الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الــزوجــة الثانية .. حلم الرجل وكــابـــوس المرأة

بواسطة azzaman

الــزوجــة الثانية .. حلم الرجل وكــابـــوس المرأة

 

عادل الميالي

 

 

الزوجة الثانية من الموضوعات المثيرة للجدل داخل الاوساط الاجتماعية، نظراً للتداعيات والآثار النفسية والاجتماعية التي تنشأ عن الصراعات الزوجية، والتي تضع عبئاً كبيراً وثقيلاً على العلاقات الاسرية.

الموضوع اضحى ظاهرة بدأت تطفو على السطح بحيث تستدعي مناقشتها وايجاد الحلول لها .. إذ لا يزال يشكل حلما يراود مخيلة العديد من الرجال بغض النظر عن مستوياتهم وأعمارهم، في حين يمثل مصدر قلق ورعب للعديد من النساء ... تباينت الآراء والرؤى وتنوعت بين مؤيد ورافض حول الاسباب والدوافع الحقيقة، فمنهم من يتبنى الموضوع ويدافع عنه باعتباره حق شرعي اقره الدين الإسلامي،وآخرون يبررونه بدوافع انسانية وحياتية وأخلاقية، في حين يجده آخرون مصدر خطر يهدد الكيان الأسري .

في هذا التحقيق نحاول التعرف على آراء الأشخاص ومن كلا الجنسين، حيث كان محور استطلاعنا يدور حول السؤال التالي : هل الزوجة الثانية كابوس يهدد الحياة الزوجية ؟

خيار مر

بداية جولتي كانت مع الدكتور (علي المرهج) متزوج، إذ يعتقد بأن الزوجة الثانية هو أمر مربك لحياة الزوج والزوجة على حد السواء فهو خيار مر لكنه احياناً يكون اضطرارياً بالنسبة للرجل، وأحيانا خلاص للمرأة اذا كان الرجل لا يرى فيها إلا كائن أنثوي، ولا ينظر لها بوصفها كائن مكمل له، وفي أحيان أخرى يكون خلاصاً للرجل حينما لا ترى المرأة إلا نفسها بحيث تقسو على الرجل بغيرتها وكثرة شكواها من حياتها ورؤيتها لزميلاتها اللواتي هن في أحسن حال منها, من هنا أجد بأن الزواج الثاني هو عبء على الزوج والزوجة وخاصة اذا كان لهما اطفال حيث يكونوا هم الضحية .

 مبررات مقنعة

الأستاذ (فاضل الشمري) يرى بأنه إذا كان الزواج الاول مبني على التكافؤ العلمي والاجتماعي بين الطرفين ويعيشون في حالة انسجام جيدة, فليس هناك مبرر للزوج للتفكير بزوجة ثانية حتى لو كانت هناك بعض المشاكل التي تحدث بينهم، ذلك ان مثل هذه الامور هي طبيعية في الحياة الزوجية, لذا اجد بأن الزواج الثاني يجب ان تكون له مبررات مقنعة، كأن تكون الزوجة مريضة بمرض مزمن يعيق ممارسة نشاطها تجاه زوجها، أو زوجة لا تنسجم مع زوجها ومشاكلهم لاتنتهي وبالتالي يلجأ الزوج إلى امرأة اخرى للتخلص من ذلك، وهناك زواج شبه مقبول وهو ان تكون في الزوجة الاولى عوائق تمنعها من الإنجاب،عدا هذه الحالات فأن الزواج الثاني هو نوع من (البطر) وخاصة للذين لايملكون الامكانيات المادية التي تساعدهم على الجمع بأكثر من زوجة .

ظروف قاهرة 

يقول الدكتور (حيدر حسن)، بأني لا أعيب الزواج الثاني أو تعدد الزوجات، إذ لا ينبغي أن نعترض أو ننتقد ما جاء من عند الله تعالى، ولكن أنا أعرض الاسباب التي تدعوا الرجل للزواج بأخرى ، فهل الرجل يتزوج دون اسباب أم ان هناك مبررات تدفع به للزواج مرة ثانية ؟ وهنا لا انوي أن اغضب أحد أو استفز مشاعره وما اتحدث به هو قصص حقيقية واقعية لاشخاص اعرفهم تزوجوا للمرة الثانية نتيجة ظروف معينة حكمت اختيارهم، فمثلا لدي صديق اجبرته ظروف معينة على الانتقال من مكان الى مكان آخر ، إلا ان زوجته رفضت الانتقال  معه الى مكان عمله الجديد بحجة الاطفال ومدارسهم، على الرغم من انه قدم لها كل وسائل الراحة واراد اقناعها بكل الطرق، لكن لم ينفع حتى اضطر الى تهديدها بالزواج فلم تعر اهمية للموضوع, مما اضطره بالتالي إلى الزواج من امرأة اخرى.

كابوس للطرفين

تشير الشاعرة (صباح نور الصباح)، بان هناك الكثير من الحالات التي يقدم فيها الرجل على الزواج للمرة الثانية نتيجة لحاجات اجتماعية ونفسية واحيانا مصلحية ،وقد يتحقق هذا الحلم عندما يتمكن بالزواج من المرأة التي تكون هي بالفعل قادرة على تلبية تلك الاحتياجات، ولكن هناك حالات اخرى قد يتحول فيها الزواج الثاني إلى كابوس ليس بالنسبة للمرأة بل للرجل أيضا، عندما يصطدم بظروف جديدة تصاحب الزواج الثاني قد لا يكون قادرا على مواجهتها, وهنا تبدا المشاكل التي ترهق كاهل الزوج وتجعله غير قادر على النهوض بمسؤولياته سواء المتعلقة بزواجه الأول أو الثاني, لذلك يبقى الموضوع مرهونا بالاسباب الموضوعية التي تدفع للزواج مرة ثانية، فكلما كانت تلك الاسباب نابعة من صميم الحاجة الفعلية للزوج، وكلما كان الزوج قادرا على ان يكون عادلا في علاقته بالطرفين يمكن ان يكون هذا الزواج ناجحا مكملا لزواجه الأول، أما إذا افتقر الزواج للعوامل الموضوعية والاخلاقية الدافعة اليه وانعدام وجود الاتفاق والتفاهم مع الزوجة الاولى حول الاقدام على هذه الخطوة، وعدم قدرة الزوج على ان يكون عادلا بين الطرفين، فهنا يصبح الزواج كابوسا لكل من الزوج والزوجة .

حق مشروع  

السيدة نجاة مهدي لها وجهة نظر مغايرة في هذا الموضوع, إذ تقول بأن هناك شبه اجماع بين المتزوجات أو العازبات على رفض فكرة الزوجة الثانية رفضا قاطعا كونها حالة تشكل نوع من الانانية وحب الذات وعدم الوفاء والإخلاص, لذا يجب ان ننظر الى الموضوع بحيادية وموضوعية, كونه امر شرعه ديننا الحنيف وليس فيه أي مس بكرامة المرأة وكيانها، ذلك ان هناك حالات أو ظروف تستدعي ذلك ومنها عدم القدرة على الانجاب أو مرض الزوجة بحيث يجعلها غير قادرة على القيام بدورها, أما نظرة المجتمع إلى الزوجة الثانية فأعتقد انها قاسية إلى درجة وصفها بمن يحاول ان يسرق سعادة واستقرار الأسرة، لكن مع هذا تبقى نظرة الرجل على عكس ذلك فهو يشعر بأنه حق مشروع له خاصة اذا كان يتمتع بالاقتدار المادي ، الأمر الذي يجعله يسعى الى تعديد الزوجات.

النظرة المجتمعية

ويجد الدكتور (طه إبراهيم) ، بان الله تعالى قد شرع التعداد في الزواج بالنساء لحكمة بالغة الهدف منها حماية المجتمع من انتشار الرذيلة وصيانة كرامة المرأة، إلا ان لها بعض الجوانب السلبية في نظر البعض بسبب عدم تقبل النظرة المجتمعية للزوجة الثانية، فهناك من ينظر لها بأنها انسانة ظالمة اقتحمت حياة امرأة أخرى لتشاركها زوجها، والقليل يرى أنها انسانة دفعتها ظروفها للقبول بهذا الوضع, وعموما فإنه أحيانا تتسبب المشاكل الزوجية ووجود فجوة بين الزوج والزوجة في رغبة الرجل بالارتباط بزوجة أخرى، إذ يرى انه اضطر ولسنوات طويلة ان يتحمل زوجته من اجل تربية الأولاد، وبطبيعة الحال فان هذه الفجوة تتسع اكثر فاكثر بعد خروج الاولاد من البيت، ولذك يبدا الرجل في البحث عن اسلوب جديد للحياة بعد ذلك, غير ان المرأة الناجحة هي التي تعرف كيف تحتفظ بزوجها إلى الابد ولو طاردته كل نساء العالم .

إباحة التعدد

وللوقوف على رأي الشريعة الإسلامية في ذلك، يشير الدكتور (عبد الجبار زين العابدين) , بأن الإسلام قد أباح التعدد، واشترط له العدل، علاجا لتفاوت الناس في قدراتهم وحاجاتهم النفسية والجسمية، وسبيلا للإحصان والعفاف بفتح باب الحلال  واغلاق باب السّفاح، وقد عدد رسول الله (ص) وصحابته والتابعون وعامة المسلمين من بعدهم ولم نسمع هجوما على التعدد إلا منذ عهد قريب بعد الغزو الفكري لبلاد المسلمين، ونظام التعدد لم يحدثه الاسلام فقد كان موجودا حتى في البيئات التي ترفض التعدد نفسها، يقول المؤرخ الفرنسي الكبيــر (غوستاف لوبون), إن تعدد الزوجات على مثل ما شرعه الاسلام من أفضل الأنظمة وانهضها بأدب الامة التي تذهب اليه وتعتصم به، واوثقها للاسرة عقدا واقواها لأصرتها أزرا ، وسبيله ان تكون المرأة المسلمة اسعد حالا وأوجه شأناَ وأحق باحترام الرجل من أختها الغــربية, من هنا فان على المرأة ان تنظر بعين الرحمة إلى هذا النظام الالهي الذي هو وسيله لحماية المجتمع وليس بفرض، لان النبي (ص) تزوج وأقر في التعدد وفعل ذلك أصحابه، ولا يشتغل النبي (ص) واصحابه إلا بالأفضل .


مشاهدات 1142
أضيف 2022/05/08 - 5:04 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 9:50 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 186 الشهر 9310 الكلي 10052454
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير