السياحة لها نكهة مائزة.. في الطريق غير الحريري للوصول إلى الهند
نيودلهي - حمدي العطار
كادت رحلتنا الى الهند ان تلغى او تتأجل بسبب الغبار الكثيف وعلى اثره تم تعليق كل الرحلات الجوية! لكن الحظ يحالفنا وتقلع الطائرة الامارتية (العربية) قبل المنع بساعة واحدة! قبل ان اكتب عن رحلتي والطريق للوصول الى الهند استرجعت ذاكرتي العلاقة التي تربط مدينتي البصرة بالهنود! واول ما اتذكره هو (سوق الهنود) وكنا كل ما نصل الى نهاية السوق حيث محال بيع البهارات الهندية لا بد من (عطسة) قوية تجعلنا نتوقف امام المحل لشراء بعض التوابل الهندية! كما كنت دائما عندما اسافر الى بغداد او اي محافظة عراقية احمل معي اكياس عديدة كهدايا من التوابل والبهارات الهندية، وــــقال احد الشعراء بيــــــت شعر :
(من حنين الحلوات لسوك الهنود / صارت حريكة بساع من نار الخدود).،، وكانت الكتب الهندية تتحدث عن البصرة وبعد 1920 عند احتلال الانجليز للبصرة اصبحت السوق هندية وكانت اللغة الهندية متداولة في المحال والمقاهي.
طريق البصرة
وهناك مصطلح كان يتداول في البصرة وهو ( الهنود البريطانيون) وهؤلاء دخلوا العراق عن طريق البصرة قبل ان يتركها الجيش البريطاني عام 1914 وكانوا يعملون تحت مظلة (حكومة الهند الشرقية البريطانية) . لقد هاجروا الى البصرة من شمال الهند وباكستان وبقوا وعوائلهم فيها، اما على مستوى المشاهير فهناك الشاعر العظيم (مظفر النواب ) من اصل هندي وكذلك (الممثل عز الدين طابو وميس كمر) من اصول هندية،، ويبدو لي ان للهنود حيز في ذاكرتي فعندما كنت في اوربا الشرقية ، كانوا يطلقون على (الغجر) مصطلح (سيكا) ، ففي يوغسلافيا يقولون هؤلاء هاجروا من الهند الى اوربا وغالبا ما يعملون بالتهريب وبيع العملة!
رفيق السفر
قبل أن نتحدث عن معاناة الترانزيت بودي أن اذكر رفيق السفر في هذه الرحلة الكاتب والمترجم والباحث(سعيد الروضان) الذي كان السفر معه مفيدا ومريحا، فقد جلب معه رواية ( جلال خالد) لمؤلفها " محمود احمد السيد" وهي أول رواية عراقية صدرت عام 1928 وسبب اهتمام صديقتنا سعيد الروضان بهذه الرواية لان بطل الرواية كان قد سافر بحر ا من البصرة إلى بومباي والتقى بالقاص الاشتراكي الهندي ( إف سوامي) "ويحاول الباحث سعيد الروضان اقتفاء اثر القاص محمود احمد السيد وحسين الرحال وبيان مدى تأثير القاص إف سوامي على تجربة محمود احمد السيد القصصية وتجربة حسين الرجال الفكرية" فهي رحلة ثقافية من أدب الرحلات.
الترانزيت الممل
كان علينا ان نقضي وقتا طويلا في مطار الشارقة (7) ساعات حتى نواصل رحلتنا الى الهند، وكيف يمكن ان يمر هذا الوقت بالانتظار سوى مراقبة الناس المسافرين، ولفت نظري مجموعة كبيرة من الفتيات من كينيا الافريقية وقد ازدحمت بهن قاعة الانتظار الترانزيت، سألت احداهن :من اين انتم؟ قالت" من كينيا! واين تذهبون بهذا العدد الكبير؟ قالت: الى لبنان!! من حقي ان اضع الف علامة تعجب ونحن نسمع اخبار لبنان الاقتصادية المنهكة وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية وكساد السياحة وتفشي التضخم والبطالة، فكيف تستقبل لبنان هذا العدد الكبير من صبايا كينيا؟ صوت اعلان النداءات المتكررة يرن بصوت عال معلنا عن الرحلات من الشارقة الى جميع دول العالم سبب لنا صداعا وكآبة ونحن نسمع أسماء الطائرات المخصصة لنقل المسافرين الى كل دول العالم بينما يشعر العراقي بالحرمان والتمييز وعدم السماح له بالسفر الى اكثر دول العالم!
كنا نريد ان نلهي انفسنا بأي شيء، وبما اننا في شهر رمضان المبارك جاء نداء يدعوا المسافرين للتوجه لأستلام وجبة افطار مجانية، تذكرت الكرم العراقي حينما يتبرع العراقيون مجانا بوجبات الطعام في المناسبات الدينية وتتكون من (السمك والدجاج واللحم والشوربة ولحم الكص والكباب والحلويات) ، وحين فتحت علبة الفطور وجدت فيها 4 سمبوسات صغيرة وقدح لبن واربع تمرات فقط)، الكرم العراقي لم يتوقف ابدا لا في الحروب ولا في الحصار ولا في الازمات الاقتصادية المتعاقبة.
الوصول الى دلهي
مع فارق الوقت بين العراق والشارقة والهند استغرقت رحلتنا اكثر من 24 ساعة، تم فورا اخذ قسطا من النوم وتوجهنا نحو الاماكن السياحية في العاصمة الهندية (دلهي) فكانت البداية زيارة معبد (كورودورا بانكالا صاحب) و( معبد لوتوس- قط مينار- بوابة الهند- مبنى البرلمان) بعض المواقع كان مرورا فقط اما (معبد السيخ) و(اثار قطب مينار) فكانت المفاجأة مثيرة سوف نتحدث عنها في المنشور القادم ، ونترك لكم المتعة مع الصور.