر تمييزهم الطائفي. وظنوا في الدولة الصناعية العظمى بريطانيا وحلفاءها بارقة أمل في التخلص من الجهل والتخلف، وتضمن هذا وثيقة الشريف حسين مع ممثلي الأمبراطورية.

جاء فيصل إلى العراق عبر ميناء البصرة شريفاً هاشمياً، لكنه أصر على زيارة مرقدي الإمامين علي والحسين قبل توجهه إلى بغداد، وإصر على أن يكون تتويجه في يوم بيعة الغدير.

ليس هذا موضوعي كله، فـ فيصل ابن الشريف الحسين ملك العراق كان عبقرية قاتلت العثمانيين وتخادم مع البريطانيين ليناء دولة عراقية، على أمل أن تكون نواة دولة عربية كبرى مستقلة، ومعه قادة عسكريين منهم الفريق جعفر العسكري والعقيد نوري السعيد ورهط من خيرة أباء الفكر الوطني.

شيدت دولة العراق، وكل المجموعة الخيرة التي تشكك بقيمة اليوم الوطني للعراق في قبوله بعصبة الأمم المتحدة، هم خريجو المعاهد والجامعات العراقية والبريطانية التي وفرها لهم الهاشميون والبريطانيون.

وهناك نكتة عراقية متداولة تقول " من بنى هذه المدرسة وكلية الطب، ومن بنى ميناء البصرة ومطارات بغداد البصرة وبغداد والموصل، وسكك الحديد وهذه المستشفيات؟ الجواب البريطانيون. وماذا فعلتم انتم أيها المواطنون المخلصون المعادون للاستعمار: وكان الجواب طردنا البريطانيين وأنشأنا العديد من السجون وأعدمنا الكثير من العراقيين ومن قادة الشيوعيين بالآلاف مقارنة بإعدام الشهداء (وفق مرسوم جمهوري لعبد الكريم قاسم) فهد وحازم وصارم."

ليس من العقل و لا الحكمة توقع طرف يقدم لك خدمة بدون مقابل، وهذا ما يتعارف عليه بالمصالح المتبادلة، صحيح أن هناك استزراع جائر لأراضي العراق في ظل الاحتلال لمصلحة الأمبراطورية، بالأخص في متصرفية العمارة، لكن ليس من المعقول أن يأتي احد من وراء البحار ليصنع المعروف في أهل العراق، فيما إخوتهم في الدين أو ممن يحكمونهم من الأستانة قد تركوهم نهباً للجهل والمرض والعوز وكل قيم التخلف. شيدت في العراق سدود ومدت طرق وربطت المدن العراقية الرئيسة سكك حديد. صحيح أن هذا من مستلزمات قبضة السلطة وجني فوائد للتاج البريطاني، تمهيداً لأستخراج النفط، لكن الحقيقة الأخرى هي ما مصلحة غير العراقيين في إنهاض المدنية في العراق إن لم تحقق لهم ربحاً بعضه زراعي، ورئيسه النفط،الذي نقلتنا عوائده نقلة كبيرة، لكنها مع الأسف لم توظف وفق تخطيط، بل صرنا مجتمعاً استهلاكياً اقرب للطفيلي، معتمدين على ما تدفعه الشركات العالمية عن نفط يستخرجونه لنشتري بعوائده سلعهم، وليس إقامة اقتصاد وطني، كما خطط عبد الكريم قاسم وإبراهيم كبه.

شهر عسل

نعم أيها السادة البريطانيون جعلونا أناسا معاصرين مقابل فائدة لهم، لكن ماذا عملنا لأنفسنا بعد شهر العسل من سلطة الجمهورية الأولى بقيادة الفريق الركن عبد الكريم قاسم؟ شنق النظام الهاشمي الرفاق الخالدين فهد وصارم وحازم، لأنهم تحركوا ضمن صراعات الحرب الباردة والسعي لإقامة دولة موالية للسوفيت. ولن تبرر عملية الإعدام لقادة فكر مع أنهم حركوا الجماهير في "وثبة" كانون ضد النظام وصلت حد مواجهات مسلحة..فهي جريمة ارتكبها النظام الملكي، لكن ماذا عن عشرات ألاف الجرائم التي ارتكبت بالأخص بعد 8 شباط صعوداً وحتى يومنا هذا حيث يحصد الرصاص الحي والكواتم المحتجين؟؟

إن يوم 3 تشرين الأول 1932 هو يوم سيادة دولة العراق وتأسيسها القانوني الوطني والدولي، مع كل المحبة لما حققه الزعيم الركن لاحقاً الفريق باستحقاقه عبد الكريم قاسم للعراقيين...ويظل السؤال هل كان من صالح العراقيين تطور تدريجي تحت خيمة العرش الهاشمي، أم أن حاضرنا وقوافل الموت والحروب الخاسرة هي الأفضل، وحالياً سلطة المحاصصة والفساد وعدم الكفاءة؟؟؟

وا حسرتاه "عيد بأية حال عدت يا عيد"؟؟؟

 

 

 


مشاهدات 536
أضيف 2022/10/05 - 4:34 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 4:05 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 70 الشهر 70 الكلي 9362142
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير