الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جيران السعادة والتعاسة لروسيا المتحرشة

بواسطة azzaman

جيران السعادة والتعاسة لروسيا المتحرشة

 

  فؤاد مطر

 

هنالك دولتان في الفضاء الأسيوي _ الأوروبي كابدتا بنِسب متفاوتة في زمن مضى من روسيا الحمراء ولكنهما صمدتا، وإن كانت الجيرة المتفاوتة المسافات العابرة دولة بعد دولة باتت تشكل هاجساً لهما، تعيشان أهدأ حياة فيما روسيا التي أخلعها الرئيس فلاديمير بوتين نهائياً ثوبها الأحمر وها هو محتار في أمر أي لون يصبغ فيه محياها، لا ينطبق عليها المثل الشعبي الجار للجار عملاً بالوصية الرسولية، بالجار السابع بدءاً من الأول.

ملامح السعادة

في الفضاء الأوروبي هنالك فنلندا التي أوجب العمل الصحافي القيام بزيارة لها عام 1979 عايشتُ فيها على مدى بضعة أيام ملامح سعادة على وجوه الناس.

وخلال لقاء برئيس الحكومة مونو كوينستو الذي بات لاحقاً رئيساً للجمهورية وبرئيس البرلمان هيستاري وكذلك بعض المسؤولين في الخارجية والإقتصاد وعدد من المواطنين العاديين لمستُ مدى شعور الناس بالقناعة وبالسعادة عندما لم يعد هنالك تدخل من جانب السوفيات بشؤونهم، وهم بذلك لا يعادون ولا يتقبلون معاداة الجار لهم وتحرشاته وتدخلاته على نحو ما هي أساليب إيران راهناً في ميادين اليمن وبعض دول الخليج ولبنان وسوريا والعراق.

ولكم يتمنى المرء مثل حالنا نحن في لبنان (المصنف أممياً حديثاً ما قبل الأخير في التعاسة تليه زيمبابوي) ومَن هم يعانون ما نعانيه وإن إختلفت الأساليب، يوماً إذا كُتب لنا الحياد يقال عنا إننا مثل الشعب الفنلندي من أكثر الشعوب سعادة في العالم (وعلى نحو ما هو تصنيف الأمم المتحدة يوم الجمعة 18 مارس 2022 شعب فنلندا للسنة الخامسة على التوالي) ومثل هذا المصير ليس صعب المنال عندما لا يعود السلاح ورقة للتعامل الفوقي والإملائي مع قضايا الوطن ولمصلحة الغير الذي تذكَّر أساليب تعاطيه وتحرشاته مع لبنان المثخن بالتناقضات بتعاطي روسيا الحمراء ماضياً مع فنلندا وتعاطي روسيا البوتينية حاضراً مع أوكرانيا.

أما الدولة الثانية فإنها تركمانستان التي كانت أحد أضلاع قيصرية روسيا الحمراء في زمن الترويكا الماركسية يرنو بعض أبنائها الذين إلتقينا في زيارات إلى العراق وسوريا عدداً منهم في الثمانينات إلى أن تكون لهم دولة مستقلة مثل التي نالها الأرمن وتلك التي حظي الشعب الكردي بخطوة متقدمة على طريق الدولة. ولقد نال التركمان ما تمنوا الحصول عليه حيث باتت تركمانستان مع بداية التسعينات دولة مستقلة لها دستور مثل سائر الدول ذات النظام الجمهوري. كما بات التركماني الذي كما الأرمني تجده في كثير من دول الجوار من أفغانستان إلى سوريا مروراً بإيران وتركيا والعراق، يتباهى بوطنه المستقل عن التبعية السوفياتية سابقاً، الهيمنة الروسية حاضراً، ويتطلع إلى أن تكون عاصمة الوطن "عشق أباد" إسماً على مسمى (أي مدينة الحب) وأن يخفف حاكمها رئيس الجمهورية من إقباضه على معظم السُلطات المدنية والعسكرية وبذلك تجد الدولة الغنية بالغاز والنفط والثروات المعدنية دوراً لها في المشهد الدولي الراهن.. مشهد الصراع الدفين على الغاز والثروات الزراعية التي تنتجها حقول الدولة ذات النصف مليون كيلومتر مربع تقريباً فيما عدد السكان (مسلمون عموماً) مثل عدد سكان لبنان ذي المساحة التي هي عشرة آلاف وأربعمئة و52 كيلومتراً مربعاً تحتكر إيران بطبعتها الثورية الإسلامية ثلثاه جنوباً وبقاعاً وبعضاً من العاصمة بيروت.

تفعيل الغضب

وسط هذا الضجيج البوتيني _ البايديني والذي وصلت حدة تبادل التوصيف والإتهامات بين الرئيسيْن اللذين حارت البرية في أمر قيادتهما إلى درجة أن لحظة تفعيل الغضب من أحدهما قد تشعل حرباً لا علاقة لأمم العالم وعباد الله فيها من قريب أو بعيد، تسجل هذه الدولة التي نضيء عليها خطوة حضارية ويحدث ذلك التسجيل فيما القصف الروسي على أهداف في دولة مثيلة لها من حيث الظروف ماضياً وحاضراً، أي أوكرانياً، يتواصل ومن دون أن تردع العقوبات وإستقالات بعض المبدعين والفنانين والرياضيين والإعلاميين رجل القرار الروسي عن أمر كان في إستطاعة وسطاء خير دوليين وخليجيين ترطيبه بأمل إستنباط صيغة حل قد لا تُشبع نهَم الباحثين عن أدوار تاريخية لكنها بالتأكيد تُبقي شعوب العالم في سلام وطمأنينة لا تخالجها هواجس فقدان الغذاء وحق العيش الهادىء تحت سماوات صافية لا تختلط فيها الصواريخ بالغازات السامة.وأما الخطوة الحضارية فتتمثل في مشروع قرار إقترحتْه تركمانستان العضو في الأمم المتحدة "ويدعو جميع الدول الأعضاء (193 دولة) إلى دمْج ركوب الدراجات الهوائية في شبكة النقل العام في المناطق الحضرية والريفية في البلدان النامية والمتقدمة. وكذلك تحسين السلامة المرورية وتعزيز إستخدام الدراجات الهوائية من الأفراد والشركات من أجْل زيادة رحلات الدراجات ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة بما في ذلك الحد من إنبعاثات الغازات...". ويشجع مشروع القرار الدول الأعضاء على إيلاء إهتمام خاص لركوب الدراجات الهوائية في إستراتيجيات التنمية الشاملة بما في ذلك خدمات تقاسُم الدراجات.هكذا مشروع قرار يأتي في زمن تكاثرت فيه قمم الكبار التي تحاول إنقاذ المناخ من الإنبعاثات والبحث عن بدائل تخفف من الضرر الذي تجاوز القدرة على التحمل وذلك بإبتكار السيارة التي تعمل بالطاقة الكهربائية أو الهيدروجين الأخضر ولكنها بدائل تعني مجتمع صناعة السيارات والطائرات فيما الحاجة ماسة إلى حلول على درجة من التبسيط، من بينها هذا الذي جاء من دولة مهمشة في مجتمع أهل القرار الدولي، ثم ها هي في الإقتراح الذي تقدمت به تلقى إجماع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة على إقراره ومن دون أن تأتي إشارات إعتراض عليه من دوائر وممثلي أصحاب الفيتو في المنظمة الأممية.في بريطانيا وبعض دول القارة الأوروبية هنالك إقبال متدرج على إعتماد الدراجة الهوائية وسيلة للتنقل. وهنالك دراجات صُنعت للنساء الأمهات بحيث هنالك مقعد آمن للطفل أو الولد وراء مقعد الأم، كما هنالك حيز توضع فيه المشتريات من "السوبر ماركت". وهنالك أيضاً آباء يوصلون أولادهم الصغار إلى المدارس من خلال إستعمال الدراجة الهوائية.يوماً بعد آخر سينحسر إستعمال السيارات وتصفو السماء من إنبعاثات الغاز والدخان ولا يعود الضجيج على ما هو عليه. وستكون الدراجة الهوائية وسيلة تنقُّل آمن. وحتى الذين يتحركون في شوارع مدنهم وبالذات بيروت في مواكب عدة سيارات بدل السيارة الواحدة وقد تم حجب النوافذ بزجاج قاتم للتمويه، ربما يرون أن من مصلحتهم إعادة النظر والتحرك مثل سائر مستعملي الدراجات الهوائية.خلاصة التأمل في المشهد الحاصل أمامنا: أوكرانيا الأتعس. وفنلندا الأسعد. في إنتظار مصير أوكراني مثيل لمصير الحياد الفنلندي ينجو العالم وتستقيم الأمور وتبقى تبعاً لذلك كفتا ميزان القوى: الشرق شرق والغرب غرب.. ويتعايشا.


مشاهدات 708
أضيف 2022/03/22 - 5:10 PM
آخر تحديث 2024/06/28 - 6:30 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير