الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أزمة التعديلات الدستورية.. البناء الفيدرالي وأثره في صياغة العلاقة بين المركز والدولة

بواسطة azzaman

أزمة التعديلات الدستورية.. البناء الفيدرالي وأثره في صياغة العلاقة بين المركز والدولة

 

فاضل ميراني

بعد تقديم الشكر.. اسجل لمنظمي الملتقى تقديري بما يليق و التوجه المخلص الذي يثبتونه دوما سعيا لتأسيس مفاهيم صحيحة بناءة تزيل جزءا من التسليم بمرارة الشعور بالمنحدر الفكري الذي يدفع اليه العراق دفعا ازدادت شدته ووتيرته ومالت زاويته بحدة لمصالح ليس منها الشعب العراقي على قبول او خير او خيار او اختيار، رافقه خسران كبير في الدماء و البنية الاجتماعية و سحق لبقايا طبقات قام عليها الكيان الوطني المعاصر بعد مائة عام مرت على انشاء الدولة العراقية الملكية ثم الجمهورية، و التي خرجت من احتلال الى احتلال بديل الى ازالة نظام سابق و البدء بهيكلة النظام السياسي لتقديم صيغة معاصرة جرى امتحانها بقسوة لتفرز معادلات داخلية و خارجية اقل ما يمكن وصفه بها انها مرتبكة لعوامل ذاتية و موضوعية نحاول في بحثنا هذا ان نثبت وجودها و اسباب استمرارها برغم ان النصوص التي كتبناها في دستورنا الوطني لا تتطابق مع الخارطة القانونية. برجاء الفائدة التي نأخذها من طرحكم و ما يقابله من طرح منا، خدمة وواجبا تمليه امانة المواطن على وطنه.

مقدمة

لا اريد ان اثير مشاعر اي فرد و لا ان ابدأ مقدمة بحثي بطلب استحضار نسخة الدستور العراقي الحالي، للمقارنة بين اللغة التي جرت صياغته بها، و بين الواقع الذي يحتج بالدستور او عليه فريق الخصوم السياسيين و بين حال المواطن العراقي و ما تكون عليه احوال الاجيال القادمة، و لا اريد ان انفق كلماتي فقط لأكاديمية كتابة البحث دون التأشير و ملامسة الخلل الذي يحكم قسما كبيرا من السلوك الذي جرت ممارسته و لا زال قسم كبير منه يمارس عبر لي عنق النص الدستوري و ما يتفرع عنه من قوانين و انظمة تبعا لمصالح يحكمها فهم انتقائي، و من ذلك ايضا تفسير العلاقة بين المركز و الاقليم، بصفة عامة دون تحديد مركز و اقليم بذاته مثل بغداد و اربيل، بل اي مركز و اي اقليم في ظلال الفيدرالية، و بين الواقع الذي ينفر عن النص نصا وروحا في اسباب عدم تطابق الممارسة القانونية بين بغداد و اربيل مثالا حيا على معالجة المحور الذي اتشرف بالكتابة عنه.

اكتب هذا و انا احفظ و اردد دوما و منذا اشتغلت في الحزب الديمقراطي الكردستاني قبل اكثر من نصف قرن و تجربتي في العمل الحكومي، قوله عز من قائل" يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم" و ايضا قوله تبارك" يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فأحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك غن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب" و حديث خاتم الرسل عليه و اله و المنتجبين من صحبه الصلاة و السلام" لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه" و قول علي بن ابي طالب مخاطبا ابن عباس" ان نعلي احب الي من امرة الناس الا ان اقيم حقا او ادفع باطلا" و قول عمر بن الخطاب" اشقى الولاة من شقيت به رعيته".

وانتم و انا، نتفق على ارثنا الكبير المتأصل في كوننا خلف يجمعنا من ارث عظماء السالفين ممن قرنوا العمل بالقول الصالح لما حكموا او كانوا شهداء لجكام اقاموا العدل وفق الشريعة و ما استنبطوه من احكام ولم يتغيروا برغم ازدحام تاريخنا السياسي بحكام لم يكونوا عدولا.

ان الوعي المجتمعي لا يستمر تأثيره دون بذل عملية مديمة له ليس الارث فيها هو الركن المتين اذا لم تسنده اركان من التعليم و الامن و ارساء مفاهيم غير مشوهة عن الحقوق و العدالة، تخلق في الانسان و منه العراقي، ان لا يكون مجهلا، مشوش الرؤى و ذخيرة للخسران في وقت تتاح فيه الفرص لتجاوز خسارات الماضي الذي استهلك الارواح و المقدرات وتعود ان يبرر الخسائر و يعد الهزائم نصرا و النكوص تقدما، فأذا ما قدمنا خطوات العلاج لمرضنا هذا صار لنا ان نحكي بخبرة عن محسنات العلاقة بين المركز اي مركز و بين الاقليم اي اقليم و ان نقدم انموذجنا مثالا نعتد به لا متوقفين عنده بحيرة مع اننا ندري بعلة التلكوء.

اخيرا، سأكتب في لاحق المطالب مثبتا رأيي بعد استعراض المفاهيم المستقرة في القانون عن العلاقة بين المركز و الاقليم مع استعراض مسببات عدم التوافق بين التحرير و التطبيق، و سأقسم العنوان الى مبحثين، مبحث "البناء الفيدرالي للدولة"، ومبحث" العلاقة بين المركز و الاقليم".

ودمتم اخوة اعزاء.

المبحث الأول: البناء الفيدرالي للدولة

1

شاءت الاقدار ان يكون رجل الدين و الفيلسوف الالماني" جوهان التيزيوس" الاب المؤوسس للفكرة مع ملاحظة انه اولى الكيانات بمجموعاتها حرية اكثر في سبقه للتنظير للفكرة الفيدرالية من حرية الافراد و مرد ذلك حسب تحليلي الى النمط الفكري خلال القرنين السادس - السابع عشر، و التأثير الديني و صراعه مع القومية الاوربية.

فلقد بقيت النظم الروحية تتنافس بكل الوسائل مع الافكار التي صارت تنضج لدخول صراع يفضي الى السلطة، و امام ضغط الاحداث عالميا، صار لزاما تقديم حلول مواكبة للتحديات التي لا يمكن السيطرة عليها بمنظومات قيمية تؤجل النظر في مشاكل الافراد و الجماعات و ما يحملونه من عقائد لا تقدم الحل المقنع لحاجات الانسان ضمن مجتمعه.

الولايات المتحدة الامريكية هي الفدرالية التي تقترب من روح النظرية لكنها ليست الاولى و الاقدم، فلقد سبقتها سويسرا بقرون، لكنه سبق تاريخ لا سبق تكامل في تطبيق الفكرة.

الفيدرالية هي تجربة استجابة للخصوصية يضاف الى عناصرها الاثنية المصالح السياسية و الاقتصادية التي تضفي على القرار اكثر من تقييم و نظرة و حكم.

الفيدرالية مثلها مثل اي نظرية لا تسلم من تطبيق مغلوط ان لم توازن بين التكامل الوطني و التدعيم لمغذياتها التي تتشكل منها بصيغة اتحاد، و التاريخ الاسلامي في الحكم ليس منعدما من فيدراليات مبكرة لكنها لم تقدم هويتها نزولا للفهم السلطوي لمعنى الحكم خلال حقبة اطلق عليها تاريخا" الفتوحات" ربما بسبب ان اكثر مدوني التاريخ كانوا يركنون للسرد الادبي في نقل حقب التاريخ فأساءوا ارضاءا للسلطة و تسببوا بخسارتها ما كان يمكن ان تنظره منهجا و هي تحكم قوميات بلغات مختلفة و اعراقا متنوعة و على ارض اقليم لم يكن تابعا وطنيا للحكم الاسلامي.

فالنص الاسلامي لا النص الفقهي لم يقدم الا قواعد تنظم حياة الافراد دون تزكية لقومية على اخرى و متتابعا في تنزيل ايات لحفظ الحقوق و العدالة، ومثل هذه النصوص لا تخالف نصا و لا روحا ما كان يمكن ان يسن في قوانين الدولة التي مع اختلاف عوائل الحكم فيها الا انها سيطرت من حدود الصين الى سواحل الاطلسي قرابة ال600 سنة، فأخذت و اعطت و امتزجت زيادة و نقصا و ضمن نظام سياسي ادعى الحق الالهي و ان لم يكتب له التوفيق بذلك.

2

اختار كرد العراق النظام الفيدرالي، واختيارهم له كان مدونا قبل ان تمر سنوات ليدون في دستور 2005.

وبأيجاز سريع واقعي، فنحن امة مثل العرب، و مثل اي امة اخرى نضيف قيمة للارض كما الاخرون، و اختيار الفيدرالية من قبل فكرنا السياسي و تصويت شعبنا مبكرا عليها، لم يأت ردة فعل فقط، بل بفعل ان الوعي الانساني المتنامي، لم يعد يرتضي رهن المصير بقرار فردي ايا كان مصدره الانساني، فعلى امتداد المائة سنة الماضية لم يكن لنا الا ان نكون بعكس القاعدة القانونية التي تقول ان الاصل هو براءة الذمة، ذلك ان الانظمة الحاكمة و بتفاوت ضغط، نظرت للمواطنة بحسب قياستها هي، وكانت قياسات مجحفة تقطع بالخيانة على اللامنتمي لفكرها و خاصة الانظمة العسكرية و الايديولوجية التي عزلت العراق عن محيطه و استفردت بالقرار و فتحت ابواب الانقلابات و نشوء طبقات سريعة ادارية و مالية ترتبط بها موصلة للفرد اخطر ما يمكن تصوره وهو انها هي المخدومة لا الخادمة مكرسة الدعاية لذلك، تعليميا و دينا و عرقا، مشرعة ذلك بقوانين و قرارات اخذت قوة القانون و مثال ذلك ان قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل لا ينازعه قانون، و بموجبه عملت قوى المركزية على اجلاء و صهر و اخفاء السكان و تنشئة فكر احادي خدمة لمشروع بقاء مكون في سلطة و سلطة لا تتماشى قوانينها الوطنية مع القانون الدولي.

لكن اختيار الفيدرالية ليس بالامر الكافي، فما قيمة الاختيار بلا تقيد و قبول؟

انا هنا اعلل و لا ابرر الخطأ الذي لحق بالعلاقة، و هو خطأ بنيوي، فلقد اهمل اغلب ساسة العراق و ربما بنشوة زوال نظام و تقدمهم هم لقيادة مفاصل منه، اهملوا التركة الاجتماعية التي تكونت في العراق و بخاصة الفترة التي ترنح حزب البعث العراقي فيها امام الفرق بين نظريته وواقعه بعد اجتياح الكويت، وهي فترة لم تبحث على ما اعتقد بالدقة اللازمة.

لقد كرست فترة القهر المنظم ترويض الفرد العراقي الذي بات مجبرا على خيارين، الفرار من النظام، او التماشي معه بطاعة دونها العقوبة، و صار المنحدر الاجتماعي بأقصى زاوية سقوط، اذا عمدت الدولة كما عمد وعاظ الدولة الى اعتماد القصص بديلا للحديث الذي بدوره صار بديلا عن القران، فصار رئيس النظام هو النظام و الدستور و القانون دونه، و هنا لم يجر الالتفات الى قاعدة ان الضحية تكتسب من صفات الجلاد، اذ لا يجوز ان نؤمن على شطر من القاعدة الاجتماعية و ننقض الشطر المكمل لها.

كما اني لا ابرر بل اعلل مجريات ما حدث، وكل الذي حدث بعد 2003 القى بالفعل و تبعات الفعل على كل العراق و منه العلاقة بين المركز و الاقليم، واعتقد ان السيدات و السادة اعضاء الملتقى الموقر و القراء بعدهم يدركون قانونا ما تعنيه النصوص القانونية الاسمى في الدستور من انها نص الدستور ام لا فلا مكان لتشريع ما يعارض النص فضلا عن معنى خرقه او تعطيله او مخالفته.

لا اريد الخوض في النوايا لكن الذي يتأمل الصيغ المبسطة للعقود المسماة و حتى عقود الاذعان، يدرك ان استعارة العقد للنص الدستوري ستكون صحيحة، و ان اركان العقد الدستوري من رضا و سبب و محل و اهلية متوافرة عند الذين كتبوا و اكثر الذين صوتوا للدستور، ولا يمكن الادعاء بخلاف ذلك، اللهم الا ان كانت نشوة الحرية في التعبير قد غطت على قراءة ما صوت الانسان له و ذلك مبحث اخر.

اما نحن، و اقصد الجماعة الوطنية الكردية فهي تؤمن بالفيدرالية مع خصوصيتها العراقية التي لا يمكن اهمالها، شأنها شأن خصوصيات الفيدرالية في اسيا، لكن الجماعة الوطنية الكردية و معها جماعات عراقية اخرى تدرك ان كثيرا من الكيانات الطموحة و بسبب ذاتي و موضوعي لم تغادر عقلية التسلط هذا خيارها لكن ان تكرس التسلط ضمن نظام الياته لا تسمح بذلك الا للقانون، فهي سابقة يستعان بعلاجها بالتركيز على ملفات مهملة منها الاحصاء السكاني، و نظام ادارة الموارد المالية و التعليم و الصحة و الاستقلال السياسي.

لئن كان المرء "يوزن بقوله و يقيم بفعله" كما يقول ابن خلدون، مضيفا ان ظلم السطان اشمل من تظالم الافراد، ذلك انه اجلب للخراب. بالتالي فأن القبول بالاطر السياسية للحكم دون الدفع بأنجاحها سيولد احتمالين، الاول ان المنخرط في العمل تسنم ما لا يؤمن به و عليه ان يعمل وفق القانون لتبديل النظام، و الاحتمال الثاني وهو الاخطر ان يكون المنخرط مخضعا النظرية لتطبيقاته التي فهمه خارج السياق.

المبحث الثاني: صياغة العلاقة بين المركز و الاقليم.

تنظم الدساتير مع القوانين اشكال العلاقات القانونية، وقد نظم الدستور العراقي بعد التعريف بالجمهورية، العلاقة بين المركز و الاقليم او اي اقليم يعلن طالما ان الدستور الاخير محط عمل.

فلقد اعترف الدستور بكردستان و اعمالها القانونية منذ العام 1992? و نفاذ قوانينها مالم تخالف نصوص الدستور.

والمفهوم من كل هذا هو العمل بعد ذلك بزخم و نوع متوازن لترتيب المتغيرات في ضوء التشريع، ومع ذلك فنحن و باقي الجماعات الوطنية العراقية لم نكن بعيدين ابدا عن الواقعية، فليس من اليسر بمكان تجاوز الماضي بكل سوءه و بعض ثوابته و قليل حسناته الى حاضر و مستقبل شعاراتي فضفاض، فنحن لسنا غرباء لا عن الاسلام و لا عن العراق و لا عن مجتمعه و نحن ايضا من اقدم الجماعات الحزبية و السياسية التي طالبت بالديمقراطية للعراق.

احتكمنا للمتغير السياسي و القانون و المصالح الداخلية لنؤدي دورنا في بناء العلاقة مع المركز و بالمقابل المركز بنا، و بعيدا عن اي اطر اخرى فالقانون الاسمى وهو الدستور كان و يبقى مرجعنا و تفسيراته هي قانونية و من اختصاص جهة قضائية مشخصة.

و حتى تكون الامور في نصاب اول قبل النصاب المفروغ منه، يجب ان يكون القضاء مستقلا لا ضغوط عليه، وان تكون الملفات الوطنية المفردة للهوية الوطنية ملفات يصار لعرضها على الجمهور الذي يشترك بعقد المواطنة طالما يحمل اوراقا عراقية ثبوتية.

ليس قضية العلاقة بين اي مركز و اقليم معقدة، بل التعقيد يبدو واضحا في فهم مناط القانون و السلطات، وهذا ما يمكن تشخيصه في العينة العراقية عند اخضاعها للتشريح لمعرفة سبب التلكوء في التطبيق الفيدرالي، مع الاخذ بالاعتبار وضع القواعد القانونية معيارا، ثم تنقية المقيس من شوائب الحقبة السابقة و تفهم المصالح الدولية التي تنشط في العراق بشكل غير مريح و لا مبشر-ان استمرت- بنجاح كل التجربة لا شيئا منها مع ان هذا الشيء هو هوية الدولة المفترض انها تعترف بها على الصعد الرسمية.

بوجود المعيار و المقيس توجد مهمات اولية لم تنشط منها صوغ هوية و طنية، فلقد انحازت اغلب المكونات لنفسها بمجرد الفراغ من الدستور، ولم ترد الانتباه ربما ان مرحلة المعارضة او مرحلة تغيير هوية الانتماء للنظام السابق تتطلب الموازنة بين بقائين بقاء المكون مع الكيان لا تقوية مكون على كيان لم تبدر منه مخالفات، و هنا اعني ان المخالفات هي كيانية ملقاة على كيان الدولة بهتانا، فالتورط في حروب و نزاعات و اخضاع الثروات للمحسوبيات و اهمال مغذيات المجتمع من الامن و التعليم و الصحة و المواطنة هي افعال كيانية حزبية تتلبس ثياب الدولة، ودليل مخالفاتها ان قسما من مرتكبيها يجري حسابهم بعد مغادرتهم السلطة، وفي ذلك اشرت لحتمية استقلال القضاء عن الضغط.

اعتقد ان استحضار قسم من مخالفات النصوص الدستورية هو الانجع في تصوير مضمون و شكل العلاقة بين المركز-اي مركز- و بين الاقليم-اي اقليم- ذلك ان اعادة كتابة ما توجبه العلاقة بين طرفي عقد الفيدرالية لن يكون مفيدا بعد كثرة تكرار دون معرفة من يخالف و لم يخالف.

اي نظام سياسي على اقليم وشعب و ايا كانت هوية النظام، بالتالي يفترض لنفسه تمثيل اغلبية تبقي شرعيته وفق ما تصالحت عليه الجماعة الوطنية، و لكون العراق الحديث التجربة الفيدرالية قد فعل العرف القانوني في تقاسم السلطات، الا انه لم يتحذ خطوات لازالة الاستثناء مستقبلا، بمعنى انه استظل بمشروع امريكي في 2003 ليقيم نظاما يؤمن بكثرة في الطائفة قبل العرق و بالعرق قبل الوطنية، و بالتالي فيمكن هنا التذكير بما قلته في المقدمة عن الفيلسوف و رجل الدين"جوهان التيزيزس" في التنظير لحقوق الجماعات لا الافراد، مع انه تنظير غربي قديم عن التجربة العراقية ب اربعمائة سنة او اكثر.

ابرز مخالفة في النصوص هو عدم تقديم هوية وطنية محل ثقة على الصعيد الشعبي لا الرسمي، و معنى ذلك ان هويات اخرى قد قطعت خلال السنوات الاخيرة مشوار قوة على حساب الوطنية، وهذا الامر موجود محمي تشترك بتقويته تقاطعات المصالح الفئوية و الاقليمية على حساب الوطنية العراقية المسطورة بالدستور.

عسكرة المجتمع مخالفة كبرى لا مجال فيها للقطع بغير خلق تابعية و عداءات تفسر سياسيا انها افضل حجة لبقاء الوضع محسوما لمن يتبع من ضمن تفصيل محاصصي يبدأ بالمجلس النيابي لينتهي في الممارسة في الشارع او العكس.

تأجيل حسم قضايا نص عليها الدستور وهي قضايا تقتل بتأخيرها المجال الحيوي المجتمعي قسم منها يخص الاراضي المتنازع عليها و قسم يخص السلطة على واردات البلاد و عدد سكانها الذي يخضع للتقديرات لا للارقام الرسمية.

رسم السياسات الاستراتيجية التي ومع كل حقبة رئاسية تخضع للاجتهادات وتتوزع بما يدركه الجمهور انها دعايات شخصية لا ثوابت ادارية تنفيذية، يلحقها الخلط بين الادوار التي يكون فيها قسم من الحزبيين اقوى من الادارة و قسم من الاداريين بصلاحيات زعامة.

استنتاجات.

اولا- ان اي مراجعة تتم لمسيرة حكم العراق الحالي موضوع البحث، عليها ان تبدأ من الاستعداد الفكري للسلطة و المجتمع في التقيد ببنود الدستور، و منها الدولة الفيدرالية و علاقة المركز بالاقليم، مراجعة تفسر و تقر ببواطن الخلل، فما احتاج الى تعديل يعدل او ينسخ.

ثانيا- لابد ان يصار لقرار موسع للربط بين منهج الحكم و موانع تقيد تكرار السلوك المعدي بين فكرتين مختلفتين هما الشمولية و التعددية.

ثالثا- ان المواطن دافع الضرائب من دم و مال، ليس عتاد مشاريع بلا جدوى سياسية، فالدول التي نوضع الى جنب تصنيفها السياسي، توفر للخدمات الاجتماعية ما يفوق التوجهات العسكرية.

رابعا- ليس مستبعدا ابدا تبدل الانظمة، لكن اي تبدل خارج الاسرة الدولية سيكون هجينا معزولا و امكانية دوامه هي الاخرى ليست مضمونة، فشواهد التاريخ القريب و الحاضر غنية عن الذكر.

خامسا- ان الجماعة الوطنية الكردية السياسية و معها جماعات عراقية، تؤثر المضامين التي تديم و تنجح تجربة الدولة الفيدرالية و توازن و تكامل علاقات مركزها و اقليمها او اقاليمها مستقبلا، و لا تنظر للمشروع من الخارج الذي تغلفه الدعاية او البروباغندا.

ختاما

اتوجه بالشكر للسيد ابراهيم بحر العلوم الشخصية الوطنية السياسية العراقية و الى كل جهد تم بذله، للانتباه و التفكير و العمل من اجل تعميم هم المواطنة العراقية التي هي نسل اصيل لحضارات الوادي التاريخي و الجبل الاشم و الخليج، حتى تكون حالة فريدة و عنصرا وضاء في مسيرة الانسان و الانسانية.

لقد استعنت بمصادر توزعت بين التاريخين الاسلامي بشخصيات مؤثرة منهم الرازي و ابن سينا و العربي مثل ابن خلدون و ابن رشد، و غربيين مثل راسل و روسو، اضافة لتجربة متواضعة في العمل السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، رقبت خلالها مجتمعاتنا و تعاملها مع السلطة و العكس.

***

{ سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني

{ بحث مشارك في مؤتمر التعديلات الدستورية الذي اقامه معهد العلمين للدراسات العليا


مشاهدات 889
أضيف 2022/08/28 - 6:44 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 11:21 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 19 الشهر 9937 الكلي 10053081
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير