الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مع المسيحية   (1)

بواسطة azzaman

مع المسيحية   (1)

بيوس قاشا

 

يظن بعض الناس وخاصة في شرق أوسطنا أن يسوع ليس إلا شخصية اختلقها المسيحيون، فهم يعتبرون وجود المسيح أمر مشكوك فيه وخاصة في عالمنا حيث البشرية لا تفتش إلا عن التقدم العلمي والتكنولوجي والإنساني والدنيويات والماديات. وما أكثر الذين على مرّ التاريخ حاولوا حصر المسيح في دائرة تصوراتهم البشرية المحدودة والمريضة بل والمشوِّهة لحقيقته، وسبب ذلك أنهم لم ينفذوا إليه إلا من زاوية منطق بحت ووفق عالمنا المادي والدنيوي والمنظور وهم يسألون: لماذا حمل المسيح الصليب وحمل بذلك خطيئة العالم؟ ما ذنبه هو؟ ولماذا أحبّ الله العالم بهذه الصورة؟ وبموت الابن على الصليب صالَحَ الله الآب؟ لماذا الصليب؟ هل يستحق كل هذا أم لا؟ أليس الموت الطبيعي هو الحل الأكثر غاية ويقولون إنه تكلم عنه الأنبياء؟ كما يقولون كيف تجسد الله؟ وهل يتجسد الله ويكون له ابن؟ كل هذه الأسئلة وأخرى تراود أفكار شعوبنا في الفكر العربي عامة والإنسان الغير المسيحي في بلدنا. لذا أمام هذه الأسئلة أجيب على قدر طاقتي وإيماني وحسب معرفتي المحدودة لعلّي أروي عدداً من الأنفس التي تفتش عن المسيح لحرية إيمانها والعمل بما تؤمن وبكل حرية وحرارة، فإلى ذلك أجيب فأقول:

إن المسيحية ليست نظرية أو آيديولوجية أو عقيدة وكما ليست تعليماً أخلاقياً كما هي ليست شرائع وقوانين من وضع البشر فحسب بل هي شخص حي لا يموت. إنه الكلمة التي أُرسلت من الله، إنه يسوع الناصري، إنه الرجل الذي دخل التاريخ البشري والإنساني، فإنسانيته الموجودة في كل إنسان تشبه إنسانية كل إنسان، كما أن كل إنسان يوجد فيها. فعندما نعلن في اللاهوت المسيحي أن المسيح إنسان بكل معنى الكلمة كما هو إله بكل معنى الكلمة فذلك نعمته المخلِّصة تمتدّ إلى البشرية جمعاء.

عنصر اساسي

فالبابا بندكتس السادس عشر يقول:»من الضروري أن نقود إنسان اليوم إلى اكتشاف الوجه الحقيقي لله الذي كُشف لنا في وجه يسوع المسيح» (28 آب 2005). لذا فمسيحية المسيح حاضرة وفاعلة في كل إنسان أيّاً كان، كما أن العنصر الأساسي لوحدة البشر جميعاً فيما بينهم، لذا فإن أقامت فئة من الناس علاقة معه فهذا لا يعني أنه بموجب هذه العلاقة يجب أن يقطع علاقته مع سائر الناس ذلك لأنه كإله كامل متّحد بالإنسان الكامل. والمؤرّخان الرومانيان «بليني Pliny» و»تاسيتوس Tacitus» - اللذان عاشا في القرن الأول – يصفان المسيحيين الأوائل بقولهما أنهم من أتباع رجل يدعى يسوع، صُلب على عهد بيلاطس البنطي – الحاكم الروماني – آنذاك لكنه قام من بين الأموات، ويقولان: أن أولئك المسيحيين كانوا يصلّون إلى يسوع كأنه إله وقد زادت هياكل الأوثان وشهدت هجرة ملحوظة إذ أن عدد الذين صاروا مسيحيين كان في تزايد مطّرد. فالمؤرخ اليهودي «يوسيفوس Josephus» – الذي عاش في تلك الآونة وكان يكره المسيحيين – وصف بالتفصيل حياة يسوع وتعاليمه وموته وقيامته كحقائق لا شكّ فيها وغير قابلة للأخذ والردّ، إذ يقول عن يسوع «إنه رجل عظيم وحكيم وصنع المعجزات وهذا ما يجعله يدخل التاريخ وتاريخ شعب آمن به لكونه كلمة الله». نعم، إن ملايين المسيحيين على مرّ القرون يعلنون معرفتهم ومحبتهم للمسيح ويعترفون بالتغيير الذي حصل لهم نتيجة إيمانهم به وما عمله يسوع في حياتهم إذ وجدوا التحقيق الكامل لما بحث عنه الإنسان، فقد كان لهم الحقيقة المطلقة وأصبح لهم الطريق الذي يقود إلى الله الحقيقي، الله الآب، فقد وجدوا في شخص يسوع كل البحث الإنساني إذ لا يمكن للإنسان أن يصل إلى معرفة الله بوسائله الخاصة فإنما وجدوا ذلك عبر شخص يسوع المسيح دليل على وجود الله عبر محبته للإنسان. فلا يمكن للإنسان أن يجد الحقيقة إلا في الله وفي شخص أتى من الله وهو الله بالذات إذ قال يوماً:»أنا والآب واحد» (يو30:10) وبفضله يشعّ نور المسيح للبشرية جمعاء عبر محبته للناس إذ قال:»إنكم تلاميذي» (يو34:13).

وهذه بعض المعلومات عن المسيح يسوع أُدرجها إليك أيها القارئ لتعرف صحة ما قلتُه، وتعلم أن ذلك كان حسناً. وأكتب إليك بإيجاز لكي تعرف كل الأمور وتطلّع على الحقيقة التي حملها إلينا فآمنّا بالمسيح، هذا الرجل العظيم الذي دخل التاريخ البشري، إنه كلمة الله التي أُرسلت إلى مريم. عيد الميلاد: إن عيد الميلاد هو المعروف والأشهر في العالم بسبب أخذه بعداً عالمياً وهو الأحب إلى قلوب الأطفال والناس وفيه يجعل من الطفل الصغير إذ يوزع الهدايا على الأطفال الصغار مع القداديس التي تقام في هذه المناسبة الكبيرة ويسمى هذا العيد بعيد الكلمة، أو عيد التجسد، حيث المسيح كما يؤمن المسيحيون إنهم يؤمنون بكلمة الله التي أصبحت جسداً كما يقول يوحنا الحبيب «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله والله كان الكلمة. به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان» (يو1:1-3).

يحتفل جميع المسيحيين بهذا العيد وإن كان بتواريخ مختلفة حيث يحتفل الكاثوليك في ليلة 24 على 25 ديسمبر من كل عام، ويحتفل الأرمن يوم 6 كانون الثاني كما تحتفل الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية يوم 7 كانون الثاني والإنجيل المقدس يكتفي بتجديد الإطار الجغرافي والتاريخي لميلاد المسيح الحي فالتفاصيل لا تهمه كثيراً إنما يركز على شخصية يسوع هذا الطفل كونه المسيح الرب.

لقد كانت الكنيسة تحتفل سابقاً بهذا العيد فلكيما تؤكد على حقيقة إنسانية الكلمة الذي هو يسوع المسيح إزاء أولئك الذين كانوا يشكّون فيها وينكرونها باعتبارها صورة إنسانية صورية لا حقيقة.

واحتفالنا بهذا العيد بفترة صيام قصيرة استعداداً له وللاحتفال به إذ أنه أحد الأعياد الكبرى في المسيحية وما يميز هذا العيد عن الأعياد الأخرى هو تحضير المغارة التي توضع والتي وضعها للمرة الأولى مار فرنسيس عام 1220 كما ينصبون الشجرة وحالياً تسمى شجرة الميلاد وتتزين بها البيوت والتي أصبحت اليوم حيث قام بنصبها جميع السكان بينما كانت تنصب سابقاً في كل بيت من بيوت المسيحيين إضافة إلى الكنائس كلها كذلك لا زالت عادة استقبال شخصية عزيزة على قلب الأطفال وقريبة إلينا جميعاً لا سيما أطفالنا ألا وهي شخصية بابا نوئيل الذي يجلب ويقوم بتوزيع الهدايا للأطفال بهذه المناسبة السعيدة فتكون فرحة الأهل مع أطفالهم ويكون العيد ليس فقط الصلوات الخاصة والاحتفال الديني فقط بل أيضاً احتفال الأطفال الصغار بفرحتهم بهداياهم. ولكن لنعلم أن العيد ليس عيداً دنيوياً ولكن عيد سماوي حيث الكلمة تجسد بيننا ورأينا مجده مجداً عظيماً (يو14:1)... (وإلى الحلقة الثانية)

 

 مسؤول كنيسة مار يوسف للسريان الكاثوليك

 

 


مشاهدات 69
الكاتب بيوس قاشا
أضيف 2025/01/09 - 1:56 AM
آخر تحديث 2025/01/10 - 2:20 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 60 الشهر 4405 الكلي 10094370
الوقت الآن
الجمعة 2025/1/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير