الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قبلة على جبين أم‮ ‬غالب

بواسطة azzaman

قصة قصيرة

قبلة على جبين أم‮ ‬غالب

مزهر الخفاجي

سبيعينه لم‮ ‬ينحني‮ ‬هامها‮ .... ‬وان انحنت هامتها للونين ولفقد الاحبه‮ ... ‬فهي‮ ‬كانت قد ودعت ابا‮ ‬غالب‮ ‬
قائلة ؛
وين تريد‮ ...‬العمر سبحة‮ ‬يسر‮ ‬
    وانگطعت من الايد‮ ...‬وين تريد ام‮ ‬غالب‮ ..‬كانت قد انجبت سبعة‮...‬كانت عند رحيل زوجها تشد حيازيمها او كما‮ ‬يقول اهل العزم كانت‮ (‬سد مسد‮) ...‬تنتخي‮ ‬بالواحد الاحد‮ ...‬وتشد بطنها بخبزة الخيرين‮ ..‬رغم سبعينيتها لم تفقد ام‮ ‬غالب همتها ولم ترُخي‮ ‬شيلتها لاحد‮..‬
ورغم حاجة السبعه من ابنائها الكثيرة لكنها‮  ‬لم تطلب عوناً‮ ‬من احد الا من الله‮ ...‬وكانت حين تفتر همتها تتوزر‮ (‬بجرغدها‮) ‬او شالها الاسود لتهزم خطار العوز‮ ..‬فخرية:كانت فخر مدينتها‮..‬ام‮ ‬غالب كما‮ ‬يحلو لها لن تسمى كانت كثيراً‮ ‬ماتمسك صورة ابو‮ ‬غالب مخاطبه اياه؛
رأيت العُمر تبكيهِ‮ ‬الورودُ
              وتبكيهِ‮ ‬المحَنة والخدودُ‮ ‬
هي‮ ‬الساعاتُ‮ ‬تأخذنا سَريعاً‮ ‬
              الى شيبً‮ ‬ترافقهُ‮ ‬العقودُ
فلاخل‮ ‬يدوم ولاصديقٌ
                  ولاظل‮ ‬يدوم ولا عودُ
كانت ام‮ ‬غالب وجه لايعرف الغضب ولا‮ ‬يكظم الحقد وان عز عليها البعض بالشماته فهي‮ ‬مثل العراق‮ ..‬
يدها مبسوطة للعدو قبل الصديق‮ ..‬فهي‮ ‬ام الولد وليس ام ولد‮ .. ‬رفضت المقبلين على‮ ‬يدها رغم صغر سنها‮ ..‬
لم‮ ‬يخذلها ربها حين تدعوه‮ ..‬فحاشى الله‮ ‬
ولم تقبل عطايا اهلها‮ ...‬والطيبين ابداً
كانت قد اعدت اولادها الصغار لتدفع بهم للحياة والعمل مع فقراء اهلها‮...‬في‮ ‬العراق ومااكثرهم‮ ..‬كانت قد امسكت بغالب‮ .. ‬ودفعته للعمالة‮ (‬عامل بناء‮)..‬
وداوود اخذت به ليبيع المناديل ورحومي‮ ‬ليقف امام واحدة من مستشفيات المدينه لبيع الماء‮ ... ‬
كانت تودعهم كأم عصافير تطلقهم من قفص البيت الى فضاء الحياة وتستقبلهم حين‮ ‬يعودون محملين بما جادت به جباههم كانهم فخاتي‮ ‬الكاظم وحين‮ ‬ينتهي‮ ‬مساءهم تاخذهم بيدها قانعه بما تثمر من رزق حلال‮...‬ام‮ ‬غالب لايعرف اطفالها لمَ‮ ‬تنثر امهم شعرها‮ (‬وتردح‮ ) ‬وحدها من كثر حزنها وشكواها‮ ..‬حين‮ ‬يغني‮ ‬داخل‮ ..‬
(ظلت لما موت‮ ...‬ظلت لما موت‮)‬
حسرة الك بلدلال‮ .. ‬جانه شلون‮ ‬ياخلق الله‮ .‬
اولادها الصبيان كانوا‮ ‬يحزنون حين‮ ‬يرون امهم تمارس‮ (‬يوغاها‮ ) ‬الجنوبية نشيج صوتها‮ ‬يقطع قلب اولادها فهي‮ ‬كالكاهنة‮ (‬الناديتم‮ /‬الكاهنة المرتلة‮) ‬السومرية‮ .. ‬حتى ان جدار بيتها واصوات اولادها الصغار‮ ‬ينوحون معها كأنه طقسهم اليومي‮ ‬الغرائبي‮ ...‬
وحين تضرب الاحزان اطنابها في‮ ‬قلب ام‮ ‬غالب‮ ..‬يشتد شجن المحنه عند الجميع فتصوب وجهها نحو مرقده في‮ ‬وادي‮ ‬السلام وتخاطبه‮ (‬ابو‮ ‬غالب اولادك امانه‮ ‬_الخلف لم‮ ‬يمت‮ .. ‬وانت لم تمت‮) ‬
فتنعيه بصوتها الرخم قائلة‮... ‬
 ياحمال اخذني‮ ‬وياك‮ ‬ياحمال‮ ‬
شظايا الحسره كتلتني‮ ..‬وگلوب البشر تمثال
ياحمال‮ ..‬احنه كبار نمشي‮ ...‬وعدنه كومة اطفال‮ ‬
كل ليلة تمر تاخذ بقايا‮ ...‬الروح‮ ‬
وهموم الليالي‮ ‬اثقال‮ ..‬ياحمال‮ ..‬ياحمال تمضي‮ ‬الايام وتتعاقب السنين‮ ..‬تاخذ حرب الثمانين مع ايران قدم احد اولادها الفقراء‮ ... ‬
ويأخذ الحصار التسعيني‮   ‬الكثير من اطفالهِ‮ ..‬كلما جار عليها الدهر‮ ..‬توسلت ربها بشفاعه كل الغرباء والاولياء ان‮ ‬يخفف عنها الرب حسرتها‮ ‬
وكلما كبر احد اولادها السبعه‮ (‬عللته‮) ‬بلفرح الغائب ودعت له مثلما دعت لكُل العراقيين بلفرج‮...‬كانت ام‮ ‬غالب تجود‮ ..‬للاخرين رغم شح ذات اليد وتذلل وجع قريباتها وألمهن المستشري‮ ‬من كل صوب بسيب فقد حبيب او زوج او اب او حين‮ ‬يخيم الجوع بلياليه الگشر اللذين خطفتهم الحروب والحصارات‮ ... ‬فهي‮ ‬عرفت بكبريائها وهي‮ ‬لاتطلب من الاخرين ان‮ ‬يعطفو عليها او ان‮ ‬يمنوا عليها بالشفقه‮  ‬فتقول عنها صاحبتها ام حميد‮( ‬تريد من الاخرين اهلاً‮  ‬او جيران‮ )‬الاصول وليس المحصول فالاصول ان‮ ‬يسود الحب فيعم العراقيين الخير والمحصول زرعُ‮ ‬كُل العراقيين الذي‮ ‬تباهي‮ ‬به العالم وتقصد الستر والعافيه‮... ‬تكرر الفقيرة ام‮ ‬غالب‮ (‬السنا بنات ابائنا الاجاويد‮) ‬وهي‮ ‬لاتريد المحبة الرديئة التي‮ ‬كأنها مصنوعه في‮ ‬الصين السبعينية ام‮ ‬غالب مازالت باسقة،‮ ‬باشطة‮ ‬،‮ ‬نادرة‮ ...‬بنت ابوها فقد شدت وزرتها حين علمت ان ابنها عبدالله قد نصب خيمة له في‮ ‬التحرير‮  ‬مع التشرينيين‮  ..‬وخذلانه لها كونه‮ ‬غاب ولم‮ ‬يخبرها لكنها علمت اخباره من ابنتا البكر‮ ‬غالب‮...‬
قالت لحفيدها علي؛‮ ‬
يايمه‮ ...‬اخذني‮ ‬لعمك ابو حيدر‮  ‬اليوم صورته عنت علية
 ونحبت بصوتها الشجي‮ :‬
بفراگهم جمره بدليلي‮.... ‬وافرش صورهم بنص شليلي‮ ...‬
وابجيلهم‮ ...‬وگفه على حيلي‮ ‬
حين وصلت ام‮ ‬غالب‮ ..‬الى حيث تجمع فقراء العراق وطلابه وباعته وشبابه من اهل الغيرة‮ ..‬تلقفها اهل‮ (‬التكاتك)كأنها اميرة سومرية‮ ... ‬واحاط بها حشد الغيورين من فقراء وجياع العراق من كل مكان‮ ..‬وقبلوا‮ ‬يديها لقد قبلها الجميع وقالت‮ (‬يمه كلكم‮ ‬غالب وعبدالله‮) ‬
غالب العراق الذي‮ ‬كان عقاب العرب‮ ..‬وناموس‮ ‬غيرتهم لا همه جوع ولابرد‮  ...‬هذا العراق لن‮ ‬يموت ابدا‮... ‬بكم‮ ‬يعيش وبكم‮ ‬يبقى‮ ‬ياعشاق الحرية تصاعد صوتها وتساقطت دموع الجميع‮  . ‬
وين تريد جربت الحياة سنين وسنين‮ ‬
خلصنه دمع والله دمع‮ ‬
احنه نحب نبجي‮ ‬ذكرناك وبجينة‮ ‬
وعطشانه الفصوص وباجر تطيح‮ ‬
جربت الحياة سنين وسنين وضاعت سنين‮ ‬
انه وياك‮ ‬يبني‮ ‬والعراق مثل اطفال بلعيد‮ ‬
اجو حفاي‮ ‬من صوت المراجيح‮ ‬
انه مخلص صبر تدري‮ ‬اصبرنك بعد بيش اسألك‮ ‬ياعراق شوكت نرتاح؟


 


مشاهدات 1257
أضيف 2021/01/30 - 11:24 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 12:15 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 303 الشهر 7871 الكلي 9369943
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير