بطاقات كثيرة وفوائد قليلة
عبد الستار رمضان
ربما يكون العراق من أكثر بلدان العالم التي يتوجب على مواطنيه حمل واستحصال العديد من الوثائق والهويات الرسمية التي اتخذ بعضها شكل ومسمى (بطاقة)، واشهرها الاختراع الاكبر الذي ابدعت فيه احدى المحافظات عندما تمسكوا بما يطلق عليه (المربع الذهبي) وهي (البطاقة التموينية وبطاقة السكن وهوية الاحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية) التي يطالب بها الكل في أي معاملة صغيرة او كبيرة، مهمة او غيرمهمة ، واي مراجعة لأي مختار اومركز شرطة وكل دائرة يطلبوها منك قبل ان ان يردوا السلام، وقبل ان ينظروا الى المعاملة التي بيدك.
ثم (بطاقة الناخب) التي تغيرت او اتخذت اكثر من شكل او نموذج وعلى اساسها تمت انتخابات مجلس النواب طيّب الذكر ومارسنا الديمقراطية من اوسع ابوابها ومظاهرها، فكان ما كان من الفساد والانسداد والاطار والتيار واخوانهم من السيادة والعزم والاصرار والامتداد الذي ما طالنا منهم غير الانتظار وتحول الحال الى أسوء مما كان عليه الحال.
بعدها جائت سيدة البطاقات او بطاقة البطاقات (البطاقة الوطنية) التي من المفروض تجمع بيانات كل البطاقات وتعوض عنها وتكون البديل التعريفي للمواطن العراقي من خلال رقم مدني او وطني لكل مواطن، لكنها اصبحت محطة تعب وعناء وانتظار.
وكان لكورونا بصمة وبطاقات فكانت (بطاقة التلقيح) الاولية التي يتوجب بعدها اصدار (بطاقة التلقيح الدولية) ولا ندري ما ستؤول اليه بطاقات كورونا واخواتها من الاوبئة والامراض، وقبلها كانت (بطاقة الامراض المزمنة) وبطاقة(الحوامل) وبطاقة (الرعاية) وغيرها.
ثم (بطاقة النفط) لاستلام النفط الابيض والتي ربما تتطورالى) البطاقة الوقودية (وحصة كل سيارة من البنزين، والتي تشعرك كأنك تعيش في دول من الدول الشيوعية ايام الحرب العالمية الثانية من التقنين وطوابير الانتظار الطويلة، ولسنا في العراق بلد النفط والغاز الذي يحترق ليل ونهار ونستورد الغاز بالمليارات من احدى دول الجوار، مع احتفاظ العراق بمركز احد أكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط لكنه ما زال يعاني من نقص الطاقة والوقود وأزمة كهرباء.
ثم جائت بطاقة (الكي كارد) لتلزم كل متقاعد اولاً ثم كل موظف ان يُوطن راتبه لدى هذه الشركة التي تستوفي مبالغ من راتب كل موظف ومتقاعد وبنسبة تزيد او تختلف حسب الظروف والاحوال، لتصل الى نسبة كبيرة جدا كما يُقال او يشاع عن وكلائها الموجودين في بعض الدول الاوربية والذين يربحون ارباحا بلا قانون ولا حساب ولا كتاب. ثم بطاقة (الماستر كارت) للبنوك التي تكاثرت في العراق واصبح تعدادها بالعشرات، وكأننا بلد الثورة الصناعية او مركز التجارات العالمية، الى جانب شركات الصيرفة والتحويل ومنافذ الصرف وغيرها، وكارت او بطاقة (تعبئة الموبايل) لشركات الاتصال التي احتكرت سوق الاتصال وتلعب بالمواطن وتقدم له أسوء خدمة مقابل أعلى سعر في العالم، وكارت (الكهرباء) للمجمعات السكنية الى جانب بطاقات وهويات النقابات والجمعيات والمنظمات والدوائر الرسمية وشبه الرسمية والشركات العامة والخاصة وبطاقة (اجازة السوق) العامة والخاصة، والتي لم تنجح كلها في اثبات شخصية العراقي الذي مازال معرضا للاعتقال والتوقيف بحجة تشابه الاسماء رغم كل هذا الهويات والبطاقات الكثيرة ذات الفوائد القليلة.