إنتفاء المصلحة .. يسبق الحكم بعدم الدستورية
احمد طلال عبد الحميد البدري
اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرار يتعلق بشرط المصلحة في الدعوى الدستورية ، اذ ان النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2005 (الملغى) حدد في المادة (5) منه شروط قبول الدعوى الدستورية وعلى رأسها ان يكون للمدعي في موضوع الدعوى مصلحة حالة ومباشرة ومؤثرة في مركزه القانوني او المالي او الاجتماعي وايضاً تضمنت المادة (20/اولاً) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2022 نصاً مماثلاً الا ان النص اشترط توافر المصلحة عند اقامة الدعوى وحتى صدور الحكم فيها ، القرار يتعلق بالدعوى المرقمة (120/اتحادية /2022) في 26/6/2022 وهو يتعلق بطعن اقامه احد المحامين (ف.م.خ) طاعناً بعدم دستورية المادة (18) من القانون رقم (26) لسنة 2019 قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 لمخالفه قانون التعديل المواد (14و16) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 كونه احدث ضرراً بالفئة المستهدفه من قانون التعديل وقد دفع المدعى عليهم ( رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب – اضافة لوظيفتهما ) بأ نتفاء شرط المصلحة والضرر باعتبار المتقاعدين سيحصلون على حقوقهم التقاعدية وان هدف القانون ايجاد فرص عمل لفئة الشباب العاطلين الذين يمثلون (50 بالمئة ) من مجموع الشعب العراقي ، وقد ردت المحكمة الاتحادية العليا الدعوى لسبق الحكم بنفس موضوع الدعوى ، حيث سبق وان ردت المحكمة الاتحادية العليا الدعوى المرقمة (1/ اتحادية /2020) المقامة من المدعية (ر.ع.ج) في ذات الموضوع وهو عدم دستورية المادة (18) من قانون التعديل الاول ، ولنا على القرار المذكور بعض الملاحظات نوجزها بالاتي :
1- مدى عينية الدعوى الدستورية : فالدعوى الدستورية تنتمي الى القضاء العيني فلا يشترط ان يستند الطاعن الى حق شخصي اعتدي عليه كونها تتعلق بمراكز عامة وموضوعية ويتوجه الطعن الى نصوص التشريع المخالفة للدستور، حيث جاء في حيثيات القرار (... وحيث ان الدعوى الدستورية توصف بانها عينية لتعلقها بدستورية قوانين عامة ومجردة وليس حقوق شخصية بحته ....) ، والحقيقية ان هذا الكلام لايكون دقيقاً على اطلاقه لان عينية الدعوى الدستورية لاتعني التحلل من شرط المصلحة الشخصية المباشرة ، ولذلك اجاز النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2022 في المادة (20) منه للاشخاص الطبيعية (الافراد) اقامة دعوى مباشرة امام المحكمة الاتحادية العليا للطعن بدستورية نص في قانون او نظام ، اي بصورة مستقله عن اي دعوى موضوعية ، في حين نجد ان قانون المحكمة الدستوريه العليا في مصر لم يمنح الافراد مثل هذا الحق الا عن طريق الدفع الفرعي امام محكمة الموضوع ، او من خلال الاحالة التلقائية من محكمة الموضوع او من خلال تصدي المحكمة من تلقاء نفسها بمناسبة ممارسة اختصصها ، ولذلك نتوقع سيل من الدعاوى المباشرة من الافراد قد يثقل كاهل المحكمة مستقبلاً تشكل تشكيكاً بالقوانين دون ضوابط موضوعية خلافاً لمبدأ قرينه الدستورية.
2- انتفاء شرط المصلحة : ان النظام الدخلي للمحكمة الاتحادية العليا حدد شروط قبول الدعوى الدستورية وشروط المصلحة ، الا انه اغفل الاشارة لحالات انتفائها ، ومن صور انتفاء المصلحة سبق الحكم بشأن دستورية النص المطعون فيه وهذا ما اشارت اليه المحكمة الاتحادية العليا في قرارها المنوه عنه في اعلاه اذ جاء فيه ( ... ولاطلاع المحكمة الى قرار الحكم الصادر عنها بالعدد (1/ اتحادية /2020). وان موضوعها هو ذات موضوع هذه الدعوى والفقرة الحكمية الواردة فيه وهو الحكم برد دعوى المدعية ، .....وان الاحكام الصادرة عن هذه المحكمة باته وملزمة للكافة استناداً للمادة (94) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وان تغير اطراف الدعوى فحجيتها تسري على الجميع من افراد وسلطات عامة ولاسبيل لطرح دستورية قانون امام هذه المحكمة اذا سبق وان حكمت المحكمة بدستوريته حتى وان تغير اطراف الدعوى ، وعليه ولما تقدم قررت المحكمة الاتحادية العليا برد دعوى المدعي .....) ، والحقيقة ان قرار المحكمة صحيح ولكنه لم يشر الى سبب كون سبق الحكم بالدستورية موجب لرد الدعوى ، حيث كان يجب الاشارة الى انتفاء شرط المصلحة لسبق الحكم بدستورية النص الطعين ، فالمصلحة تنتفي بالنسبة للمدعي بصدور حكم سابق سواء بالدستورية او عدم دستورية النص باعتبار ان المصلحة مناط الدعوى ، وهذا ما تنبهت له المحكمة في قرارها المرقم (110/ اتحادية /2022) في 28/6/2022 حيث جاء في حيثيات الحكم (..ولما كان سبق الفصل في الدعوى الدستورية ينفي المصلحة عند اقامة الدعوى مجدداً للمطالبة في نفس الموضوع الذي تم البت فيه بقرار حكم بات وملزم للسلطات والاشخاص كافة لذا فأن مصلحة المدعيين اضافة لوظيفتهما عند اقامة الدعوى تعد منتفية ....) .
رد دعوى
3- ان المحكمة المحكمة الاتحادية العليا ردت الدعوى المرقمة (110/ اتحادية /2022) في 28/6/2022 شكلاً وهذا معناه من وجهة نظرنا ان هذا القرار له له حجيه نسبية وليس مطلقه ، لانها ردت الدعوى شكلاً لعدم توافر شروط قبول الدعوى ومنها شرط المصلحة وندعو المحكمة في حال رد الدعاوي لعدم توفر شروطها ومنها شرط المصلحة الى قبولها مجدداً في حال استيفائها لشروطها سواء بالنسبة للمدعي ذاته ام لغيره وعدم التمسك بالحجية المطلقه لمثل هذه الحالات ...والله الموفق .